هل يُخفي جليد المريخ سر الحياة؟ اكتشاف علمي مدهش داخل دوامة الكوكب القطبية
في اكتشاف علمي مثير، رصد فريق من الباحثين من جامعة أكسفورد، بالتعاون مع وكالتي الفضاء الأوروبية وناسا، تغيرات فريدة تحدث داخل الدوامة القطبية الشمالية على كوكب المريخ، حيث تتجمد كميات ضئيلة من بخار الماء، مما يؤدي إلى ارتفاع حاد في تركيز الأوزون داخل الغلاف الجوي للكوكب الأحمر.
تاريخ الغلاف الجوي للمريخ
وأوضح الدكتور كيفن أولسن، من جامعة أكسفورد، خلال عرضه النتائج في المؤتمر العلمي الأوروبي EPSC-DPS 2025 في هلسنكي، أن درجات الحرارة داخل الدوامة القطبية تنخفض بنحو 40 درجة مئوية مقارنة بالهواء المحيط خارجها، ما يتسبب في تجمّد بخار الماء وسقوطه على القطب الشمالي للمريخ على شكل جليد.
اقرأ أيضا: إيلون ماسك يحقق حلمه الكبير.. "ستارشيب" تقترب من المريخ بخطوة تاريخية (فيديو)
وبيّن أن هذا الانخفاض الحاد في الرطوبة يؤدي إلى توقف التفاعلات الكيميائية التي عادة ما تدمر جزيئات الأوزون، حيث تُفكك الأشعة فوق البنفسجية بخار الماء إلى جزيئات تتفاعل مع الأوزون وتفنيه.
لكن مع تجمّد بخار الماء تمامًا، تتوقف هذه التفاعلات، مما يسمح للأوزون بالتراكم داخل الدوامة دون عائق.
وأضاف أولسن: "يُعد الأوزون مؤشرًا مهمًا على النشاط الكيميائي في الغلاف الجوي للمريخ، وفهم تقلباته يساعدنا على معرفة كيف تغيّر الغلاف الجوي للكوكب مع مرور الزمن، وربما ما إذا كان يمتلك يومًا طبقة أوزون واقية مثل الأرض".
ويعتقد العلماء أن هذا الاكتشاف يمكن أن يفتح نافذة لفهم ماضي الكوكب الأحمر، إذ إن وجود طبقة أوزون كثيفة في الماضي كان من شأنه أن يحمي سطح المريخ من الأشعة فوق البنفسجية، مما قد يجعل بيئته أكثر ملاءمة لظهور أشكال أولية من الحياة.
وتسعى وكالة الفضاء الأوروبية إلى مواصلة دراسة هذه الظواهر عبر مهمة مركبة "إكسو مارس روزاليند فرانكلين" ExoMars Rosalind Franklin، المقرر إطلاقها في عام 2028، حيث ستتولى المركبة البحث عن دلائل على الحياة القديمة على سطح المريخ، إلى جانب تحليل تركيب تربته وغلافه الجوي بدقة عالية لتفسير تطور كيميائه عبر الزمن.
كيف تتشكل الدوامة القطبية على المريخ؟
تتشكل الدوامة القطبية في المريخ مع نهاية الصيف الشمالي نتيجة ميل محور الكوكب بمقدار 25.2 درجة، ما يؤدي إلى انحباس الهواء البارد فوق القطب وخلق دوامة قوية تستمر طوال فصل الشتاء.
وفي بعض الحالات، يمكن أن تتزعزع الدوامة وتتحرك جنوبًا، كما يحدث أحيانًا في الأرض، مما يمنح العلماء فرصة نادرة لدراسة مكوناتها الداخلية.
وخلال شتاء المريخ الطويل، يغيب ضوء الشمس تمامًا عن القطب الشمالي، مما يجعل دراسة هذه الظواهر أكثر صعوبة، إذ لا يمكن استخدام أجهزة الرصد التي تعتمد على ضوء الشمس مثل نظام التحليل الكيميائي الجوي (ACS) المثبت على مركبة إكسو مارس تريس غاز أوربيتر.
وللتغلب على هذه التحديات، استخدم الفريق العلمي جهاز "مارس كلايمت ساوندر" Mars Climate Sounder المثبّت على مركبة "مارس ريكونيسانس أوربيتر" Mars Reconnaissance Orbiter التابعة لوكالة ناسا، بهدف رصد التغيرات في درجات الحرارة وتحليلها لتحديد امتداد الدوامة القطبية على المريخ ومواقع طبقاتها الداخلية بدقة.
وقال أولسن: "عندما لاحظنا انخفاضًا مفاجئًا في درجات الحرارة، علمنا أننا داخل الدوامة، ومن خلال مقارنة البيانات بين الأجهزة الأوروبية والأمريكية، استطعنا رسم خريطة دقيقة للغلاف الجوي داخلها".
ويؤكد العلماء أن هذا الاكتشاف يمثل فرصة فريدة لفهم التفاعلات الكيميائية في الغلاف الجوي للمريخ، وكيف يمكن لعوامل مثل الظلام الدامس والجفاف الشديد أن تُعيد تشكيل مكونات الهواء بطرق قد تكشف أسرار الحياة القديمة على الكوكب الأحمر.
