هل يمكن لأفلام الرعب أن تحسّن صحتنا النفسية؟
كشفت دراسة حديثة نُشرت في دورية Philosophical Transactions of the Royal Society B أن أفلام الرعب ليست مجرد وسيلة للترفيه، بل يمكن أن تكون أداة فعالة لتدريب الدماغ على التعامل مع الخوف. الباحثون وصفوا هذه التجربة بأنها "بيئة آمنة لاختبار عدم اليقين"، حيث يتعرّض المشاهد لمواقف مفاجئة ومثيرة، مما يدفع الدماغ إلى التعلّم من الأخطاء التنبؤية.
الدراسة استندت إلى نظرية "المعالجة التنبؤية" في علم الأعصاب، والتي ترى أن الدماغ يعمل باستمرار على توقع ما سيحدث، وعندما يواجه مفاجآت، يعيد ضبط استجاباته. هذا التفاعل يجعل المشاهد يختبر الخوف دون خطر فعلي، مما يعزز قدرته على التكيّف مع المواقف غير المتوقعة في الحياة الواقعية.
كيف تساعد أفلام الرعب على تنظيم المشاعر
أوضحت الدراسة أن مشاهدة أفلام الرعب تتيح للمشاهد فرصة مراقبة ردود فعله الجسدية والعاطفية في لحظات الخوف، مثل تسارع ضربات القلب أو التعرّق، مما يساعده على فهم كيفية إدارة هذه المشاعر بوعي. هذا النوع من التفاعل يشبه تمارين التأمل أو الوعي الذاتي، حيث يتدرّب العقل على تهدئة نفسه في مواجهة التوتر.
الباحثون أشاروا إلى أن هذه التجربة قد تقلّل من حساسية الفرد تجاه المواقف المقلقة، وتمنحه أدوات نفسية تساعده على التعامل مع الضغوط اليومية بشكل أكثر توازنًا. الجرعة المعتدلة من الرعب، بحسب الدراسة، يمكن أن تكون مفيدة في تعزيز مرونة الدماغ وتنمية مهارات تنظيم المشاعر.
العلاقة بين أفلام الرعب والقلق النفسي
رغم الفوائد المحتملة، حذّرت الدراسة من أن الإفراط في مشاهدة أفلام الرعب قد يكون له آثار سلبية، خاصة لدى الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات القلق أو لديهم تجارب سابقة مع الصدمات النفسية. في بعض الحالات، قد تؤدي هذه المشاهد إلى تعزيز الشعور بأن العالم مكان غير آمن، مما يزيد من التوتر بدلاً من تخفيفه.
اقرأ أيضاً القلق والدوخة قد يكشفان عن ورم نادر.. دراسة جديدة تُثير الانتباه
ومع ذلك، فإن المشاهدة الواعية والمعتدلة يمكن أن تحوّل تجربة الرعب إلى وسيلة فعالة للتنفيس العاطفي، حيث يشعر المشاهد بأنه يتحكم في مصدر الخوف. الباحثون خلصوا إلى أن أفلام الرعب، إذا تم التعامل معها بوعي، يمكن أن تكون أداة نفسية مفيدة لتقوية العقل وتحسين القدرة على التكيّف مع المفاجآت الحياتية.
