أخيرًا حل العلماء اللغز: كيف تصنع الشمس أمطارها النارية؟
في اكتشافٍ علمي مذهل يكشف جانبًا خفيًا من فيزياء الشمس، أعلن باحثون من معهد علم الفلك بجامعة هاواي أنهم نجحوا في تفسير لغز المطر الشمسي، تلك الظاهرة التي حيّرت علماء الفلك لعقود.
فرغم أن الشمس تُعد كرةً نوويةً ملتهبة تبلغ حرارتها ملايين الدرجات، فإنها تشهد بالفعل هطولًا لمطرٍ فريدٍ من نوعه، لا يتكون من ماء، بل من بلازما فائقة الحرارة تسقط من الطبقة الخارجية للشمس المعروفة باسم "الهالة الإكليلية".
أمطار على الشمس
تتشكل هذه الأمطار الإكليلية عقب التوهجات الشمسية العنيفة، حيث تبرد كتل البلازما الكثيفة فجأة، وتنهار داخل الحلقات المغناطيسية العملاقة للشمس في مشهد يشبه المطر، لكنه يحدث على نطاق كوني. تصل أطوال هذه الأقواس النارية إلى ما يعادل خمسة أضعاف قطر الأرض، وتتحرك بسرعة مذهلة عبر الغلاف الجوي الشمسي.
وحتى اليوم، ظلّ العلماء عاجزين عن تفسير سبب تشكّل هذه الأمطار بتلك السرعة، لكن الدراسة الجديدة، المنشورة في "مجلة الفيزياء الفلكية The Astrophysical Journal"، تقدم تفسيرًا غير مسبوق، فالتوزيع غير المتساوي للعناصر داخل الهالة هو العامل الحاسم وراء الظاهرة.
فك لغز الأمطار على الشمس
يقول الباحث لوك بينافيتز، طالب الدكتوراه في معهد علم الفلك وأحد المشاركين في الدراسة: "كانت النماذج السابقة تفترض أن توزيع العناصر في الهالة ثابت عبر الزمان والمكان، وهو ما اكتشفنا أنه غير صحيح".
وعند إدخال تغيّرات في وفرة العناصر مثل الحديد والمغنيسيوم والسيليكون في المحاكاة الحاسوبية، بدأت الأمطار الإكليلية بالتكوّن خلال 35 دقيقة فقط، مقارنةً بالساعات الطويلة التي كانت تتطلبها النماذج القديمة.
ويشرح بينافيتز أن ارتفاع تركيز العناصر الثقيلة يزيد من فقدان الطاقة الإشعاعية في مناطق معينة من الهالة، مما يؤدي إلى انخفاض مفاجئ في درجة الحرارة وتكثّف البلازما إلى قطرات "مطر شمسي".
اقرأ أيضا: اكتشاف كويكب جديد قريب من الأرض يختبئ في وهج الشمس
يقول عالم الفلك جيفري ريب، المشارك في البحث: "هذا الاكتشاف لا يفسر فقط كيفية تشكّل الأمطار الشمسية، بل يغيّر أيضًا نظرتنا إلى آلية تسخين الهالة نفسها".
وأضاف أن النتائج تفتح الباب أمام إعادة تقييم فهم العلماء لطبقات الغلاف الجوي الشمسي، وربما تصحيح النماذج الأساسية لتدفّق الطاقة في الشمس، وهو ما قد يُحدث تحولًا في علم الفيزياء الفلكية بأكمله.
