أطول جسر غازي بين مجرتين.. اكتشاف يعيد رسم خريطة الكون
في اكتشاف فلكي نادر، كشف فريق من العلماء عن "جسر كوني" ضخم من الغاز، يربط بين مجرتين قزمتين تبعدان نحو 53 مليون سنة ضوئية عن الأرض، على أطراف عنقود العذراء، الذي يضم أكثر من ألف مجرة.
يمتد هذا الجسر على مسافة تقارب 185 ألف سنة ضوئية، أي ضعف قطر مجرة درب التبانة تقريبًا، ويُعد أحد أطول الهياكل الغازية المكتشفة بين مجرتين صغيرتين.
اكتشاف جسر كوني بطول 185 ألف سنة ضوئية
المجرّتان المعنيتان، NGC 4532 وDDO 137، تُشبهان في تفاعلهما مجرتي سحب ماجلان الصغرى والكبرى، اللتين تدوران حول درب التبانة، إلا أن هاتين المجرتين القزمتين تسافران بشكلٍ مستقل في الفضاء، ويبدو أنهما في طريقهما إلى الاندماج داخل عنقود العذراء.
تم رصد الجسر بواسطة تلسكوب مصفوفة الكيلومتر المربع الأسترالي (ASKAP) ضمن مشروع WALLABY، الذي بدأ مسح نصف الكرة الجنوبي عام 2022.
وبإعادة تحليل البيانات، لاحظ الباحثون وجود جسر غازي مستقيم بشكل شبه مثالي يربط بين المجرتين، يتكوّن من غاز الهيدروجين المحايد، وهو العنصر الأساسي لتكوين النجوم، كما اكتشفوا خلفه ذيلًا مجريًا هائلًا بطول 1.6 مليون سنة ضوئية، وهو الأطول الذي يُرصد حتى اليوم.
يقول البروفيسور كينجي بيكي من جامعة غرب أستراليا، والمركز الدولي لأبحاث علم الفلك الراديوي (ICRAR): "يلعب الهيدروجين المحايد دورًا حيويًا في تكوين النجوم، لذا فإن هذا الاكتشاف يُساعدنا على فهم كيفية تفاعل المجرات الصغيرة وتطورها في بيئات مزدحمة مثل عنقود العذراء".

ويُرجح العلماء أن الجسر تشكّل نتيجة اصطدام قريب بين المجرتين قبل أكثر من مليار عام، حيث سحبت قوى الجاذبية كتلة ضخمة من الغاز من المجرة الأصغر نحو الأكبر، مشكّلةً الجسر الحالي.
أما الذيل الطويل فيُعتقد أنه نتاج ظاهرة تحدث عندما تتحرك المجرات عبر سحب من الغاز الحار جدًا داخل العناقيد المجرية، فتُجبر على فقدان غازها بفعل الاحتكاك الشديد.
تحليل الجسر الكوني الجديد
يصف ليستر ستافلي-سميث، قائد الفريق من جامعة غرب أستراليا، الظاهرة قائلًا: "يشبه الأمر احتراق الغلاف الجوي عندما يعود قمر صناعي إلى الأرض، لكن هنا يمتد التفاعل على مدى مليار سنة".
اقرأ أيضا: جسم غامض من خارج نظامنا الشمسي يغير قواعد علوم المعادن في الفضاء
ويأمل الباحثون أن يُسهم تحليل هذا الجسر والذيل في تفسير كيفية فقد المجرات لغازها، وتحوّلها عبر الزمن، وهو عامل أساسي في تحديد ما إذا كانت المجرات تستمر في تكوين النجوم أم تتحوّل إلى أنظمة خامدة.
ويُعد هذا الاكتشاف خطوة جديدة نحو فهم أكثر عمقًا لديناميكيات المجرات وتفاعلاتها عبر الكون، وكيف تُعيد هذه الجسور الغازية رسم خريطة الحياة النجمية في الفضاء السحيق.
