النرجسي الأناني أم النرجسي المغرور.. من يبدو أصلح للقيادة؟
أعادت دراسة نفسية حديثة تعريف الصورة الذهنية للنرجسي، كاشفةً أن الناس يتخيلون نوعين مختلفين من الوجوه النرجسية: أحدهما يُجسّد الأنانية الباردة، والآخر يُعبّر عن الغرور الواثق.
نُشر البحث في مجلة نشرة علم النفس الاجتماعي والشخصية بقيادة الباحثة سارة سميث من جامعة كارديف، التي سعت مع فريقها إلى فهم الكيفية التي يتخيل بها الناس ملامح النرجسيين، بعيدًا عن الوصف اللغوي المجرد.
كيف يرى الناس النرجسية؟
باستخدام تقنية متقدمة تُسمى الارتباط العكسي، ابتكر العلماء صورًا مركّبة تمثل "وجوه النرجسية" في أذهان المشاركين. أظهرت النتائج أن الوجه المرتبط بالأنانية بدا أقل دفئًا ومحبوبية وكفاءة، بينما كان الوجه المرتبط بالغرور أكثر جاذبية واحترافية — رغم أنه لا يزال يُرى كشخص أقل لطفًا أو أخلاقية.
وقالت سميث إن هذا التمييز البصري بين الغرور والأنانية "يعكس تصورات اجتماعية معقدة حول النرجسية، إذ يمكن أن يُنظر إلى الغرور على أنه ثقة أو فاعلية، لا مجرد تضخم في الذات".
في التجارب، قيّم مئات المشاركين الصور الناتجة وفق معايير مثل الجدارة بالثقة، الكفاءة، والدفء. ورأى معظمهم أن النرجسي الأناني يبدو أكثر تحفظًا سياسيًا وأقل ثقة بالنفس، في حين بدا النرجسي المغرور أكثر كفاءة وملاءمة للمناصب القيادية، خصوصًا في عالم الأعمال.
المفاجأة جاءت عندما تبين أن الأشخاص ذوي السمات النرجسية العالية رأوا الوجوه "المغرورة" أكثر إيجابية وشبهًا بأنفسهم — وهو ما وصفه الباحثون بـ"التسامح النرجسي"، أي ميل النرجسيين لتقبّل من يشبهونهم في المظهر والسلوك.
علم النفس يرسم ملامح النرجسي
وفي تجربة إضافية تناولت الجاذبية الرومانسية، اعتُبر كلا الوجهين النرجسيين أقل ملاءمة للعلاقات الطويلة، لكن الوجه المغرور حظي بجاذبية أكبر على المدى القصير. ويرجّح الباحثون أن الثقة الظاهرة والجرأة في الملامح تلعبان دورًا في هذا الانطباع.
اقرأ أيضا: دراسة نفسية تكشف كيف يتخيل الناس ملامح النرجسية بصريًا
خلصت الدراسة إلى أن النرجسية ليست "قناعًا واحدًا"، بل مجموعة من السمات التي تنعكس حتى في التصورات البصرية. فالأنانية تخلق انطباعًا بالنفور، بينما الغرور يوحي بالكفاءة والنجاح — وهو ما قد يفسر انجذاب الناس أحيانًا إلى شخصيات نرجسية في مجالات القيادة أو الشهرة.
ويقول مؤلفو الدراسة إن نتائجهم تفتح الباب أمام أبحاث جديدة حول كيفية تأثير المظهر على الحكم الاجتماعي، وكيف يُعيد الناس بناء صورة الشخصية من ملامح الوجه وحدها — دون أن يدركوا ذلك.
