دراسة تحذر: اختبار سرطان البروستاتا لا يستهدف الفئات الأجدر بالفحص
حذّر باحثون من جامعة أكسفورد من أن اختبار مستضد البروستاتا النوعي PSA المستخدم حاليًا في إنجلترا حيث أنه قد لا يوجَّه بشكل فعّال إلى الأشخاص الأكثر استفادة منه، ما يثير مخاوف بشأن الفحوصات المفرطة والتشخيص الزائد للحالات غير الضارة، وفقًا لدراسة واسعة نُشرت في مجلة BMJ البريطانية.
ورغم أن توصيات السلطات الصحية في المملكة المتحدة تنصّ على حصر فحص PSA في المرضى الذين تظهر عليهم أعراض مرتبطة بسرطان البروستاتا، أو بعد مناقشة تفصيلية مع الطبيب العام، أظهرت النتائج أن نسبة كبيرة من الرجال يخضعون للاختبار أكثر مما هو موصى به.
كما أشارت الدراسة إلى أن العديد من الفحوصات المتكررة تُجرى لرجال لم تُسجل لديهم أعراض أو كانت نتائجهم السابقة منخفضة، ما يعكس خللًا في تطبيق السياسات الطبية المعتمدة.
وأكد الباحثون أن هذا الاتجاه يكشف عن نقص في الإرشادات الدولية الموحّدة حول توقيت وكيفية إجراء اختبار PSA، محذرين من أن الحملات العامة وإفصاح المشاهير عن إصابتهم بسرطان البروستاتا تسهم في ارتفاع معدلات الفحص بصورة غير مبررة.
وأشاروا إلى أن "الارتفاعات المفاجئة في معدلات اختبار PSA وما يصاحبها من تكاليف إضافية" أصبحت ظاهرة متكررة عقب التصريحات الإعلامية حول السرطان.
ولفهم أنماط إجراء فحوصات البروستاتا بدقة، اعتمدت الدراسة على بيانات شملت 10,235,805 رجال تبلغ أعمارهم 18 عامًا فأكثر، مسجلين في 1,442 عيادة عامة بأنحاء إنجلترا، خلال الفترة بين عامي 2000 و2018.
وقد استُبعدت من الدراسة جميع الحالات التي كانت قد شُخّصت بسرطان البروستاتا قبل فترة البحث، لضمان أن النتائج تعكس الممارسات الوقائية الأولية فقط.
وربط الباحثون هذه البيانات بمصادر وطنية متعددة، من بينها السجل الوطني للسرطان (National Cancer Registry)، وسجلات المستشفيات إضافة إلى بيانات مكتب الإحصاءات الوطنية، لتكوين صورة شاملة حول كيفية استخدام اختبار PSA عبر الفئات المختلفة.
وشملت التحليلات عوامل مثل العمر، والمنطقة الجغرافية، ومستوى الدخل، والانتماء العرقي، والتاريخ العائلي للإصابة بسرطان البروستاتا، والأعراض المسجلة، وقيم PSA السابقة، مما أتاح مقارنة دقيقة بين أنماط الفحص ومعدلاته.
اقرأ أيضًا: دراسة تقلب المفاهيم: هرمون الأنوثة.. يحمي الذكور نفسيًا!
فاعلية اختبار PSA
ويُعدّ سرطان البروستاتا أكثر أنواع السرطان تشخيصًا بين الرجال في المملكة المتحدة، ومع ذلك فإن فحص PSA لا يُوصى به كإجراء روتيني لجميع الرجال، نظرًا للجدل المستمر حول دقته وفائدته.
ففي حين يُمكن أن يُسهم في الكشف المبكر عن السرطان، إلا أنه يؤدي أيضًا إلى زيادة عدد الرجال الذين يتلقون تشخيصات غير ضرورية ويخضعون لعلاجات مكلفة ومؤلمة لأورام قد تكون بطيئة النمو أو غير فعالة.
وأوضح الباحثون أن هذه النتائج تبرز تحديات كبيرة في كيفية تطبيق الفحص بشكل مسؤول ومتوازن، حيث لا تزال فعالية اختبار PSA موضع نقاش علمي عالمي بسبب محدودية قدرته على التمييز بين الأورام العدوانية وتلك غير الخطرة.
وبيّنت التحليلات وجود فروق واضحة بين المناطق والفئات السكانية، إذ ارتفعت معدلات الفحص بين الرجال الأكبر سنًا وأولئك الذين لديهم تاريخ عائلي للمرض، بينما كانت أقل بين الفئات الشابة والمناطق ذات مستويات الدخل المنخفض.
وأشار الباحثون إلى أن هذه التباينات الجغرافية والديموغرافية تُظهر أن قرارات الفحص لا تستند دائمًا إلى عوامل طبية، بل تتأثر أحيانًا بعوامل اجتماعية وتوعوية وإعلامية، ما يستدعي مراجعة شاملة لسياسات الفحص المعتمدة.
