دراسة عالمية تكشف دور التغذية الصحية في التخفيف من آثار الهشاشة
أظهرت دراسة حديثة نشرت في مجلة Nutrients أن اتباع النظام الغذائي الصحي يمكن أن يعزز من فوائد طول العمر للأشخاص الذين يعانون من الهشاشة البدنية، ويقلل مخاطر الوفاة المبكرة، مؤكدًا أن التحول إلى عادات غذائية صحية ممكن في أي مرحلة من العمر، حتى بعد ظهور علامات الضعف البدني.
ويُعتبر الهشاشة من عوامل الخطر الأساسية التي تزيد احتمالية الإعاقة والوفاة المبكرة لدى كبار السن، حيث يواجه الأفراد الضعفاء مخاطر أكبر للسقوط، والتعرض للكسور، والتنويم المتكرر في المستشفيات، إضافة إلى الإصابة بأمراض حادة ومزمنة، ما يؤدي إلى تقليص متوسط العمر المتوقع مقارنة بالأشخاص الأصحاء.
وتشير الإحصاءات إلى أن عدد سكان العالم فوق سن 60 سيزداد ضعفًا بحلول عام 2050 مقارنة بعام 2000، فيما ستتضاعف الفئة فوق 80 عامًا أربع مرات، ما يزيد الحاجة إلى استراتيجيات فعّالة لضمان الشيخوخة الصحية.
ويمكن أن يكون متوسط العمر المتوقع مقياسًا دقيقًا وصالحًا لاتخاذ الإجراءات الصحية، إذ أن النشاط البدني واتباع النظام الغذائي الصحي يزيدان من العمر المتوقع، بينما تؤثر العادات الضارة مثل التدخين على الصحة وطول العمر.
تأثير النظام الغذائي على الهشاشة
استخدمت الدراسة بيانات UK Biobank الخاصة بـ151,628 مشاركًا بالغًا، الذين خضعوا لتقييمات غذائية متعددة. وتم قياس الهشاشة باستخدام مؤشرين: Frailty Phenotype (FP) وFrailty Index (FI).
- مؤشر FP اعتمد على معايير تشمل فقدان الوزن، التعب، ضعف القوة، بطء المشي، وقلة النشاط البدني، مع تصنيف من يحقق ثلاثة معايير أو أكثر على أنهم ضعفاء، ومن يحقق واحدًا أو اثنين يُصنفون كـ"قبل هشاشة".
- مؤشر FI احتسب نسبة المعايير الموجودة من إجمالي المعايير، مع ارتفاع النسبة وزيادة الهشاشة، حيث ≥0.24 تعني هشاشة، و0.12–0.24 قبل هشاشة، وأقل من 0.12 تُصنف كأصحاء.
وتم تقييم جودة النظام الغذائي باستخدام مجموعة من المؤشرات المعروفة عالميًا، منها Alternate Healthy Eating Index (AHEI)، وDietary Approaches to Stop Hypertension (DASH)، وحمية البحر الأبيض المتوسط (MED)، وDietary Inflammatory Index (DII)، إلى جانب ثلاث مؤشرات للنظام الغذائي النباتي (PDI، الصحة النباتية PDI، وعدم الصحة النباتية PDI).
وقُسّمت جودة الطعام إلى ثلاث فئات تتراوح من غير صحي إلى صحي، كما تم تحليل تأثير التفاعل بين الهشاشة وجودة الغذاء بعد ضبط عوامل متعددة تشمل الحرمان الاجتماعي، الأمراض المزمنة، العادات الصحية الضارة، والتاريخ العائلي للإصابة بالسرطان وأمراض القلب.
واستمر البحث لمدة متوسطة بلغت 12.2 عامًا، سجل خلالها 8,231 حالة وفاة، وأظهرت النتائج أن الأشخاص الضعفاء الذين يتبعون أسوأ أنظمة غذائية يواجهون مضاعفة مخاطر الوفاة عند تقييمهم باستخدام مؤشر FI، وما يقارب ثلاثة أضعاف المخاطر عند استخدام مؤشر FP، مقارنةً بالأشخاص الأصحاء الذين يتبعون نظامًا غذائيًا صحيًا.
وتزايد الخطر تدريجيًا مع تدهور جودة النظام الغذائي، بينما أسفر اتباع النظام الغذائي الصحي عن انخفاض واضح في مخاطر الوفاة وزيادة متوسط العمر المتوقع بما يتناسب مع جودة الغذاء، وهو التأثير الذي ظل ثابتًا لجميع مستويات الهشاشة.
واستنادًا إلى بيانات العمر 50 عامًا، فقد أدى سوء النظام الغذائي لدى الرجال الضعفاء إلى تقليل متوسط العمر المتوقع بين سنة إلى ثلاث سنوات حسب نوع المؤشر الغذائي المستخدم، فيما تراوحت النسبة لدى النساء بين ستة أشهر و2.4 سنة. وعند استخدام FP، تراوحت الانخفاضات بين 2.1 و4.5 سنوات للرجال، و1.6 و5.1 سنوات للنساء.
اقرأ أيضًا: دراسة تربط الاعتلال النفسي بكراهية الحيوانات.. ما العلاقة؟
أهمية العادات الغذائية السليمة
أوضح الباحثون أن الأنظمة الغذائية الصحية تتشارك جميعها في توفير الأطعمة النباتية الغنية بمضادات الأكسدة، والألياف، والمكونات المضادة للالتهابات، مع الحد من السكريات البسيطة والملح المضاف.
وفي المقابل، تزيد الهشاشة الفردية من التأثر بالنظام الغذائي غير الصحي، عبر تعزيز الالتهابات، وزيادة الإجهاد التأكسدي، وضعف التمثيل الغذائي، وارتفاع مستويات السكر ومقاومة الإنسولين، ونقص العناصر الغذائية الأساسية، مما يرفع خطر الوفاة.
كما أشارت الدراسة إلى أن الجمع بين الهشاشة وسوء النظام الغذائي يرتبط بتراجع الجهاز المناعي وزيادة معدلات العدوى، بينما يحسن النظام الغذائي الصحي الحالة ويزيد من سنوات الحياة الصحية، مؤكدًا أن التحول إلى عادات غذائية سليمة ممكن في أي مرحلة عمرية.
وشدد الباحثون على أن الهشاشة قد تتفاعل مع النظام الغذائي بطريقة ثنائية، وأن الأفراد الضعفاء يجب تشجيعهم على اتباع نظام غذائي صحي مع توفير الدعم لتجاوز القيود الوظيفية أو اللوجستية أو الطبية.
وهذا يستدعي وضع برامج متكاملة للكشف عن الهشاشة وتقديم الرعاية الغذائية المناسبة، لضمان تحقيق أفضل النتائج الصحية وطول العمر.
وتوصلت الدراسة إلى أن اتباع النظام الغذائي الصحي يقلل من آثار الهشاشة ويزيد جودة الحياة وطول العمر، ولكنه لا يعوض تمامًا وجود الهشاشة.
وتشدد النتائج على أنه لم يفت الأوان أبدًا لتبني عادات غذائية صحية في أي عمر، بما يحقق فوائد كبيرة على الصحة العامة وجودة الحياة.
