الذكاء الاصطناعي يحدد الفائزين والخاسرين في سوق العمل
يشهد العالم سباقاً متسارعاً في الاستثمار بمجال الذكاء الاصطناعي، إلا أن مردوده الاقتصادي لم يحقق بعد النتائج المرجوة على نطاق واسع. وأكد خبراء أن التكيف مع الذكاء الاصطناعي لم يعد خياراً بل أصبح شرطاً للبقاء في سوق العمل الذي يعاد تشكيله بفعل التطورات التقنية.
البروفيسور توماس رووليه (Thomas Roulet)، أستاذ علم الاجتماع التنظيمي والقيادة في جامعة كامبريدج، أوضح أن كثيراً من الشركات التي تراهن على الذكاء الاصطناعي ما زالت عاجزة عن تحقيق وفورات حقيقية في التكاليف أو تحسين ملموس في الكفاءة. وأشار في تصريحات لصحيفة بزنس إنسايدر إلى أن التقنية تُستخدم حالياً بصورة رئيسة في خفض الوظائف، ولا سيما في شركات التقنية، بينما لم تظهر بعد مكاسب إنتاجية واسعة.
وأكد تقرير لشركة الاستشارات Bain & Company أن معظم المؤسسات لم تتمكن من "فك شيفرة" الذكاء الاصطناعي، إذ لم تحقق مكاسب واضحة في الإيرادات أو في خفض التكاليف، رغم التوقعات السابقة بأنه سيشكل رافعة للإنتاجية.
اتساع الفجوة في سوق العمل
دراسة أجراها اقتصاديون دنماركيون على أكثر من 25 ألف موظف في 7 آلاف مؤسسة، وجدت أن اعتماد روبوتات الدردشة لم يغير مستويات الأجور أو ساعات العمل حتى الآن. غير أن مستثمرين مثل كيفن أوليري يرون أن الذكاء الاصطناعي يحقق بالفعل مكاسب مالية قابلة للقياس بالدولار.
ويرى رووليه أن فوائد الذكاء الاصطناعي ستوزع بشكل غير متكافئ، وهو ما قد يزيد الفجوة بين العاملين الذين يمتلكون مهارات مكملة للتقنية مثل مطوري البرمجيات والمبدعين، وبين العاملين في الوظائف الإدارية أو اليدوية.
وبحسب تقديرات بنك غولدمان ساكس، قد يؤدي الذكاء الاصطناعي التوليدي إلى الاستغناء عن 6 إلى 7% من الوظائف في الولايات المتحدة. كما أوضحت بيانات Revelio Labs أن وظائف مثل محللي الأعمال ومديري العمليات شهدت تراجعاً ملحوظاً في الطلب خلال العامين الماضيين.
اقرأ أيضًا: نصيحة هامة من ملياردير الذكاء الاصطناعي ألكسندر وانغ للمراهقين
في المقابل، تتوقع مؤسسة غارتنر أن يتضاعف حجم الإنفاق العالمي على الذكاء الاصطناعي من أقل من تريليون دولار في 2024 إلى أكثر من تريليوني دولار في 2026، مدفوعاً باستثمارات ضخمة من شركات كبرى مثل OpenAI وOracle في البنية التحتية والرقائق المتقدمة.
لكن رووليه حذّر من أن التركيز المفرط على الذكاء الاصطناعي قد ينعكس سلباً على قطاعات أخرى، ولا سيما تلك التي توفر البيانات عالية الجودة الضرورية لتطوير التقنية.
وشدد خبير جامعة كامبريدج على أن التكيف مع الذكاء الاصطناعي يتطلب من الموظفين، وخاصة الشباب، الاستثمار في مهارات تتكامل مع التقنية. وأوضح أن بعض المهارات قد تفقد قيمتها سريعاً، فيما قد تُعيد تقنيات المستقبل صياغة المشهد المهني مجدداً.
وأكد أن اكتساب مهارات التعلم المستمر والشغف بالمعرفة يمثل السلاح الأهم للموظفين لمواجهة تحولات سوق العمل، وللاستفادة من الذكاء الاصطناعي بدلاً من أن يصبح تهديداً لمستقبلهم المهني.
