لماذا يرتفع تدفق الدم إلى الوجه عند سماع بكاء الطفل؟
أظهرت دراسة حديثة أن صوت بكاء الأطفال لا يثير الضيق أو التوتر فحسب، بل يؤثر على أجسام البالغين بطريقة ملموسة، حيث يزيد تدفق الدم إلى الوجه ويرفع درجة حرارته.
هذه النتائج، التي نشرت في مجلة Journal of the Royal Society Interface، تسلط الضوء على استجابة جسدية وعاطفية غير واعية لدى الرجال والنساء على حد سواء.
تأثير بكاء الأطفال على البالغين؟
أجرى الباحثون في جامعة Université Jean Monnet Saint-Étienne تجربة شملت مشاركين من كلا الجنسين لم يكونوا يربون أطفالًا في تلك الفترة. تم تعريض المشاركين لـ 16 تسجيلًا مختلفًا لأصوات بكاء الأطفال عبر أربع جلسات، بينما تم استخدام كاميرات لتوثيق التغيرات في درجة حرارة وجوههم.
وأكدت النتائج أن جميع المشاركين أظهروا استجابة جسدية ملحوظة، مع ارتفاع أكبر في الحرارة عند شدة البكاء، ما يشير إلى أن الجسم يقدّر شدة الانزعاج الذي يعانيه الطفل من خلال الصوت وحده.
يقول الباحثون إن هذه الاستجابة تعد رد فعل تلقائي للبشر تجاه ألم الطفل، ويعود تفسير ذلك إلى المنظور التطوري: البشر مهيؤون بحيث يكون من الصعب تجاهل بكاء الرضع، إذ يساهم هذا الرد السريع في حماية الطفل وضمان استجابته لاحتياجاته الأساسية.
اقرأ أيضًا: الصلع وصحة القلب.. دراسة تكشف علاقة غير متوقعة بينهما
خلال الدراسة، لاحظ الباحثون أن شدة البكاء مرتبطة مباشرة بقوة استجابة الجهاز العصبي التلقائي لدى البالغين. كلما كان صوت الطفل أكثر حدة، ارتفعت حرارة الوجه بشكل أكبر، ما يعكس تقييم الجسم لحالة الطفل العاطفية وحاجته للانتباه. هذه الاستجابة شملت كلا الجنسين بشكل متساوٍ، مؤكدين أن الرجال والنساء يتفاعلون بشكل متشابه تجاه هذه المؤثرات الصوتية.
إضافة لذلك، تشير الدراسة إلى أن هذه الاستجابة ليست فقط لحظية، بل تظهر كجزء من تفاعل إنساني أعمق مع الطفل. حتى الأشخاص الذين لم يسبق لهم تربية أطفال يظهرون استجابة جسدية وعاطفية تلقائية عند سماع بكاء الرضع، ما يعكس الطبيعة الفطرية لهذا التفاعل.
تشدد نتائج الدراسة على أن التأثيرات الجسدية والعاطفية لبكاء الأطفال تتعدى مجرد الإزعاج أو الإرهاق المؤقت، فهي تؤثر على درجة حرارة الجسم وتفعيل الجهاز العصبي التلقائي، مما يعكس قدرة الإنسان على استشعار معاناة الطفل والاستجابة لها على نحو سريع وفعال.
