دواء كلوميفين في الميزان: هل يعالج نقص التستوستيرون عند الرجال بطريقة آمنة؟
لا يُشكِّل هرمون التستوستيرون جسم الرجل من الخارج فحسب، بالكتلة العضلية والمظهر الرجولي، بل أيضًا يُشكِّله من الداخل، بالحفاظ على إنتاج الحيوانات المنوية، والرغبة الجنسية، وغير ذلك من وظائف.
ولسبب أو لآخر، قد يتعرّض بعض الرجال لنقص هرمون التستوستيرون، بما ينعكس سلبًا على صحتهم الجنسية، ويظهر أثره داخل الجسم قبل أن يكون خارجه، لذا هل يكفي دواء كلوميفين لعلاج نقص التستوستيرون لدى الرجال؟ وإذا كان كافيًا، فما جرعته وآثاره الجانبية المحتملة؟ وهل يزيد عدد الحيوانات المنوية؟
كيف يعمل عقار كلوميفين لعلاج نقص التستوستيرون لدى الرجال؟
بدايةً عندما يتفاعل هرمون الاستروجين مع الغدة النخامية، فإنّها تنتِج كمية أقل من الهرمون الملوتن "LH"، والهرمون المنبّه للجريب "FSH"، وهذا يؤدي إلى انخفاض هرمون التستوستيرون، ومِنْ ثمّ ضَعف إنتاج الحيوانات المنوية لدى الرجال.
لذا يعمل عقار كلوميفين من خلال منع تفاعل هرمون الاستروجين مع الغدة النخامية، ما يؤدي إلى زيادة مستويات هرمونات LH، FSH، التستوستيرون.
الحالات التي يُنصح فيها باستخدام كلوميفين
قد يُوصَف دواء كلوميفين أو المعروف أيضًا بـ"كلوميد" لحالات العُقم عند الرجال، فهو مفيد في علاج:
- نقص هرمون التستوستيرون.
- انخفاض الحيوانات المنوية أو العُقم، خاصةً إذا كان ناجمًا عن نقص التستوستيرون.
هل كلوميفين فعال في علاج العقم وتحسين الخصوبة؟
حسب تحليل تلوي نشر عام 2023 في دورية "Andrology"، فإنّ الكلوميفين يمكن أن يزيد تركيز الحيوانات المنوية وحركتها، دون آثار جانبية خطيرة، ومع ذلك فقد تباينت الدراسات الفردية في هذا التحليل التلوي من حيث الجودة؛ إذ أظهرت الدراسات الضعيفة تأثير كلوميفن، فيما أظهرت الدراسات القوية عدم وجود تأثير.
بينما أشارت مراجعة نشرت عام 2021 في دورية "Andrologia"، إلى أنّ كلوميفن قد يكون له تأثير سلبي على جودة السائل المنوي.
هل يستخدم كلوميفين للرجال؟
من ناحيةٍ أخرى، فقد بيّنت مراجعة حديثة نشرت عام 2025 في "المجلة الآسيوية لأمراض الذكورة"، أنّ الأكثر استفادةً من علاج كلوميفن، هم الرجال الذين يُعانُون عُقمًا مجهول السبب، بالإضافة إلى توافر حيوانات منوية بحركة وشكل طبيعي إلى أقل من المتوسط؛ إذ يُعتقَد أنّ هؤلاء سيكونون قادرين على استخدام كلوميفن للوصول إلى عدد الحيوانات المنوية الذي يجعلهم مرشّحين للتلقيح الاصطناعي.
اقرأ أيضًا:دراسة تكشف أعراض انسحاب تناول هرمونات التستوستيرون
هل يعالِج كلوميفين ضعف الانتصاب عند الرجال؟
قد يُسهِم نقص هرمون التستوستيرون في ضعف الانتصاب، وبما أنّ كلوميفين، قد يعزّز مستويات هرمون التستوستيرون، فقد يسهم في تحسين وظيفة الانتصاب، لكن من غير المُرجّح أن يعالِج ضعف الانتصاب الناجم عن أي مشكلة أخرى، كما أنّه لا يُوصَف عادةً لحالات ضعف الانتصاب أيًا كان سببها.
الجرعات ونتائج استخدام كلوميفين
لا تُوجَد جرعة مثالية مُحدّدة عند استخدام كلوميفين للرجال، لكن الجرعات الموصوفة قد تتراوح بين 12.5 - 400 مجم يوميًا، حسب "Healthline".
كما أشارت مراجعة نشرت عام 2025 في "المجلة الآسيوية لأمراض الذكورة"، إلى البدء بجرعة 25 مجم لمدة 3 أيام في الأسبوع، ثُمّ زيادة الجرعة ببطء حتى تصل إلى 50 مجم يوميًا، عند الحاجة.
لكن يجب أن يكون تحديد الجرعات وفق مشورة الطبيب، لأنّ الجرعات العالية من كلوميفن، لها تأثير سلبي على عدد الحيوانات المنوية وحركتها، كما أنّ الجرعة تختلف حسب حالة كل رجل على حدة.
علامات نجاح دواء كلوميفن وفاعليته
قد تتباين النتائج من شخصٍ لآخر، كما قد يستغرق بعض الرجال وقتًا أطول لظهور النتائج، لكن من علامات نجاح دواء كلوميفين:
- نجاح الحمل، وحصول الزوجة على اختبار حمل إيجابي، بعد محاولة الإنجاب.
- ارتفاع مستويات هرمون التستوستيرون، ولكن هذا قد يستغرق بضعة أشهر.
وقد يُجرِي الطبيب بعض الاختبارات، مثل تحليل السائل المنوي، أو اختبار هرمون التستوستيرون لمعرفة مستواه، ومدى نجاح الدواء في العمل.
المخاطر والآثار الجانبية المحتملة لاستخدام كلوميفين
لا يخلو دواء من آثارٍ جانبية، خاصةً إذا كان الدواء مؤثِّرًا في مستويات الهرمونات الجنسية، وحسب دراسةٍ نشرت عام 2019 في دورية "The Journal of Urology"، أُجريت على 400 رجل حصلوا على الكلوميفن طويل الأمد لعلاج قصور الغدد التناسلية "حالة لا تفرِز معها الغدد التناسلية التستوستيرون أو تفرزه بكمية ضئيلة"، كانت الآثار الجانبية الأكثر شيوعًا:
- تغيّرات المزاج.
- عدم وضوح الرؤية.
- ألم الثدي.
كما أفادت مراجعة أخرى نشرت عام 2020 في دورية "Androgens: Clinical Research and Therapeutics"، بأنّ الرجال الذين استخدموا كلوميفن للعقم، عانوا آثارًا جانبية، مثل:
- التثدّي.
- الدوخة.
- عدم استقرار المزاج.
كذلك قد تكون هناك آثار جانبية أخرى للدواء، مثل:
- الهبّات الساخنة.
- الغثيان.
- الدوخة.
- الإرهاق.
- الصداع.
اقرأ أيضًا:هرمون الهوية: كيف يُعيد التستوستيرون تشكيل ثقة الرجال لحظة بلحظة؟
الفرق بين كلوميفين والعلاج التعويضي بالتستوستيرون (TRT)
يختلف كلوميفين عن العلاج التعويضي بالتستوستيرون "TRT"، في الآلية المُتّبعة في زيادة مستويات هرمون التستوستيرون.
فالعلاج التعويضي بالتستوستيرون، غالبًا ما يكون على شكل حقن، تحلّ محل هرمون التستوستيرون المفقود، بهرمون تستوستيرون مُصنّع صيدلانيًا.
أمّا كلوميفين، فهو أقراص تُؤخَذ كل يوم أو يومين، لكنّه ليس تستوستيرونًا، بل دواء يُحفّز الجسم على إنتاج مزيد من هرمون التستوستيرون.
ويُعدّ كلوميفين أكثر أمانًا من العلاج التعويضي بالتستوستيرون، لأنّه عندما يحصل جسمك على التستوستيرون من مصدر خارجي، فلن تحتاج إلى الخصيتين بعد الآن، وهما مصنع إنتاج التستوستيرون لديك؛ إذ تخمل ويتوقف نشاطها.
أمّا كلوميد، فلا يعتمد على إدخال تستوستيرون من الخارج، بل يعتمد على المصنع الطبيعي في الجسم، ويخدع الدماغ، بما يجعل الخصيتين تزيدان من إنتاج هرمون التستوستيرون.
ونظرًا للأثر الجانبي للعلاج التعويضي بالتستوستيرون "توقف الخصية عن إنتاج التستوستيرون"، فقد يصحبه آثار جانبية أكبر، مثل العُقم، فيما يمكِن لدواء كلوميفين الحفاظ على الخصوبة مع زيادة مستويات هرمون التستوستيرون تدريجيًا.
سُرعة استعادة مستويات التستوستيرون الطبيعية
من ناحيةٍ أخرى، فإنّ العلاج التعويضي بالتستوستيرون، أسرع في استعادة المستويات الطبيعية لهرمون التستوستيرون، مقارنةً بدواء كلوميفين، فقد يؤدي العلاج التعويضي بالتستوستيرون إلى علاج بعض أعراض نقص التستوستيرون، مثل ضعف الرغبة الجنسية والاكتئاب في غضون 3 - 6 أسابيع، فيما قد يستغرق دواء كلوميفين 1 - 2 أشهر أو أكثر من ذلك، لاستعادة المستويات الطبيعية لهرمون التستوستيرون.
أيهما أفضل كلوميفين أم العلاج التعويضي بالتستوستيرون؟
إذا كُنت تشك في انخفاض مستويات هرمون التستوستيرون لديك، فلا بُدّ من استشارة الطبيب، للمساعدة في وضع خطة علاج مناسبة وآمنة لاستعادة مستويات التستوستيرون لديك.
بدائل كلوميفين لعلاج العقم عند الرجال
ثمّة خيارات بديلة لدواء كلوميفين لعلاج العقم عند الرجال، منها على سبيل المثال:
1. الأدوية:
ثمّة أدوية أخرى، قد تساعد في الحفاظ على التوازن الهرموني، وزيادة مستويات هرمون التستوستيرون، وتقليل مستويات الاستروجين، مثل:
- موجهة الغدد التناسلية المشيمية البشرية "HCG": يُعطَى في صورة حقن، ويمكنه تحفيز الخصيتين لإنتاج هرمون التستوستيرون.
- اناستروزول: دواء طُوّر بالأساس لعلاج سرطان الثدي، لكنّه أيضًا يمنع تحويل هرمون التستوستيرون إلى هرمون الاستروجين داخل الجسم، بما يحافظ على مستويات هرمون التستوستيرون.
2. الجراحة:
قد تكون الجراحة هي الخيار الفعال في بعض الأحيان، كما في حالة:
- وجود انسداد في الجهاز التناسلي، يمنع مرور الحيوانات المنوية عبر مسارها الطبيعي.
- تصحيح دوالي الخصية.
3. التلقيح الصناعي:
يتضمّن التلقيح الصناعي، التعامل مع البويضة والجنين المُخصّب خارج الجسم؛ إذ تتم إزالة البويضات من مبيض الأم باستخدام إبرة، ثُمّ تُدمّج البويضات مع الحيوانات المنوية في المختبر، ثُمّ يُرجَع الجنين الناتج إلى رحم الأم.
وأحد أشكال التلقيح الصناعي التي يمكن استخدامها في حالات العُقم عند الرجال، هي الحقن المجهري "ICSI"؛ إذ يُحقَن حيوان منوي واحد في البويضة.
نصائح لزيادة مستويات هرمون التستوستيرون طبيعيًا
ختامًا؛ يمكِن تعزيز مستويات هرمون التستوستيرون طبيعيًا، لكن هذه النصائح ليست بديلًا عن العلاج إن كان النقص شديدًا في هرمون التستوستيرون أو يتطلّب تدخلًا علاجيًا، وعلى كل حال يمكِن تعزيز التستوستيرون لديك من خلال:
- ممارسة التمارين الرياضية بانتظام، خاصةً تدريبات المقاومة أو التدريبات المتقطعة عالية الكثافة.
- الحصول على قسط كاف من النوم، بالنوم 7 - 9 ساعات كل ليلة إن أمكن.
- تناول ما يكفي من البروتين والدهون الصحية في نظامك الغذائي، مع التركيز على الأطعمة الكاملة والطازجة، والابتعاد عن الأطعمة المُصنّعة.
- تجنّب التوتر قدر الإمكان، لأنّه قد يتسبّب في اختلال مستويات هرمون التستوستيرون.
