الهبّات الساخنة عند الرجال.. لماذا تحدث؟ وكيف تتعامل معها بفاعلية؟
لا يبقى شيء على حاله مع مرور الوقت، وهذا ما ينطبق على الرجال أيضًا؛ إذ تتراجع مستويات التستوستيرون لديهم مع التقدُّم في العُمر، بما لا ينعكس على صحتهم الجنسية فحسب، بل قد يكون انعكاسه في صورة "هبّات ساخنة".
ربّما سمعت عن هذه "الهبات" عند السيدات بعد بلوغ سن اليأس، ولكنها يمكن أن تحدث عند الرجال أيضًا، سواء بسبب نقص هرمون التستوستيرون أو نتيجة تناول أدوية معينة لعلاج سرطان البروستاتا، فما السمات المميّزة لتلك الحرارة المفاجئة لجسمك؟ وكيف يمكِن التغلب عليها؟
لماذا تحدث الهبّات الساخنة عند الرجال؟
رغم شيوع الهبّات الساخنة أكثر عند السيدات بعد بلوغ سن اليأس، فإنّ الرجال أيضًا قد يعانُون هبّات ساخنة، لكنّها أقل شيوعًا عند الرجال عمومًا، ورغم ذلك فإنها أكثر شيوعًا بين الرجال الذين تلقوا علاجًا بأدوية مضادة للأندروجين (التستوستيرون)، مثل الأدوية المُستخدَمة لعلاج سرطان البروستاتا.
وحسب مراجعة نشرت عام 2024 في دورية "Cureus"، فإنّ 8 من كل 10 رجال يخضعون لعلاج مضاد للأندروجين، يعانُون الهبات الساخنة.
كذلك فإنّ الهبات الساخنة قد تحدث لدى الرجال الذين يعانُون نقص هرمون التستوستيرون بالفعل، والذي يزداد انخفاض مستوياته بمرور الوقت مع التقدُّم في العُمر، ومع ذلك فقد تُسهِم بعض العوامل الأخرى في نقص هرمون التستوستيرون، مثل:
- السمنة.
- انخفاض جودة النوم.
- التوتر.
- تناول بعض الأدوية.
- سوء التغذية.
- نقص فيتامين د.
- اضطرابات الغدة الدرقية.
أسباب أخرى لحدوث الهبات الساخنة عند الرجال:
رغم أنّ أغلب أسباب الهبات الساخنة ناجمة عن العلاج المُضاد للأندروجين، فإنّ هناك أسبابًا أخرى محتملة أيضًا، مثل:
- عمليات استئصال الخصيتين.
- العلاج بالهرمونات الموجهة للغدد التناسلية.
- العلاج بالمسكنات الأفيونية.
- تناول مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات.
- تناول الأدوية الستيرويدية.
الأعراض التي تميز الهبّات الساخنة عند الرجال
قد تختلف الأعراض المميزة للهبّات الساخنة من رجلٍ لآخر، لكنها تضمّ عمومًا الأعراض الرئيسة للهبّات الساخنة، حسب دراسة نشرت عام 2012 في المجلة الآسيوية لأمراض الذكورة:
- شعور مفاجئ بدفء الجسم، وربّما يكون إحساسًا شديدًا.
- التعرق واحمرار الجلد، خاصةً على الوجه والجذع.
- التعرق الليلي.
- زيادة مُعدّل ضربات القلب.
- القلق.
لكن عادةً ما تختفي أعراض الهبّات الساخنة عند الرجال خلال أقل من 5 دقائق، منتهيةً بعرق بارد، لكنّها قد تستمر في بعض الأحيان لمدة تصل إلى 20 دقيقة.
كذلك فقد يعاني بعض الرجال أعراض الهبات الساخنة من وقتٍ لآخر، بينما قد يعانِيها آخرون حتى 10 مرات في اليوم، وقد تتوقّف الهبات الساخنة بعد مرور 4 أشهر من انتهاء العلاج باستخدام الأدوية المضادة للأندروجين.
كما قد تكون هناك أعراض أخرى مصاحبة للهبّات الساخنة بسبب العلاج المضاد للأندروجين، مثل:
- ضعف الانتصاب.
- ضعف الرغبة الجنسية.
- تقلّبات المزاج.
- التعب والإرهاق.
- زيادة الوزن.
ما العلاقة بين الهبّات الساخنة وسن اليأس عند الرجال؟
رغم التراجُع في مستويات هرمون التستوستيرون مع تقدّم العُمر عند الرجال، فإنّ الأمر ليس كما هو عليه عند السيدات، فمرحلة سن اليأس أمر طبيعي لديهنّ، فيما قد يعانِي 2.1% فقط من الرجال ما يُعرَف بـ"قصور الغدد التناسلية المتأخر"؛ إذ تبدأ الغدد التناسلية فقد وظيفتها مع التقدّم في العمر، حسب دراسةٍ نشرت عام 2010 في دورية "The New England Journal of Medicine".
رغم ذلك، فإنّ الانخفاض في مستويات هرمون التستوستيرون عند الرجال، أقل حدّة من انخفاض الهرمونات الأنثوية لدى النساء خلال فترة انقطاع الطمث.
فعند السيدات ينقطع التبويض، وينخفض إنتاج الهرمونات في فترة زمنية قصيرة إلى حدٍ ما، أمّا عند الرجال، فإنّ انخفاض إنتاج التستوستيرون يكون على مدى سنوات عديدة، حسب "Mayo Clinic".
والهبّات الساخنة هي جزء من أعراض سن اليأس عند الرجال، بالإضافة إلى أعراضٍ أخرى أكثر أهمية:
- ضعف الانتصاب.
- ضعف الرغبة الجنسية.
- انخفاض وتيرة الانتصاب الصباحي.
- فقدان الكتلة العضلية.
- تراكم الدهون حول البطن والصدر.
- بشرة جافة ورقيقة.
- التعرق الزائد.
تشخيص الهبّات الساخنة عند الرجال
يتم تشخيص الهبّات الساخنة عمومًا بناءً على التاريخ المرضي ومراجعة الأعراض، وبالنسبة للرجال الذين يتلقون علاجًا مضادًا للأندروجين لعلاج سرطان البروستاتا، فإنّ سبب الهبّات الساخنة واضح تمامًا.
لكن في حالة الاشتباه في انخفاض مستويات هرمون التستوستيرون، فقد يُوصِي الطبيب باختبار مستويات هرمون التستوستيرون لديك، وهذا قد يكون من خلال:
- فحص مستويات هرمون التستوستيرون في الدم صباحًا، لأنّ هذا هو الوقت الذي يكون فيه التستوستيرون في أعلى مستوياته.
- قياس مستويات هرمون التستوستيرون في اللعاب.
- اختبار البول، الذي يُظهِر كيفية عمل الإنزيمات التي تؤثِّر في مستويات هرمون التستوستيرون.
طرق العلاج الدوائي وغير الدوائي للهبات الساخنة عند الرجال
قد يكون من الصعب التغلب على الهبات الساخنة تمامًا، لكن بالنسبة لمن يتلقون علاجًا مضادًا للأندروجين، فإنّ الهبات الساخنة تختفي بعد التوقف عن تناول تلك الأدوية.
لكن ذلك لا يعني حتمية المعاناة من الهبات الساخنة خلال فترة العلاج المضاد للأندروجين، إذ يمكِن علاج تلك الهبّات الساخنة من خلال:
1. العلاج بالاستروجين:
لا يستطيع الرجال المصابون بسرطان البروستاتا الحصول على هرمون التستوستيرون، لأنّه قد يعزّز نمو السرطان، ولكن قد يمكنهم الاستفادة من الهرمونات الأنثوية لعلاج الهبّات الساخنة.
ففي إحدى الدراسات، حسب "Harvard Health"، أفاد 83% من الرجال الذين حصلوا على الاستروجين، بتحسّن حالتهم، لكن عانى أكثر من 40% منهم تورم وألم في الثدي.
2. العلاج بالبروجستيرون:
هو هرمون أنثوي أيضًا، لكنّه فاعل في علاج الهبّات الساخنة عند الرجال، فقد ساعد على تخفيف أعراض الهبّات الساخنة عند الرجال بنسبة 75 - 80%، وفي بعض الأحيان 91%، لكنّه قد يسبّب آثارًا جانبية، مثل الانتفاخ وزيادة الوزن.
كذلك فإنّ العلاج بالبروجستيرون قد يؤدي في بعض الأحيان إلى زيادة نمو سرطان البروستاتا، لذا من الضروري مناقشة هذه المخاطر مع الطبيب قبل تناول الدواء.
3. جابابنتين وبريجابالين:
هي أدوية تُستخدَم في الأساس لعلاج نوبات الصرع، لكن ثبت أنّ كلاهما ناجح في تخفيف الهبّات الساخنة عند الرجال، وقد تمت دراسة الجابابنتين على وجه الخصوص على نطاقٍ واسع، ووجدت إحدى التجارب العشوائية أنّ أعراض الهبات الساخنة انخفضت بنسبة تصل إلى 46% بين الأشخاص الذين تلقّوا هذا العلاج، مع آثار جانبية قليلة، كما لُوحِظت نتائج مماثلة مع بريجابالين، حسب دراسة نشرت عام 2012 في "المجلة الآسيوية لأمراض الذكورة".
4. مضادات الاكتئاب:
مضادات الاكتئاب، وتحديدًا فئة مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية، التي تزيد مستويات السيروتونين في الجهاز العصبي، أظهرت نتائج واعدة في تخفيف الهبّات الساخنة عند الرجال.
فمثلًا ساعدت أدوية، مثل فينلافاكسين، سيتالوبرام، ديسفينلافاكسين، على تقليل أعراض الهبّات الساخنة بنسبة 50 - 60%، فيما قلّل دواء، مثل فلوكسيتين، الأعراض بنسبة 30 - 50%.
5. تقنيات تقليل التوتر:
بعيدًا عن الأدوية، يساعد تقليل التوتر والقلق على تقليل الهبّات الساخنة، ومِنْ ثّم يُنصَح بإدراج بعض تقنيات تخفيف التوتر ضمن روتينك اليومي، مثل تمارين التنفس، أو التأمل، كما قد يساعد العلاج المعرفي السلوكي على تقليل التوتر، على يد اختصاصي الصحة النفسية.
كذلك فإنّ التنويم المغناطيسي قد يكون ناجحًا في علاج الهبّات الساخنة، وذلك من خلال تقليل التوتر، تنظيم درجة حرارة الجسم، وخفض معدل ضربات القلب، حسب "المعهد الأمريكي الوطني للسرطان NCI".
6. الوخز بالإبر:
رغم الحاجة إلى مزيدٍ من الدراسات بشأن فاعلية هذا النوع من العلاج، فقد دلّت دراسات صغيرة، حسب "Cancer Research UK" على أنّ الرجال قد يعانُون هبّات ساخنة أقل شِدّة، مع الوخز بالإبر.
اقرأ أيضًا:هل تؤثر الأحلام الجنسية على عدد الحيوانات المنوية؟ دراسة تُجيب
تغيير نمط الحياة لتقليل أعراض الهبات الساخنة عند الرجال
علاوةً على ما سبق، قد تحتاج إلى إجراء بعض التغييرات البسيطة لتخفيف الهبّات الساخنة، وللحفاظ على برودة جسمك والبيئة من حولك، لذا:
- فكِّر في ارتداء ملابس فضفاضة وجيدة التهوية.
- حافظ على برودة البيئة من حولك باستخدام المراوح، مكيفات الهواء، فتح النوافذ.
- حافظ على رطوبة جسمك، واحتفظ بقطعة قماش باردة في متناول يدك لتبريد نفسك عند حدوث هبّات ساخنة.
- تجنّب ما قد يحفّز الهبّات الساخنة أو زيادة حرارة جسمك، مثل الكحول، والكافيين، والتدخين، والملابس الضيقة.
- تجنّب الأطعمة الحارة.
- احرص على النشاط البدني بممارسة التمارين الرياضية بانتظام، بالإضافة إلى التزام نظام غذائي صحي؛ حفاظًا على الوزن، ومنعًا لانخفاض مستويات هرمون التستوستيرون.
