سمنة الأم قبل الحمل.. هل تشكل خطراً على سلوك طفلك؟ دراسة تجيب
كشفت دراسة حديثة أجراها فريق بحثي من جامعة هاواي في مانوا، أن السمنة قبل الحمل يمكن أن تترك آثارًا جينية طويلة الأمد في بويضات الأم، ما قد يؤدي إلى سلوكيات شبيهة باضطراب طيف التوحّد لدى الأبناء.
ونُشرت نتائج الدراسة في مجلة نيوزويك، مشيرة إلى أن هذه التغيرات، المعروفة بـ"التعديلات فوق الجينية Epigenetic changes"، قد تؤثر في الجينات المسؤولة عن نمو الدماغ ووظائفه، ومنها جين Homer1، الذي يلعب دورًا أساسيًا في الإشارات العصبية، والتعلم، والذاكرة.
تأثير السمنة على الأجنة
وأوضح البروفسور أليكا ك. ماوناكيا، المتخصص في علم التعديلات فوق الجينية بجامعة هاواي، أن صحة الأم قبل الحمل، وليس فقط أثناءه، قد تحدد مسار النمو العصبي للطفل.
اقرأ أيضًا: أيهما أفضل لخسارة الوزن: أدوية السمنة أم الصيام المتقطع؟
وأكد أن "البصمات الجينية الموروثة من البويضة، حتى من دون أي اتصال مباشر مع الأم بعد الإخصاب، كانت كافية لإحداث تغييرات في السلوك الاجتماعي لدى النماذج الحيوانية".
ولتحليل تأثير السمنة قبل الحمل بمعزل عن تأثيرها خلاله، استخدم الباحثون تقنية التلقيح الصناعي (IVF) ونقل الأجنة، ما سمح بدراسة التأثيرات الموروثة بدقة أكبر.
وأظهرت التجارب على الفئران أن الذكور المولودين لأمهات مصابة بالسمنة أظهروا ضعفًا في التفاعل الاجتماعي، وسلوكيات تكرارية، وهي سمات شائعة في اضطراب طيف التوحّد.
ومن جانبها، اعتبرت البروفسورة مونيكا وارد، المتخصصة في علم الأحياء التناسلي بالجامعة نفسها، أن هذه النتائج تمثل تقدمًا في فهم كيفية امتداد تأثير برمجة الحياة المبكرة عبر الأجيال.
اقرأ أيضًا: هل التمارين الرياضية وحدها كافية؟ دراسة جديدة تكشف دور النظام الغذائي في تفشي السمنة
وأضافت أن الجمع بين علوم الأحياء التناسلي، والتطور، وفوق الجينات، يفتح المجال أمام تطوير تدخلات وقائية تبدأ حتى قبل الحمل.
مشاكل السمنة قبل الحمل
وتشير البيانات العالمية إلى أن معدلات السمنة واضطراب طيف التوحّد في ارتفاع مستمر، إذ يعاني أكثر من 42% من البالغين في الولايات المتحدة من السمنة، بينما يُصاب طفل واحد من كل 31، وبالغ واحد من كل 45، بالتوحّد.
ويرى الباحثون أن هذه الإحصاءات تجعل من الضروري التركيز على صحة الأم قبل الحمل، كجزء من استراتيجيات الصحة العامة.
اقرأ أيضًا: وداعًا لحقن التخسيس.. العلاج الجيني يفتح آفاقًا جديدة لعلاج السمنة بشكل آمن
ويأمل فريق جامعة هاواي أن تمهد هذه النتائج لتطوير خطط علاجية أو وقائية، تشمل تحسين النظام الغذائي، أو استخدام تدخلات دوائية، للحد من المخاطر المحتملة.
كما يشدد الخبراء على أن التوحّد ليس مرضًا، بل اختلاف في طريقة عمل الدماغ، وأن أسبابه متعددة تشمل عوامل جينية وبيئية، ولا علاقة له باللقاحات أو أسلوب التربية.
