تشابه الحمض النووي بين البشر والموز.. حقيقة أم خرافة؟
أعادت دراسة جينومية الضوء على معلومة مثيرة للجدل طالما تداولها رواد الإنترنت، مفادها أن الإنسان يتشارك بنسبة من حمضه النووي مع الموز.
ورغم ما أثارته هذه المعلومة من دهشة وتشكيك، فإن التحليل العلمي الحديث يؤكد أن لها أساسًا من الصحة، مع توضيح أن النسبة الحقيقية للتشابه أدق وأقل مما يُشاع.
اقرأ أيضَا: الموز الناضج أم الموز غير الناضج .. أيهما الأفضل؟
فوفقًا للمعهد الوطني لأبحاث الجينوم البشري في الولايات المتحدة، والذي أطلق مشروعًا بحثيًا بالتعاون مع متحف "سميثسونيان" للتاريخ الطبيعي، تبيّن أن الإنسان لا يشارك الحمض النووي نفسه مع الموز، بل يملك تشابهًا في جينات محددة تؤدي وظائف متقاربة.
البرنامج المستخدم في المشروع أجرى أكثر من 4 ملايين مقارنة بين الجينوم البشري وجينوم الموز، ووجد ما يقارب 7,000 جين في الموز لها نظائر تقريبية في الإنسان. هذا الرقم يمثل 60٪ من جينات الموز، وليس من الجينوم البشري، ما يعني أن التشابه لا يتجاوز 1-2٪ فعليًا من الحمض النووي الإنساني.
لكن عند النظر إلى نواتج الجينات — أي البروتينات والحمض النووي الريبي (RNA) — فإن نسبة التشابه تنخفض إلى نحو 40٪، وهي نسبة توضح فقط التشابه الوظيفي وليس التطابق الكامل.
ما الذي يجمعنا بالموز؟
قد تبدو فكرة المقارنة بين إنسان وكائن نباتي مضحكة، لكن في عالم الجينوم، هناك أوجه شبه مذهلة. فالكائنات الحية كافة — من البشر إلى النباتات — تتشارك جينات ضرورية للحياة، مثل تلك التي تنظم استهلاك الأكسجين أو إنتاج الطاقة داخل الخلايا. هذا يرجع إلى حقيقة أننا جميعًا ننحدر من سلف تطوري مشترك عاش منذ نحو 1.6 مليار سنة.
ولشرح هذه الفكرة بشكل مبسط، شبّه العلماء الحمض النووي بالمخطط الأساسي لبناء منزل، بينما تُعد البروتينات الناتجة تفاصيل التصميم الداخلي الذي يجعل كل منزل مختلفًا. بهذا الشكل، يحمل البشر والموز مخططات متشابهة في الأساسيات، لكنهم يختلفون تمامًا في التفاصيل.
القول بأننا نتشارك 60٪ من الحمض النووي مع الموز ليس دقيقًا تمامًا، لكنه قائم على حقيقة علمية أعمق: الحياة على الأرض تتشارك أساسًا جينيًا قديمًا وواسع النطاق، وإن اختلفت أشكالها ووظائفها. فحين ننظر في المرايا البيولوجية للعالم الطبيعي، نجد أننا لسنا بعيدين كما نعتقد عن بقية الكائنات — حتى عن الموز.
