مفاجأة صادمة.. هل يهدد الذكاء الاصطناعي إمدادات المياه العالمية؟
في عالم يتسارع فيه تطوّر الذكاء الاصطناعي بوتيرة غير مسبوقة، تبرز أزمة خفية تهدد الأمن المائي العالمي، إذ تُظهر تقارير علمية حديثة أن تقنيات الذكاء الاصطناعي باتت تُعد من بين أكبر المستهلكين للمياه العذبة في العالم، خصوصًا في مراكز البيانات الضخمة المنتشرة في مناطق يعاني بعضها من ندرة حادة في المياه.
استفسارات الذكاء الاصطناعي تستهلك الماء!
وفق دراسة حديثة أجراها باحثون في جامعتي كاليفورنيا وتكساس، فإن كل 10 إلى 50 استفسارًا موجهًا إلى نماذج الذكاء الاصطناعي، مثل شات جي بي تي، تستهلك ما يعادل نصف لتر من الماء، وهي كمية تشمل المياه اللازمة للتبريد وتوليد الكهرباء عبر التوربينات.
دراسة: مستخدمو الذكاء الاصطناعي يدفعون ثمنًا اجتماعيًا في العمل
هذا ما يجعل كل إجابة من روبوتات الذكاء الاصطناعي ليست فقط وليدة الخوارزميات، بل أيضًا ثمرةً لماءٍ تبخر في الهواء.
وتقدر الدراسة أن قطاع الذكاء الاصطناعي سيستهلك بحلول عام 2027 مياهًا تفوق استهلاك دولة مثل الدنمارك بـ 4 إلى 6 مرات.
وتعتمد مراكز البيانات على مياه عذبة تُستخدم في تبريد الخوادم العملاقة، التي تسخن بفعل الكهرباء الهائلة التي تستهلكها المهام المعقدة، كالترجمة الفورية وإنشاء الصور والفيديوهات.
وتُفقد نسبة تصل إلى 80% من هذه المياه عبر التبخر، ما يثير قلقًا بيئيًا واسعًا في المناطق الجافة مثل أريزونا وتشيلي وأجزاء من إسبانيا، حيث تتعرض مشاريع كبرى من غوغل ومايكروسوفت ومعها Amazon Web Services لموجة احتجاجات بيئية متصاعدة.
وتعمل شركات التقنية الكبرى على تطوير حلول مثل أنظمة التبريد الجاف أو "الحلقات المغلقة"، التي تعيد تدوير المياه دون فقدها، غير أن هذه الأنظمة لا تزال في مراحلها الأولى، وتتطلب مزيدًا من الوقت والتكاليف.
وتُقدّر وكالة الطاقة الدولية أن استخدام مراكز البيانات للمياه سيتضاعف بحلول عام 2030، مع استمرار شركات مثل غوغل وميتا في سحب عشرات مليارات اللترات من المياه سنويًا، معظمها من مصادر عذبة.
ذكاء اصطناعي أكثر كفاءة أم عالم أكثر عطشًا؟
ورغم أن الذكاء الاصطناعي يُستخدم في ابتكار حلول بيئية مثل كشف تسريبات الغاز وتحسين شبكات النقل لتوفير الطاقة، إلا أن خبراء يحذرون من أن سعي الشركات إلى بناء نماذج أكبر وأسرع سيُفاقم من استنزاف الموارد، وعلى رأسها المياه والطاقة.
الرئيس التنفيذي لـNvidia: الذكاء الاصطناعي لن يسرق وظيفتك بل سيُغيّرها
وتقول لورينا جاومي-بالاسي، رئيسة جمعية التكنولوجيا الأخلاقية، إن زيادة الكفاءة تعني في النهاية زيادة الاستخدام، مشيرة إلى أن العالم لا يملك ما يكفي من الموارد لدعم هذا السباق التقني اللامحدود.
ورغم تعهدات غوغل ومايكروسوفت وأمازون بتحقيق "إيجابية مائية" بحلول عام 2030 – أي إعادة توفير مياه أكثر مما تستهلك – إلا أن الخبراء يرون أن الطريق لا يزال طويلًا، وأن الشفافية في تقارير استخدام المياه هي المفتاح لضمان استدامة حقيقية في عصر الذكاء الاصطناعي.
