جسم غامض بسرعة هائلة يدخل النظام الشمسي.. هل هو مركبة فضائية؟
في بداية يوليو الجاري، رصد علماء الفلك جسمًا بين نجميًّا غريبًا يشقّ طريقه بسرعة هائلة عبر النظام الشمسي، وأطلقوا عليه اسم 3I/ATLAS. يبلغ طول هذا الجسم نحو عشرين كيلومترًا، ويُعتقد أنه قادم من نجم آخر، في رحلة قد تكون استغرقت مليارات السنين حتى وصل إلى محيط شمسنا.
لكن اللافت أن الجدل لم يتوقف عند غرابة مداره أو حجمه، بل تصاعد بعد تصريحات البروفيسور آفي لوب، أستاذ الفيزياء النظرية وعلم الكونيات في جامعة هارفارد الأمريكية، الذي قال إن هذا الجسم قد يكون مركبة فضائية تابعة لكائنات ذكية، مؤكدًا أنه وجد "دليلًا حاسمًا" يدعم هذه الفرضية.
اقرأ أيضًا: علماء يرصدون "مبارزة كونية" بين مجرتين في ظاهرة فلكية نادرة (فيديو)
وفقًا للفيزيائي الشهير، فإن حجم 3I/ATLAS الهائل يجعل احتمالية كونه جسمًا طبيعيًا شبه مستحيلة، وأوضح أن هناك احتمالين لا ثالث لهما: إما أن يكون كتلة صلبة عملاقة على نحو استثنائي، أو مذنبًا صغيرًا محاطًا بغلاف لامع من الغاز والغبار. وفي حال لم يكن مذنبًا، فإن آلية وصوله إلى داخل النظام الشمسي بسرعة 60 كيلومترًا في الثانية لا يمكن تفسيرها بعملية طبيعية.
وأضاف لوب: "من الصعب تخيّل عملية طبيعية قد تدفع جسمًا كهذا إلى الداخل بهذه السرعة الفائقة"، مشيرًا إلى أن التفسير البديل هو أن يكون الجسم قد تم توجيهه عمدًا، عبر تصميم تكنولوجي متقدم.
ثالث زائر بين نجمي في التاريخ
تم رصد الجسم للمرة الأولى في الأول من يوليو من خلال نظام الإنذار المبكر التابع لوكالة الفضاء الأمريكية ناسا، والمخصص للكشف عن الكويكبات القريبة من الأرض، المعروف باسم ASTEROID Terrestrial-impact Last Alert System. وبعد تحليل مساره، تبيّن أن مداره البيضاوي شديد الانحراف وسرعته العالية يشيران إلى أن منشأه خارج النظام الشمسي، بهذا، يُعد 3I/ATLAS ثالث جسم بين نجمي يتم رصده في التاريخ، بعد جسم 'أومواموا عام 2017، وبوريسوف عام 2019.
وقد وصل الجسم من جهة كوكبة القوس (Sagittarius)، ويتجه حاليًا بسرعة تُقدّر بـ 217 ألف كيلومتر في الساعة نحو النظام الشمسي الداخلي، ومن المتوقع أن يبلغ أقرب نقطة له من الشمس في 30 أكتوبر المقبل، على مسافة تبلغ نحو 210 ملايين كيلومتر، أي أنه سيمر داخل مدار كوكب المريخ.
ورغم التكهّنات المثيرة، أكدت وكالة ناسا أن الجسم لا يُشكّل أي تهديد على الأرض، إذ سيمر على مسافة آمنة تُقدّر بـ 240 مليون كيلومتر من كوكبنا. ويفيد الخبراء بأن الجسم لا يزال يبعد نحو 490 مليون كيلومتر عن الأرض، ولذلك لا يمكن قياس حجمه بشكل مباشر في الوقت الراهن.
اقرأ أيضًا: ظاهرة فلكية نادرة: كوكب بـ"ميول انتحارية" يدمّر نفسه تدريجيًا
وبدلًا من ذلك، يحاول العلماء تقدير أبعاده عبر تحليل كمية الضوء المنعكسة منه، واستنتاج الحجم المحتمل استنادًا إلى انعكاسيته السطحية.
وحتى الآن، لا تزال طبيعة 3I/ATLAS محلّ جدل واسع في المجتمع العلمي. وبينما يميل بعض الباحثين إلى التفسير الطبيعي، يُصر آخرون على أن المؤشرات التقنية والحركية تفتح الباب أمام فرضية وجود كائنات ذكية خارج الأرض.
وسواء كان الجسم مجرد مذنب عابر، أو رسالة قادمة من أعماق الفضاء، فإن الأشهر القادمة ستحمل إجابات أكثر دقة مع اقتراب الجسم من الشمس، وتقدّم أدوات الرصد المتاحة.
