مدارس زوكربيرج تغلق أبوابها رغم الدعم المالي الضخم
في عام 2014، شارك مارك زوكربيرغ وزوجته بريسيلا تشان في تأسيس مدرسة The Primary School، وهي مؤسسة تعليمية مجانية استهدفت الأطفال من أسر منخفضة الدخل في ولاية كاليفورنيا.
وقد بدا المشروع طموحًا منذ انطلاقه، إذ جمع بين التعليم المبكر والرعاية الصحية ضمن نموذج مبتكر وشامل.
لكن بعد سنوات من التشغيل، أعلنت المدرسة فجأة أنها ستُغلق أبوابها مع نهاية العام الدراسي 2025–2026، وسط صعوبات مالية، كان أبرزها عدم قدرتها على تأمين تمويل مستدام من مصادر خارج الاستثمار الأولي الذي قدّمه زوكربيرج في المراحل الأولى للمؤسسة.
محاولات أخرى لم تسلم من الفشل
ليست هذه التجربة الأولى التي يشارك فيها مارك زوكربيرج في مبادرات تعليمية كبرى. ففي عام 2010، أعلن خلال ظهوره في برنامج أوبرا وينفري عن تبرّع بقيمة 100 مليون دولار، خُصّص لإصلاح نظام التعليم في مدينة نيوارك الأميركية.
وعلى الرغم من أن المشروع حظي بدعم إضافي من عدد من المانحين، فإن نتائجه جاءت محدودة؛ إذ سُجّل تحسّن ملحوظ في مادة اللغة الإنجليزية، مقابل غياب أي تقدم في مادة الرياضيات، وسط انتقادات وُجّهت للمشروع بسبب ضعف التنسيق مع المجتمع المحلي وعدم إشراكه في صياغة الحلول.
اقرأ أيضًا: مارك زوكربيرج يكشف عن أسلوبه الخاص في إدارة ميتا.. وهذا ما لا يفضله
كذلك، خاض المغني والمصمم كانييه ويست (Ye) تجربة تعليمية مختلفة عبر إطلاق Donda Academy، وهي مدرسة خاصة مسيحية من مرحلة الروضة حتى الصف الثاني عشر. إلا أن المشروع سرعان ما انهار بسبب الجدل المثار حول تصريحات ويست المعادية للسامية، تبعه إغلاق مفاجئ للمدرسة، ثم دعاوى قضائية تتعلق بظروف العمل والسلامة، من بينها اتهامات بإبقاء النوافذ دون زجاج لأن ويست "لا يحب الزجاج".
بيزوس وماسك... وعود تعليمية بلا نتائج معلنة
دخل كل من جيف بيزوس وإيلون ماسك مجال التعليم عبر تمويل مدارس مستوحاة من نظام مونتيسوري، تركز على حرية التعبير والاكتشاف المبكر.
غير أن هذه المشاريع لم تكشف بعد عن نتائج واضحة، ويبدو أنها ما زالت في مراحل تجريبية محدودة.
العمل الخيري في التعليم: استثمار مرتفع المخاطر
يقول بن والرشتاين، الرئيس التنفيذي لشركة Whiteboard Advisors المختصة بالاستشارات التعليمية، إن العمل الخيري في التعليم أشبه برأسمال المجازفة. فالمجال مليء بالتجارب التي لا تحقق دائمًا النتائج المرجوّة، بسبب تعقيدات النظام التعليمي وصعوبة تحويل النوايا الحسنة إلى حلول عملية مستدامة.
حتى المبادرات التي دعمتها شركات كبرى مثل ExxonMobil وIntel عبر معايير Common Core اصطدمت بمعارضة مجتمعية قوية، واتُهمت بمحاولة فرض نموذج خارجي على التعليم المحلي، ما أفقدها التأييد الشعبي رغم أهدافها الطموحة.
اقرأ أيضًا: في عيده ال 41 كم تبلغ ثروه مارك زوكربيرج
المال وحده لا يكفي!
تُظهر هذه التجارب أن ضخ الأموال وحده لا يضمن نجاح مشاريع التعليم. فالنظام التعليمي، بتعقيداته الإدارية والثقافية، يحتاج إلى أكثر من دعم مالي: يتطلب فهمًا عميقًا للواقع الميداني، وشراكات مجتمعية حقيقية، ونماذج قابلة للتوسع والاستدامة.
في النهاية، حتى أصحاب المليارات يكتشفون أن إصلاح التعليم ليس مشروعًا هندسيًا يُبنى بميزانية ضخمة، بل منظومة بشرية تتطلب وقتًا، تواضعًا، واستماعًا لمن هم في قلب العملية التعليمية.
