عندما تختفي الطائرات وتبدأ الأساطير.. الحقيقة الكاملة حول مثلث برمودا
مُثلث برمودا Bermuda Triangle، أو مُثلث الشيطان Devil’s Triangle، هو منطقة موجودة بالجزء الغربي من المحيط الأطلسي الشمالي، تحديدًا بين ميامي في ولاية فلوريدا الأمريكية، وجزيرة برمودا، وسان خوان في بورتو ريكو، والتي تمثل رؤوس المثلث الثلاثة.
وعلى مدى عقود، أثار هذا المثلث فضول الناس حول العالم، نظرًا للحوادث الغامضة التي وقعت هناك، حيث اختفى قرابة الـ50 سفينة و20 طائرة، دون تفسير واضح، ما جعله مثار جدل ونظريات مؤامرة حول العالم.
تُثار الشكوك والمؤامرات حول مثلث برمودا منذ عشرات السنين، وهذا يجعلنا نطرح سؤالًا منطقيًا الآن: هل حُلّت هذه الألغاز؟ والسؤال الأكثر وجاهة: ألا يُحتَمل أن يكون الأمر محض تكهنات؟
لماذا لا تحلق الطائرات فوق مثلث برمودا؟
على الرغم من الشائعات والأساطير التي تُحيط بمثلث برمودا، فإن السلطات البحرية والجوية الدولية تؤكد أن الطيران فوق هذه المنطقة مسموح به، ولا مشكلة فيه على الإطلاق، ودليلُ ذلك أن شركات الطيران والمؤسسات العسكرية تستخدم مثلث برمودا كمسار عبور منتظم؛ ولم يعد هناك قلق من هذه المنطقة، بل في الحقيقة لم يكن هناك قلق حيال العبور من فوق المثلث، أو على الأقل بالشكل الذي قد يتخيله الكثيرون.
هل مسموح الطيران فوق مثلث برمودا؟
الجهات المختصة تؤكد أن المخاطر المرتبطة بالطيران فوق مثلث برمودا ليست أعلى من تلك الموجودة في أي منطقة بحرية أخرى، وذلك بفضل ما وصلنا إليه من تطورات تكنولوجية في مجالات مختلفة، منها الرادار وأنظمة تحديد المواقع وتوقع حالة الطقس.
إذًا، يمكننا أن نقول إن الأساطير التي تتحدث عن حظر الطيران، أو وجود قوى خارقة تؤثر على الملاحة الجوية في مثلث برمودا، ليست سوى تكهنات ونظريات أكثر منها واقع علمي.
قد يقول قائل: وماذا عن الحوادث المروعة التي سمعنا عن حدوثها فوق مثلث برمودا، مثل حادثة الرحلة 19، التي شهدت فقدان مجموعة من الطائرات العسكرية خلال تدريب ليلي في عام 1945؟
بالفعل، أضفت هذه الحادثة على مثلث برمودا شيئًا من الغموض، لكن الدراسات كشفت أن الأسباب كانت مرتبطة بالأخطاء البشرية والظروف الجوية الصعبة، وليس بانقطاع النظام الملاحي أو حدوث ظواهر ماورائية خارقة كما يدعي أو يعتقد البعض، وهذا يعني أن عدم تحليق الطائرات فوق مثلث برمودا ليس له سبب علمي منطقي.
لماذا لا يسمح بالطيران فوق القطب الجنوبي؟
ولأن الشيء بالشيء يُذكَر، يوجه البعض الحديث أحيانًا إلى القطب الجنوبي، الذي يتميز بظروف مناخية قاسية لا تُقارن بمثلث برمودا أساسًا.
حيث تُفرض قيود على الطائرات لئلا تُحلّق فوق القطب الجنوبي، نظرًا لأسباب مختلفة منها ضعف البنية التحتية والخدمات اللوجستية هناك.
وبالإضافة إلى السبب المذكور، هناك سببٌ آخر متعلق بالاعتبارات البيئية والأمنية، حيث تسعى الهيئات المعنية الدولية إلى حماية النظام البيئي الفريد في تلك المنطقة والحفاظ على سلامة رحلات الطيران. وعليه، فإن السماح بالطيران فوق القطب الجنوبي لا يرتبط بظواهر خارقة أيضًا، وإنما هو قرارٌ مُستند إلى دراسات علمية، ومخاطر جوية معروفة للجميع.
ما سبب سقوط الطائرات في مثلث برمودا؟
لنُنهِ الخوض في هذا السؤال، إليكم 4 أسباب رئيسة تؤدي إلى سقوط الطائرات في مثلث برمودا بشكلٍ مباشر:
1. الظروف الجوية العنيفة:
من عواصف رعدية وأمواج هائلة تننج عن اضطرابات الطقس، وهذه ظروفٌ واردة في الكثير من المناطق، وليس في مثلث برمودا فقط.
2. الأخطاء في الملاحة:
قد يرتكب الطيارون أخطاء في تقدير الاتجاهات نتيجة للتداخل في عمل أجهزة الملاحة المغناطيسية، خاصة في ظروف الليل أو في الأوقات التي يصعب فيها الرؤية.
3. المشكلات التقنية:
بعض الحوادث قد تكون ناتجة عن أعطال تقنية مفاجئة في أنظمة الطيران، سواء كانت هذه الأعطال بسبب التكنولوجيا المستخدمة نفسها أو صعوبة التعامل مع الظروف الجوية.
4. التداخل بين العوامل البشرية والبيئية:
في بعض الحالات، يكون السبب ناتجًا عن تداخل عدة عوامل معًا، مثل حدوث خطأ بشري في ظل ظروف جوية قاسية، مما يؤدي إلى وقوع حوادث قد يصعب تحديد سببها بدقة.
جدير بالذكر أنه في معظم الحالات التي تم التحقيق فيها، تبين أن سقوط الطائرات لا يُعزى إلى قوى خارقة أو تأثيرات غير طبيعية، بل إلى مجموعة من العوامل التي تؤثر على سلامة الرحلة وتجمعها معًا في لحظة واحدة، مما يؤدي إلى وقوع الحادث دون إنذار مسبق.
اقرأ أيضًا: جنة الأطلسي التي عليك استكشافها.. السياحة في جزيرة برمودا
هل جزيرة برمودا قريبة من مثلث برمودا؟
تقع جزيرة برمودا على أحد رؤوس المثلث الذي يعطي الاسم للمنطقة، إلا أنها ليست المحور الوحيد لهذا اللغز.
وتُعتبر برمودا نقطة انطلاق في سرد القصص المتعلقة بالغموض الذي يكتنف المنطقة، ولكنها في الحقيقة تقع على مقربة من المركز الجغرافي للمثلث وليس على حافته.
في حين أن المثلث يمتد على مساحة شاسعة، تشمل أجزاء من المحيط الأطلسي، فإن جزيرة برمودا تُشكّل إحدى النقاط الثلاث الأساسية التي تحدد حدود المثلث، إلى جانب سواحل فلوريدا وبورتو ريكو كما أشرنا في البداية.
وبالرغم من ارتباط اسم الجزيرة بالمثلث، فإن الاختلاف في التفسيرات والمواقع الجغرافية، يجعل من الصعب حصر منطقة المثلث بدقة، فهناك من يرى أن الحدود تمتد لتشمل مناطق أوسع بكثير من المساحة المعلنة، مما يجعل برمودا جزءًا من شبكة من الظواهر البحرية، التي قد تفسر العديد من حوادث الاختفاء التي رُصدت على مدى السنين.
لماذا مثلث برمودا أخطر منطقة في المحيط الأطلسي؟
قِيل إن مثلث برمودا أخطر بقعة في المحيط الأطلسي، لكن ما السبب وراء هذه السمعة؟
الحقيقة أنها ليست مجرد خرافة، بل هناك مجموعة من العوامل الطبيعية والبشرية التي تجعل الأجواء وظروف البحر هناك محفوفة بالتحديات أحيانًا، وقد تكون قاتلة في بعض المواقف.
من أبرز هذه العوامل الطبيعية، تقلبات الطقس الشديدة، فمثلث برمودا معروف بتشكّل العواصف والأعاصير المفاجئة، مما يخلق ظروفًا جوية عنيفة تؤثر بشكل كبير على سلامة الملاحة، سواء للسفن أو الطائرات.
أضف إلى ذلك التيارات البحرية القوية وغير المتوقعة، التي قد تدفع بالسفن بعيدًا عن مسارها، وتجعل التحكم فيها صعبًا، حتى إن هناك تقارير تتحدث عن خلل يصيب البوصلات المغناطيسية أحيانًا في تلك المنطقة، مما يزيد من صعوبة تحديد الوجهة بدقة.
لا يقتصر الأمر على الطبيعة فقط، فالعامل البشري له دور أيضًا؛ فهذه المنطقة تعتبر ممرًا بحريًا وجويًا حيويًا ومزدحمًا للغاية، وهذا الازدحام الشديد يعني أن فرصة وقوع الحوادث تزيد، ببساطة لأن هناك الكثير من الحركة والضغط على أنظمة الملاحة والأجهزة المستخدمة.
لكن، ورغم كل هذه التحديات، هل مثلث برمودا حقًا أخطر مكان في محيطات العالم؟
الإحصائيات الحديثة تقول شيئًا مختلفًا، فهي تُظهر أن معدل الحوادث هناك لا يتجاوز المعدلات الطبيعية عن مناطق بحرية أخرى تشهد حركة ملاحة كثيفة ومماثلة حول العالم، وهذا يؤكد، مرةً أخرى، أن الهالة المُثارة حول مثلث برمودا ليست في محلها.
ما هي الأماكن التي يُمنع الطيران فوقها؟
يُطبّق في العالم نظام من القيود على الطيران لضمان السلامة الجوية، وتتعدد الأسباب التي تدفع السلطات إلى فرض حظر أو تحديد لرحلات الطيران فوق مناطق معينة، من أبرز هذه الأماكن:
1. المناطق العسكرية الحساسة:
توجد مناطق تحت إشراف الجهات العسكرية، حيث يُمنع الطيران لضمان أمن الدولة وسرية العمليات العسكرية.
2. المناطق ذات الظروف الجوية القاسية:
مثل القطب الجنوبي الذي ذكر سابقًا، حيث تُفرض قيود على الطيران بسبب درجات الحرارة المنخفضة وظروف الطقس المتطرفة.
3. المناطق ذات النشاط الجيولوجي العالي:
قد تمنع بعض الدول الطيران فوق مناطق تشهد نشاطًا بركانيًا أو زلزاليًا حادًا، لتجنب المخاطر التي قد تنجم عن هذه الظواهر.
4. المناطق ذات الكثافة السكانية العالية أو المزدحمة بالبنى التحتية:
قد تُفرض قيود على ارتفاع الطيران أو مساراته لضمان سلامة السكان والممتلكات.
أما فيما يتعلق بمثلث برمودا، فإن السلطات الدولية لا تفرض حظرًا مطلقًا على الطيران فوق المنطقة، بل تُعتبر جزءًا من المسارات الجوية المعتادة.
أما في حالات أخرى، مثل المناطق التي تتطلب حماية أمنية أو تلك التي تشهد ظروفًا طبيعية قاسية، فيُطبق نظام من القيود والضوابط لضمان سلامة الرحلات.
كيف تختفي الطائرات في مثلث برمودا؟
إذًا، يمكن القول إن خطورة مثلث برمودا لا تكمن بالضرورة في كونه مكانًا تسقط فيه السفن والطائرات بشكل غامض وخارق للطبيعة أكثر من أي مكان آخر، بل في كونه منطقة تتجمع فيها تحديات طبيعية صعبة (كالطقس المتقلب والتيارات القوية)، مع تحديات بشرية (كالازدحام المروري الشديد)، وهذا المزيج الفريد من العوامل هو ما يتطلب من البحارة والطيارين أقصى درجات الحذر واليقظة عند المرور به.
