كيف يكشف الذكاء الاصطناعي أسرار الدماغ خلال المحادثات اليومية؟
أظهرت دراسة حديثة نشرت في Nature Human Behaviour أن الذكاء الاصطناعي يمكنه كشف أسرار كيفية معالجة الدماغ للكلام أثناء المحادثات اليومية. الدراسة أجراها الباحث ميشيل فاكارو وأساتذة من كلية سلون للإدارة في MIT، ونُشرت في دورية Nature Human Behaviour.
استخدم الباحثون نموذج Whisper من OpenAI، وهو نموذج متطور لتحويل الصوت إلى نص، لمقارنة النشاط العصبي للدماغ أثناء التحدث والاستماع.
النتائج كشفت أن الدماغ يعمل كنظام متكامل لمعالجة اللغة وليس كعناصر منفصلة، مما قد يسهم في تطوير تقنيات مساعدة للأشخاص الذين يعانون من صعوبات في التواصل.
كيف يساعد الذكاء الاصطناعي في فهم الدماغ؟
لطالما كانت اللغة واحدة من أعقد القدرات البشرية، حيث تتطلب تنسيقًا دقيقًا بين مناطق متعددة في الدماغ. على مدى عقود، درس العلماء اللغة كمجموعة من العناصر المنفصلة (الصوتيات، القواعد، المعاني)، دون وجود نموذج موحد يدمج هذه العناصر.
لكن بفضل تقنيات الذكاء الاصطناعي، أصبح بالإمكان تحليل اللغة كنظام متكامل يعمل في الدماغ في أثناء المحادثات اليومية.
اعتمد الباحثون في دراستهم على نموذج Whisper، الذي يتميز بقدرته على تحليل الكلام وتحويله إلى نصوص بدقة عالية. وعلى عكس النماذج التقليدية التي تعتمد على القواعد اللغوية المبرمجة مسبقًا، يستخدم Whisper نهجًا إحصائيًّا يمكنه التنبؤ بالنصوص الجديدة بناءً على البيانات الصوتية التي لم يسمعها من قبل.
تفاصيل الدراسة: تسجيلات دماغية وتحليل متقدم
شملت الدراسة أربعة مرضى بالصرع كانوا يخضعون لجراحة زرع أقطاب كهربائية في الدماغ. قام الباحثون بتسجيل أكثر من 100 ساعة من المحادثات الطبيعية خلال فترة إقامتهم في المستشفى، مما أتاح فرصة فريدة لدراسة كيفية تفاعل الدماغ مع اللغة في الوقت الفعلي.
تم توصيل 104 إلى 255 قطبًا كهربائيًا على كل مشارك، ما سمح للعلماء برصد النشاط العصبي في أثناء التحدث والاستماع.
اقرأ أيضًا: هوليوود تطالب "ترامب" بحماية حقوق النشر من انتهاكات الذكاء الاصطناعي
ما الذي كشفته الدراسة؟
كشفت الدراسة أن مناطق الدماغ المختلفة تنشط وفقًا لمراحل معالجة اللغة، حيث:
- التلفيف الصدغي العلوي (Superior Temporal Gyrus): يلعب دورًا رئيسًا في معالجة الأصوات والمعلومات السمعية.
- التلفيف الجبهي السفلي (Inferior Frontal Gyrus): مسؤول عن تحليل المعاني واستيعاب المفردات.
يشير هذا إلى أن الدماغ لا يعالج اللغة كعناصر منفصلة، بل يعمل كنظام متكامل يربط الصوتيات والقواعد والمعاني في آن واحد.
اقرأ أيضًا: التوظيف المدعوم بالذكاء الاصطناعي: دليلك للتغلب على الخوارزميات
مستقبل البحث والتطبيقات المحتملة
يرى الباحثون أن نتائج هذه الدراسة يمكن أن تساهم في:
- تحسين تقنيات التعرف على الكلام في الذكاء الاصطناعي.
- تطوير أدوات لمساعدة الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات لغوية مثل فقدان القدرة على الكلام.
- فهم أعمق لآليات تعلم اللغة لدى البشر.
كما أن مقارنة كيفية تعلم الذكاء الاصطناعي للغة مع طريقة تطور المهارات اللغوية لدى البشر قد يساعد في تطوير نماذج ذكاء اصطناعي أكثر كفاءة في معالجة وفهم اللغة الطبيعية.
