كيف انعكست تحديات الموضة على العلامات الفاخرة؟
التغييرات التي شهدها عالم الموضة الفاخرة خلال العامين الماضيين، لم تكن بالحُسبان، ولعل أكثرها أهمية يتمثل في صراعها لإبقاء مكانتها بين عشاقها، حيث تغير منظور الموضة كما نعرفه، وصارت تتحكم فيها عوامل عِدّة، تتضمن التكنولوجيا واختلاف الأذواق والتغيّر المستمر، بالإضافة إلى المقارنة الدائمة بين الجودة والسعر، التي قد ترجح منتجًا عن آخر.
وربما أسهم في ذلك التطور التكنولوجي الكبير الذي حدث خلال العقدين الماضيين، وأدى إلى ظهور مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك الحِراك بين عشاق الموضة وتفضيلاتهم المختلفة، الذي تغذيه الصيحات المتغيرة، والاتجاهات المتباينة، وتطور المنظور الخاص بالسلع الفاخرة، وما يجب أن تكون عليه.
الجيل Z والموضة الفاخرة في 2025
يمثل الجيل Z، الذي يشمل الأعمار التي تتراوح بين 13 و28 عاماً، شريحة كبيرة من الطاقة الشرائية الخاصة بالعلامات الفاخرة، ويبدو أن هذه الشريحة العمرية فقدت شغفها تجاه الموضة الفاخرة الباهظة، وبدلاً من ذلك أصبح هؤلاء أكثر تركيزاً على الموضة القديمة، التي يُطلق عليها Vintage Fashion، من خلال شراء القطع المستعملة ذات الجودة العالية، والتصميمات القديمة التي تشهد رواجاً كبيرًا في عالم الموضة حاليًّا.
قفزة في أسعار الملابس الفاخرة
أسعار الملابس والإكسسوارات الفاخرة، شهدت قفزة كبيرة خلال الأربع سنوات الماضية، وقد أوضح تقرير قدّمه "بنك اتش إس بي سي HSBC"، أن أسعار السلع الفاخرة ارتفعت بنسبة تقارب 52% منذ عام 2019، نتيجة قيام العلامات الفاخرة بزيادة أسعارها سنويًا، وفي بعض الأحيان أكثر من مرة في العام، دون وجود اعتراض أو رفض من المشترين، ما أدّي إلى ارتفاعات كبيرة، بدت معها الأسعار مبالغًا فيها، مقارنة بجودة بعض المنتجات، التي ظلت وتيرة ارتفاعها كما هي، حتى وإن خفضت من جودتها.
اقرأ أيضًا: قفازات هذا الموسم: تنوّع في التصاميم والمواد والألوان
العلامات الفاخرة وبيئة العمل
نقلت تقارير إعلامية خلال السنوات الماضية عديدًا من الأخبار حول تعامل بعض العلامات الفاخرة مع العاملين فيها، وأجور عمالها الزهيدة، التي لا تتناسب مع هذه الدور الفاخرة وأسعار منتجاتها.
بالإضافة إلى التقارير التي تناولت بيئة العمل غير المناسبة لعمال بعض العلامات الكبرى، وكذلك الحصول على المواد الأولية ومستلزمات التصنيع، كالأقمشة والأصواف والجلود الخاصة بها، بطريق منافية للمعايير الإنسانية والأخلاقية، التي ربما تبتعد عن مفاهيم الاستدامة في بعض جوانبها.
وكل ذلك بالتأكيد انعكس بالسلب على صور العلامات وعملائها، حيث أصبح ينظر إلى مثل هذه الأمور بنظرة مختلفة، تمنحها من الأهمية أكثر من أي وقت مضى.
وكان من المتوقع أن تمثل التكنولوجيا العصا السحرية لجذب الفئات العمرية الأصغر من المشترين، ولكن مع تقلّب صيحات الموضة والتكنولوجيا، وتحول بوصلة اهتمام المستهلكين، وبروز أفكار تقدير الأقدم، الذي أصبح الأكثر رواجاً، تماماً كما نرى مع عودة سماعات الأذن ذات الأسلاك والكاميرات الرقمية، واستخدام مواقع التواصل الاجتماعي بشكل أقل، كل ذلك جعل من آمال بيوت الأزياء الفاخرة في التكنولوجيا لا تقوم بالنتيجة المرجوّة من استخدامها.
ورغم ذلك، ومع كل هذه المتغيرات لا يمكننا التنبؤ أبداً بما سيكون عليه مصير الموضة الفاخرة، فتارةً تهبِط المبيعات، وتارة أُخري ترتفع بناء على صيحات الموضة واستراتيجيات العرض والطلب.
