كيف تحافظ على نمط حياتك الصحي وتتجنب "الهوس بالصحة"؟

من منا لا يرغب في عيش حياةٍ صحية خالية من الأمراض؟
جميعنا -بالتأكيد- يرغب في ذلك، ولكن للحياة الصحية جناحان أساسيان: تغذية صحية، وممارسة رياضة. ورغم بساطة ذلك في الظاهر، فإن الأمر قد يكون شاقًّا بالنسبة للبعض، إذ يضعون قواعد صارمة بشأن التغذية، كما قد يستمرّون في ممارسة الرياضة حتى إن تعرّضوا لإصابة، سعيًا للعيش بصحة جيدة، ولكن هل يمثل ذلك النهج الطريق الأمثل لصحة سليمة أم أنّه الهوس بالصحة؟!
ما الهوس بالصحة؟
من الطبيعي أن ترغب في تحسين صحتك، من خلال الطعام الصحي وممارسة التمارين الرياضية، ولكن تحوّل هذه الممارسات إلى هاجس بالنسبة لك لا يبدو أمرًا طبيعيًّا، حيث تنخرط في قواعد صارمة وغير مرنة بشأن الحفاظ على صحتك.
وفي تلك الحالة، قد تجد أنّ اختيار طعامٍ صحي مثلًا كل يوم يُشكِّل تحديًا وضغطًا مباشرًا عليك يوميًّا، خاصةً إذا تناولت أنواعًا مُعيّنة من الطعام غير الصحي، فعدم قدرتك على أن تكون عفويًا مع الطعام، مثل أن تُصاب بنوبة هلعٍ بعد أن يصحبك صديقك لتناول الآيس كريم مثلًا، يُعد علامة واضحة على أنّ لديك هوسًا غير صحي بصحتك.
هوس الغذاء الصحي
يُعرف هوس الغذاء الصحي، بأنه هوس غير صحي بشأن مكونات الطعام الذي تتناوله؛ إذ تقضي وقتًا طويلًا في التفكير في الأكل الصحي، بما قد يؤثر على حياتك وقدرتك على تناول الطعام مع الآخرين، وتشمل علاماته:
- التفكير في الطعام باستمرار.
- فحص مكوّنات الطعام دائمًا.
- التأكّد من أنّ كل شيء تتناوله غير مُعدّل وراثيًا أو عضوي.
- النظر في كيفية تصنيع الطعام الذي تتناوله.
- اشتراط أن تكون الأغذية خالية من المواد الكيميائية.
- عدم القدرة على تناول الطعام تلقائيًّا.
- تجنّب بعض المجموعات الغذائية تمامًا في نظامك الغذائي.
متى تصير مهووسًا بصحتك بشكلٍ غير طبيعي؟
قد تدلّ بعض العلامات على أنّك صِرت مهووسًا بالصحة بشكلٍ غير طبيعي، ورغم اختلاف العلامات من شخصٍ لآخر، لكنّها قد تضمّ:
1. الشعور بالذنب عقب أي فعل غير صحي:

ليس من الطبيعي أن تشعر بالذنب كُلّما تناولت وجبة سريعة أو طعامًا غير صحي، حتى إذا كُنت ترغب في الحفاظ على صحتك، فلا بد من وجود فترة راحة بين الحين والآخر، حتى إن كُنت مواظبًا على نمط معيشةٍ صحي، مثل يوم للراحة من التمارين الرياضية أو تناول بعض الكعك في حفل زفاف أحد أصدقائك.
فمن الطبيعي أن يمرّ ذلك دون قلق، ولكن إذا وجدت نفسك تشعر بالغضب، أو اجتاحتك نوبة قلق، أو أحسست بالذنب أو الاكتئاب بشدّة، خاصةً إذا كان الأمر خارجًا عن سيطرتك (كما في حالة غلق صالة الألعاب الرياضية مثلًا)، فثمّة هوس غير طبيعي بالصحة.
اقرأ أيضًا:عندما تنقلب العادة الجيدة إلى داء.. ماذا تعرف عن هوس الغذاء الصحي؟
2. ربط الصحة بمعايير أخلاقية:
لا تهتم خلايا جسمك بما تفعله، بل تتعامل حسب ما تُقدِّمه لها، لذا فإنّ ربط بعض الأطعمة بالخير وبعض الأطعمة بالشرّ، أمر غير منطقي، فلن تكون شخصًا سيئًا لمجرّد أنك تناولت الشوكولاتة مثلًا، لذا إذا كُنت تُقيِّم نفسك "أخلاقيًا" حسب التزامك بالطعام الصحي من عدمه، فربّما صار ذلك هوسًا غير طبيعي بالصحة.
3. الارتياب بشأن الطعام:
الارتياب المرتبط بهوس الصحة قد يظهر بأشكالٍ مختلفة، منها على سبيل المثال:
- أن تتأكّد من ممارسة التمارين الرياضية بكمية هائلة لتتناسب مع كل ما تتناوله.
- تجنّب بعض الأطعمة بحماسٍ شديدٍ نابع من خوفك الشديد على صحتك.
وقد يتحوّل ذلك إلى رهاب الطعام؛ إذ تصير خائفًا بصورةٍ غير منطقية من تناول بعض أنواع الطعام التي تضعها في قائمة الممنوعات.
نعم، قد يجب عليك ألا تناول هذه الأنواع من الطعام، لكن ليس بالضرورة أن يؤدي ذلك إلى قلق شديد، وربّما خوف مبالَغ فيه من هذا الطعام، فمن المقبول أن تتجنّب بعض أنواع الطعام حفاظًا على صحتك، لكن من غير المنطقي أن تتجنّب هذا الطعام كأنّك تتعامل مع سُم، فهذا غير طبيعي.
4. الاستمرار في الرياضة رغم الإصابة أو المرض:
رفض الاستماع إلى جسدك يدل على الهوس بالصحة، فإذا واصلت ممارسة التمارين الرياضية مثلًا رغم الإصابة والشعور بالألم، أو أن تستمرّ في تناول أنواعٍ مُعيّنة من الطعام رغم ما يسببه من اضطرابات لجهازك الهضمي، أمور يجب الانتباه إليها، وإلّا قضت على نتائج الصحة المرجوّة وأدت إلى الانهيار.
فكيف لجسمٍ مُصاب أن يستفيد من التمارين كالجسم السليم؟ وكيف تُمتص العناصر الغذائية المفيدة مع اضطراب الجهاز الهضمي؟ فبلوغ تلك المرحلة يعني أنّك بلغت درجة كبيرة من الهوس بالصحة.
فالوعي الصحي السليم، هو الذي يتجاوب مع احتياجات جسمك ويخدمه بشكلٍ صحيح، وليس بأن يعاقِبه أو يضرّه أو يعرّضه لمشكلات خطيرة رغم إشارات التحذير التي يرسِلها جسمك.
5. دفاعيّ تجاه نقد الآخرين لك:
من السهل جدًا أن تصير مهووسًا بصحتك، وربّما يصعب الجدال ضد ذلك، فمن لا يرغب بأن يتمتّع بحياةٍ صحية؟ لكن إذا كانت استجابتك الفورية هي الغضب أو الرفض القاطع، الذي يكون غير متناسب مع الموقف، عندما يثِير أي شخص مخاوف بشأن روتينك، وأنّك قد بلغت حدًّا بعيدًا مبالغًا فيه، فقد تكون مهووسًا بصحتك بالفعل ولا تستمع إلى صوت العقل.
اقرأ أيضًا:ما هو سبب هوس قضم الأظافر؟
تأثير وسائل التواصل الاجتماعي في الهوس بالصحة

لا يتطلّب الأمر الكثير حتى تصير مهووسًا بالصحة، بل يكفي فقط أن تتصفّح وسائل التواصل الاجتماعي لمدة 5 - 10 دقائق، ثُمّ ترى العديد من المؤثِّرين يحدثوك عن كيفية عيش حياة صحية بشكل مثالي "غير واقعي على الإطلاق"، لكنّها لقطة فقط تراها عبر الشاشة، وإن كان لها أثر بالغ في وجدانك.
فإذا كُنت تقضي وقتًا طويلًا نسبيًا على وسائل التواصل الاجتماعي، فستبدأ في تصديق ذلك الكلام رغم عدم واقعيته في كثيرٍ من الأحيان، فلا أحد يهتم بالتعليم أو التدريب الذي تلقّاه من ينتِج محتوى عبر وسائل التواصل الاجتماعي، خلال التمرير بلا تفكير على وسائل التواصل الاجتماعي، بل جلّ ما يهتم به معظم الناس هو ما إذا كان ما سيقوله شخص ما مقنعًا بالنسبة لهم أم لا، وبالطبع ما إذا كان مُسلّيًا أم لا؟!
كيف تهتم بصحتك دون أن تكون مهووسًا بها؟
يمكنك التركيز على صحتك والاهتمام بها دون هوس بسهولة، لكنّ أول شيء يجب القيام به هو التأكّد من أنّك تهتم فقط بالمعلومات الصحية، التي تم التحقّق من صحتها، وذلك بالتحقّق من مصدر المعلومات.
هل تم التحقق من صحة هذه المعلومات من قِبل منظمات موثوقة؟
هل تأتي من شخص لديه تدريب رسمي أو أوراق اعتماد حقيقية؟
فهناك الكثير من المخادعين ينتظرونك، ولن يكون أحد ضحيتهم سواك، إن لم تتسلّح بالمعلومات الدقيقة من مصادرها الصحيحة.
ومِمّا قد يساعدك على تفادي الهوس بالصحة:
- رصد المشكلة ابتداءً من خلال علامات الهوس بالصحة، مثل الشعور بالذنب إذا فعلت شيئًا ما "غير صحي"، أو الاستمرار في الرياضة رغم الإصابة، أو غير ذلك، فمعرفة المشكلة أول السبل لحلّها.
- الاستعانة باختصاصي الصحة النفسية لمساعدتك على التغلّب على الهوس بطريقة احترافية، وكذلك باختصاصي التغذية كي يضع لك نظامًا غذائيًا صحيًا ومرنًا.
- تقبَّل عدم بلوغ الكمال، فليس هناك شيء يتم بطريقة صحيحة 100%، وهذا ينطبق على عيش حياةٍ صحية بالطبع، فلا تكُن مبالِغًا في أهدافك الصحية ولا في طريقتك للوصول إليها.
- تقليل الوقت الذي تقضيه على وسائل التواصل الاجتماعي، فربّما كان هوسك بالصحة آتيًا من هناك دون أن تدري.