التجارب السابقة للرجل قبل زواجه.. شبح يطارده أم خبرة مكتسبة؟
تلعب العلاقات والتجارب السابقة للرجل قبل الزواج دورًا كبيرًا في تشكيل شخصيته وتفكيره وسلوكه، وتنعكس على حياته الزوجية، سواء كانت هذه التجارب علاقات عاطفية سابقة، أو خبرات أسرية ناتجة عن بيئة اجتماعية مفككة نشأ فيها، بما يؤثر بشكل إيجابي أو سلبي على العلاقة الزوجية، وتؤكد الدراسات النفسية والاجتماعية أهمية فهم هذه الآثار جيدًا، حتى نتجنب المشكلات التي قد تنشأ بين الزوجين بسببها.
التجارب السابقة للزوج وتأثيرها على العلاقة الزوجية
هل تؤثر التجارب السابقة للزوج قبل الزواج على العلاقة الزوجية فيما بعد؟ سؤال طرحناه على الدكتور "مصطفى الفرماوي"، أستاذ تنظيم المجتمع بـ"كلية الخدمة الاجتماعية - جامعة حلوان"، الذي أجاب قائلًا: "كلما كان الزوج له تجارب سابقة قبل الارتباط، فإن هذا يجعله في حالة مقارنة دائمة بين زوجته الحالية وما مر به من تجارب سابقة قبل زواجه، وبالتالي من الأفضل للزوجة عندما ترتبط بالزوج أن تحرص ألا يكون له تجارب سابقة، وهو الأمر الذي يرتبط بالإطار الديني والأخلاقي الحاكم في عملية اختيارها للزوج المناسب، ومن ثم تضمن أنه حتى وإن سبق له الزواج من أنه لن يظلمها أو يقارنها بزوجته السابقة، وهنا ستكون الأسرة أكثر استقرارًا".
وأضاف د."الفرماوي" لـ"الرجل": "البيئة التي نشأ فيها الرجل قبل زواجه تلعب دورًا أساسيًا وهامًا في تشكيل سلوكه مع زوجته، فإذا نشأ الزوج في أسرة مفككة، فمن المحتمل أن يحمل أنماطًا سلبية تؤثر على زواجه، رغم أن الدراسات تؤكد على أن الأزواج الذين ينشئون في مثل هذه البيئات، غالبًا ما يكونون أكثر حرصًا على تجنب تكرارها في حياتهم مع زوجاتهم".
اقرأ أيضًا| استشاري صحة نفسية تجيب لـ "الرجل": هل يؤثر نجاح المرأة على الحياة الزوجية؟
التأثير على الزوجة وإيجابيات العلاقات السابقة!
وتابع أستاذ تنظيم المجتمع: "تشير بعض الدراسات إلى أن معرفة الزوجة بالتجارب السابقة للزوج، يؤثر على العلاقة الزوجية فيما بينهما، وهذا التأثير يكون سلاحًا ذا حدين، فإذا كان الزوج واضحًا وصادقًا في حديثه مع زوجته عن تجاربه السابقة، فإن هذا يعزز شعور الزوجة بالثقة والاحترام المتبادل، وعلى العكس من ذلك، قد تؤدي معرفتها بتجاربه السابقة إلى إثارة مشاعر الغيرة والقلق، خصوصًا إذا تمادى الزوج في تصرفاته التي تثير الشك والغيرة".
ويضيف: "لعل من إيجابيات العلاقات والتجارب السابقة، أنها تنمي النضج العاطفي، وتعلم الزوج كيفية التعامل مع المشاعر المختلفة، وهذا بالطبع ينعكس بالإيجاب على علاقته بزوجته، ومن الإيجابيات أيضًا أنها تجعله حريصًا أكثر قبل الارتباط، كي لا يكرر أخطاءه السابقة، وهذا ما يجعله أحيانًا مترددًا نسبيًا في الارتباط، حيث يفكر مائة مرة قبل الإقدام على هذه الخطوة".
اقرأ أيضًا: هل تختلف معايير اختيار الرجل لشريكة حياته باختلاف مراحله العمرية؟
التجارب الفشلة والمؤلمة
أما عن أبرز السلبيات فيجيب الدكتور الفرماوي أنها "تتمثل في نتائج التجارب الفاشلة أو المؤلمة السابقة على الزواج، إذ قد تؤدي إلى صعوبات في بناء الثقة، والقلق الزائد من تكرار الأخطاء، كما أن المقارنات بين الزوجة والشريكات السابقات قد يولد لديها غيرة طبيعية، حتى وإن كانت غيرة من زوجة متوفاة مثلًا، فالقيم الأخلاقية للزوج هي التي تطمئن الزوجة وتشعرها بالأمان، أما إذا وصل إليها الشعور بإجرائه لمقارنة مع الأخريات، فإن هذا يشعرها بالتأكيد بعدم الأمان وعدم الاستقرار العاطفي، فيما يجعلها دائمًا في حالة ترقب وحيرة، ويقلل من قيمة العلاقة الحالية".
ولذلك يشدد د."الفرماوي" على "ضرورة التمسك بالقيم الأخلاقية للزوج، لأنها تطمئن الزوجة وتشعرها بالأمان، فكلما كان للزوج تجارب سابقة كان هناك تأثير سلبي على الحياة الزوجية، ويأتي الإطار الأخلاقي للزوج وكيفية تعامله مع زوجته ليضع الأساس السليم للعلاقة، بما يشعرها بأنها الأهم في حياته".
تجارب الإنسان جزء لا يتجزأ من حياته
من جانبه قال الدكتور "وليد هندي" استشاري الصحة النفسية، إن "علماء الاجتماع اختلفوا فيما بينهم حول العمر المناسب للإنسان حتى يصبح كائنًا اجتماعيًا، وفي تعريف متقدم أثبتوا أن قياس عمر الإنسان الاجتماعي منذ نزوله إلى الحياة، بمعنى أن أي تجربة يخوضها بالفعل يتأثر بها تحدد عمره الاجتماعي".
وأضاف في تصريحات لـ"الرجل"، أن "الإنسان دون تاريخ ليس لديه بصمة اجتماعية، لأن تجارب الإنسان الاجتماعية هي في الواقع جزء لا يتجزأ من تاريخه ووجدانه، الذي يشكل شخصيته ويحدد تصرفاته في المستقبل".
وتابع أن "التجارب الوجدانية والعاطفية لها عظيم الآثر في تكوين الشخصية"، مشيرًا إلى أنها أحيانًا ما تهدد الحياة الزوجية، وأحيانًا أخرى تكون مصدرًا للفخر، في حالة إذا كانت هذه التجارب لا تحتوي على تصرفات غير أخلاقية، بل تحتوي على كبرياء وشموخ وعزة نفس بعد انتهاء العلاقة، خصوصًا إذا لم يسبب جرحًا أو أذى للشريكة السابقة.
واستطرد قائلًا: "يجب على الرجل أن يترك الماضي وراءه، وينظر إلى المستقبل، ويفتح صفحة جديدة مع شريكة حياته، فالتجارب السابقة تكّون النضج الكافي لدي الرجل، وتبعده عن تكرار أخطاء التي ارتكبها في الماضي، وتجعله حريصًا على علاقته الجديدة".
ووفقًا لـ"هندي"، في بعض الأحيان يكون لدى عديد من الزوجات شعورًا، بأن أزواجهن لديهم خبرات سابقة، مما يحفز بداخلهن شعور السيطرة والحفاظ عليهم، من خلال إثبات أنهن قادرات على دفع أزواجهن للاكتفاء بهن دون النظر لغيرهن.
ويحذر استشاري الصحة النفسية من أن الخبرات السابقة قد تهدد الحياة الزوجية، خصوصًا في حال اكتشاف الزوجة خيانة أو خداع زوجها، وبأنه لا يحافظ على عهده معها، أو أن تصرفاته غير أخلاقية، وبشكل خاص إذا كان شخصية نرجسية، أو يتصرف تصرفات مراهقة، من خلال تتبع الشريكة السابقة عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
فيما ينصح د."هندي" الشباب بأن يضعوا تجارب الحياة في مسارها الصحيح، وكأنها جزء من التاريخ وقد مضى، ووقت استذكارها يكون بهدف استخلاص الدروس المستفادة والتركيز في الحاضر والمستقبل.
اقرأ أيضًا| "الاحتراق النفسي".. كيف يهدد علاقتك الزوجية وهل يمكن تجنبه؟
نصائح هامة لحياة زوجية مستقرة
عندما يدخل الرجل والمرأة في علاقة زوجية، فإن المكاشفة والمصارحة من البداية تمثل النصيحة الأبرز لاستمرار واستقرار الحياة، فالصراحة والمكاشفة والشفافية من البداية هي نقطة الارتكاز الأساسية بدءًا من فترة الخطوبة، حتى يتجنب الطرفان حدوث أي تأثيرات سلبية.
وقد أشارت دراسة نشرت في Journal of Marriage and Family Therapy، حول تأثير العلاقات السابقة للرجل على قدرته على حل الخلافات الأسرية، وأوضحت أن الأشخاص الذين خاضوا تجارب عاطفية إيجابية قبل الزواج، كانوا أكثر قدرة على حل النزاعات الزوجية بجدارة عن غيرهم.
وعن تأثير العلاقات السابقة على نفسية الزوجة، ومدى ثقتها بزوجها أظهرت دراسة أجرتها "جامعة كاليفورنيا" أن التحدث بصراحة وشفافية حول الماضي يسهم في بناء ثقة أكبر بين الزوجين.
فيما أوصت عديد من الدراسات بضرورة اللجوء إلى الاستشارات الزوجية قبل الزواج، لأن هذا يساعد على تجاوز تأثيرات التجارب السابقة بشكل إيجابي.