فيصل بن سلطان آل سعود: انا شاعر ولست تاجر
فيصل بن سلطان آل سعود
فيصل بن سلطان آل سعود، همه الإنسان، والريشة هي التي تخرج مكنونات النفس المفعمة بالإنسانية والإحساس العالي بها، لوحات ترسم شعراً لروح شغوفة باللون والكلمة، وللإفساح في المجال لأن يقول الوجدان ما يبوح به من نتاج نفسي فني، لتغدو اللوحة الحلم الواعي الناطق بتفاصيل الحياة بكل تلاوينها. هو الإبداع يتوهج بريشة الأمير فيصل بن سلطان بن محمد بن عبد العزيز آل سعود، تترافق مع سحر الكلمة الشعرية التي يسير بين حروفها، ليوصلنا إلى حالة من الرقي المتكامل بين عالمين غنيين بالحلم والحقيقة.
- ماذا تقديم في امسياتك الشعرية ؟
لوحات رسمتها من عام 1999-2006، جمعتها في كتاب، عُرض في معرضين في السعودية وبيروت، ومن ثمّ توقفت بسبب انشغالي في أشياء أخرى، منها دخولي عالم السينما. والآن قررت التركيز على المعرض، فبعد جمع لوحاتي في كتاب، رسمت لوحات كثيرة، ولم أحبّذ أن أشارك بها في المعرض الأول، لكي تأخذ اهتماماً، وفي المعرض الثاني قمت بجولة في العالم، وشاركت باللوحات التي رسمتها بعد 2006.
- من أين تستوحي مجموعة اللوحات التي ترسمها؟
الرسام هو إنسان أولاً، وأعتقد أن عقل الإنسان يستوعب الأشياء من حوله، كما الكمبيوتر وأحياناً تخزن هذه الاشياء دون إدراكه منه، لكن المشكلة أن هناك أشخاصاً يهربون ممّا تخزّنه عقولهم، لكن الفنان التشكيلي يوثق ما يحدث وما يراه في حياته. في بعض الأحيان أرى اللوحات والأشعار التي رسمتها وكتبتها، وأقول لنفسي كيف رسمت وكتبت في تلك اللحظة؟ الإلهام في حياة الفنان يجب أن يكون موجوداً دائماً وليس في لحظة الكتابة أو الرسم فحسب، وأحياناً أرى شيئاً يعجبني وأكتب عنه بعد شهر.
من الرسم والشعر إلى الانتاج الهوليودي، ما الذي دفعك إلى ذلك ؟
أنا أعشق السينما، واتجهت إلى هوليود، لأنني معجب بطريقة التصوير وكيف ينتجون الأفلام. ذهبت بعدها إلى لوس انجلوس، والتقيت أشخاصاً لهم علاقة بهذا الأمر، وأحببت الفكرة كثيراً. وأنتجنا فيلمين، ليسا على قدر طموحي، لكن كانت تجربة غنية، استطعت أن أرى مواقع التصوير وتعرفت إلى طريقة التعامل مع المنتجين والناس في الفيلم، وكانت فرصة لألتقي فنانين، مثل مايكل دوغلاس في فيلم "أندر ريزبلدابت".
- هل هذه الأفلام على مستوى هوليود أم أنها مجرد بداية؟
إنها على مستوى هوليود في التصوير والإنتاج والمستوى عال، لكني أفترض أن وجودي في هوليود يجب أن يكون من الألف إلى الياء، من السكريبت وحتى السيناريو كما نسميه هنا، إلى آخر مونتاج وقص للفيلم، كنت أرغب في الحضور في كل مراحل الفيلم، هذا طموحي وليس العمل التجاري بل حبي للسينما، أحب الأعمال الفنية والإنتاج الفني في كل المجالات الموسيقا والسينما والرسم.
- نعلم جميعنا أن تكلفة الأفلام الهوليدية باهظة، فلمَ لم تتجه إلى السينما العربية التي تلقى رواجاً، وبتكلفة فيلم في هوليود تنتج 10 أفلام عربية؟
الأفلام التي أنتجناها في هوليود، هي التي تسمّى المستقلة، وتكلفتها أقل من تلك التي تصور في استوديوهات، هناك كثُر دخلوا الإنتاج العربي، وهناك كثُر يدعمونهم أشخاصاً وقنوات. أنا أحب أن أكون مختلفاً، لكنني لا أجد نفسي في هذه الأفلام، رغم أني أقدرها، أنا أجد نفسي في الأفلام الأمريكية تحديداً، وأبحث عن مشاركة لفنانين عرب في الأفلام الأمريكية، يهمني أن يكون الإنتاج أمريكياً، لا الممثلون والقصة والكتاب والمصممون.
- كيف تحاول تقديم المساعدة لشريحة من الشباب العربي، التي تراك قدوة ؟
أي شخص لديه قدرة ما في حياته، عليه أن يكون قدوة للجيل. ربي أعطاني مكانة معيّنة، كما أعطى الناس كلها. هناك فنانون كبار، وآخرون متوسطون، وأنا أحترم الجميع. وأكثر ما أستطيع عمله أن أكون قدوة، وأن أقدم ما أستطيع، وأن تتحدث أعمالي عني.
- لديك مكانتك الاجتماعية، وأنت فنان أيضاً، هل يتعارض هذا الأمران؟
كل شخص مسؤول عما يقدمه وما يراه، أنا أقدر أي نوع من العطاء الفني، وأحب الفن والإنتاج السينمائي وأراهما مهمّين؛ هناك أفلام أنتجت في السبعينات، مثل "عمر المختار" و"الرسالة"، وهي حتى اليوم، كلّما عُرضت، تجد صدىً إيجابياً جداً، لكن ما انتج بعد هذه الأفلام، لم يُحدث الأثر نفسه، لماذا؟ لأن الإنتاج أجنبي. وهناك فنانون عرب كالراحل مصطفى العقاد الذي هو قدوة لي ولأشخاص كثر، وهو مخرج عربي، والموضوع عربي والإنتاج أجنبي؛ إذن لديك وسائل أكبر لتعرض قضيتك.
الإخراج بحاجة إلى وقت طويل ومراقبة
- أستطيع أن أستنتج من حديثك وطريقة عملك، أنك قد تخوض تجربة الإخراج، فهل هو صحيح؟
ربّما؛ وقريباً يمكن أن تراني في مجال الكتابة، سأنهي قصة ويأتي كتاب سيناريو يكتبونها. الإخراج بحاجة إلى وقت طويل ومراقبة، الآن لديّ أفكار، وسأبدأ مساعد مخرج، لأرى ما يفعله المخرج عن قرب، ويمكن أن أجرب الإخراج يوماً.
أعمل على أن أشرف هذا الأسم بعملي
- القريبون منك يلحظون تواضعك، وأنك تعمل على طموحك، ولا تأسر نفسك ضمن المكانة الاجتماعية واللقب؟
أنا انسان عادي، وما جاء بالوراثة والاكتساب شرف أحمله من ولادتي. عندما أدخل في أعمال معينة، أشعر أن هذا اللقب حمل، عليّ أن أشرفه، المشكلة ليس في اللقب ولكن في العمل. الناس تعتقد نفسها مسجونة في هذا اللقب، أي عمل تريد أن تنجزه من المحتمل أن تقوم به بطريقتين طريقة فيها إسفاف وأخطاء كبيرة، تؤثر فيى سمعتك واسمك، وطريقة فيها رقيّ؛ فأي عمل في مجال الكتابة أو الأوبريت أو حتى الأغاني، يجب أن يكون بطريقة راقية وتليق بالاسم، وأنا أريد أن أشرف هذا الاسم، لأنني ولدت به ولم أتعب من أجله، ومن حقه عليّ أن أسعى لأشرّف هذا الاسم أيضاً بعملي.
- هل يمكن أن نرى عملاً تجمع فيه العرب بالغرب؟
بالتأكيد؛ أرى أن هناك مواهب شابة عربية، وقد جلست إلى شباب يصنعون الخيال العلمي على كومبيوتراتهم، ويصنعون ألعاباً خاصة بهم. وهناك الكثير من المواهب الواعدة، ومن مهمتي أن أجد موهبة من بلدي أو أي بلد عربي وأدعمها، لأنّني سأجد فناناً واعداً؛ ممثلاً ومصمّم ملابس، وموسيقياً وكاتباً، ومصمّم ألعاب. يوجد الكثير ومن هذا المنبر أستطيع أن أخدمهم، أكثر من إنتاج عربي فحسب.
ماذا تريد أن يكتب التاريخ عنك؟
أريد أن أقوم بأشياء كثيرة تشرّف اسمي وديني ووطني، دون انتقاص للآخرين، أو عدم احترام لوازع ديني او مذهبي. وأشعر أن أهم شيء في حياتي، أن أقوم بأعمال جميلة ومفيدة. ويتحدث الناس عنها.
- هناك كثير من البرامج التي تعتني بالمواهب الشعرية، هل ترى نفسك في هذا ؟
أنا رسام أكتب الشعر
أنا أقول دائماً عن قامات مثل الأمير خالد الفيصل ، إنه شاعر يرسم، بينما أنا رسام أكتب الشعر. مازلت هاوياً للشعر، ولست متعمّقاً هناك اشخاص فيهم الخير، يمكن أن يكونوا في مكانة تبنّي المواهب في هذا المجال. وليس لدي طموح في هذا الأمر.
- ما هي دراستك؟
إدارة الأعمال
- هل تعمل في هذا المجال، مع الفن والإنتاج؟
لا أحب أن أكون تاجراً، ولا أعمل في التجارة إلا في مجال الإنتاج، ومشاريع إنتاجية فقط.
- كيف ترى دول الخليج، وهي بلاد السيف والترس والشعر والبادية، في ضوء التطور والحضارة ووجود الوافدين، كيف ترى التزاوج بين الاثنين؟
التطور السريع لكل دول الخليج هو تطور يكتب عنه، ولم يحصل في بلد في العالم، وأنا أتحدث عن 50 سنة فقط، والتطور سريع وفي كل المجالات ولا يوجد كلام يصف ما يحدث من تطور، وتجد نفسك مغموراً في كل ما تراه في مدن الخليج؛ أبوظبي، دبي، الدوحة... من هذا التطور هنا لديهم متحف غوغنهايم واللوفر. التطور سريع، وإن شاء الله، سأشارك، وأكون جزءاً مع الفنانين السعوديين في هذا التطور.
- ما الشيء الذي تحب أن تقوله خلال لقاءاتك الصحفية؟
لا أظهر كثيراً في الصحافة، وهذا من اللقاءات القليلة خلال خمس سنوات. والشيء الوحيد الذي أحب أن أُسأل عنه هو احترام الآخرين والأديان.
- كيف؟
على كل منّا أن يحترم الآخرين ومعتقداتهم؛ وأنا أحترم الإنسان بصرف النظر عن اعتقاده أودينه، ليس في الوطن العربي فقط، بل في العالم كله. احترام الآخر هو الذي يأخذنا إلى التطور، ويبعد عنا المشكلات، الاحترام هي كلمة صغيرة، لكنها جواب عن كثير من الأسئلة.
- هل كان من الصعب عليك الانخراط في مجتمع بعيد عن عادات مجتمعك وتقاليده، حتى في مجال الأعمال؟
لا؛ بسبب قربي من الناس، واحترامهم واحترام معتقداتهم. ولا أتخطّى حدودي نحو حرية الآخر، ولا أقبل التعدي على حريتي. وفي مجال الإنتاج السينمائي لم أشعر بأي عنصرية او أي مشكلة.
- إذا وجدت أموراً لا تتناسب مع عاداتك وتقاليدك، فما موقفك؟
يمكن أن أرفضها، ويجب ان يحترموني؛ ففي احد الأفلام التي أنتجتها قلت لهم أن يغيّروا في سيناريو الفيلم أموراً أرفضها، لكن يجب أن أدرك أنني مشارك في الإنتاج ولست الوحيد، عندما يكون الإنتاج لي أتحكم فيه، وإن شاء الله يكون لدول الخليج هذه المشاركة، فالإمارات بدأت به في مهرجاني دبي وأبوظبي السينمائيين، من خلال شركات لها، وصنعتا إنتاجاً مشرفاً، وإن شاء الله أن نعمل أفلاماً تشرف ديننا وعاداتنا وتقاليدنا، نأخذ التراث والأحداث التي نعيشها ليسمع العالم ما يجري عندنا.
- هل ترى أن الفن رسالة؟
بالتأكيد.
- هل ترى أن ما تخرّبه السياسة قد يصلحه الفن؟
بالنسبة لي الفن رسالة، واختياري لهوليود، سببه أن فيلماً واحداً من هوليود يعرض في الدول العربية، وفي الصين وفي الهند، وفي كل أنحاء العالم، وأنا أريد أن أتكلم عن تراث معيّن في السعودية أو في الإمارات، وأضعه في فيلم، فإن وضعته في فيلم عربي، انتشر في الدول العربية، وإن وضعته في فيلم هندي، انتشر في بعض الدول، ولكن عندما يكون هوليدياً ينتشر في كل العالم.
- هل تريد تصوير هذا في الدول العربية ؟
من الممكن جداً، لكن المهم الإنتاج أمريكي، والطاقم عربي، لم لا.
- كلمة أخيرة؟
أنا سعيد جداً بوجودي هنا، وباستقبال أبوظبي ودبي لي، وأن يكون لي دور في الحركة الثقافية. وشكراً لكم.