هل يزيد العمل عن بُعد من الخصوبة؟ دراسة جديدة تجيب
كشفت دراسة أكاديمية جديدة، أن التحوّل نحو العمل من المنزل بعد جائحة كورونا أسهم في زيادة معدلات الإنجاب بين العاملين عن بُعد، مقارنة بنظرائهم الذين يلتزمون بالمكاتب.
وأجرى البحث فريق من الباحثين من جامعات ستانفورد، برنستون، وعدد من المعاهد الدولية، حيث شمل مسحهم أكثر من 39 دولة، بينها الولايات المتحدة، لقياس العلاقة بين أنماط العمل وقرارات الإنجاب بين عامي 2021 و2025.
وأظهرت النتائج المنشورة في ورقة بحثية بعنوان "العمل من المنزل والخصوبة"، أن الأشخاص الذين يعملون من المنزل ليوم واحد أسبوعيًا على الأقل سجلوا عددًا أكبر من الأطفال الأحياء، وخططًا لإنجاب مزيد في المستقبل، مقارنة بالموظفين الذين يعملون من المكاتب يوميًا.
تأثير العمل من المنزل على معدلات الخصوبة بين الأزواج
وفقًا لتحليل البيانات، فإن النساء اللواتي عملن من المنزل مرة أسبوعيًا أنجبن في المتوسط 0.039 طفلًا أكثر من نظيراتهن ممن لا يعملن عن بُعد، بينما ارتبط عمل الشريك من المنزل أيضًا بزيادة معدلات الخصوبة لدى الرجال.
وأشار الباحثون إلى أنه في حال عمل الزوجان معًا من المنزل ليوم واحد أسبوعيًا على الأقل، فإن عدد الأطفال الكلي المتوقع يرتفع بمقدار 0.2 طفل مقارنة بالأسر التي يعمل فيها الزوجان من المكاتب التقليدية.
وأوضحت الدراسة أن هذا الارتباط لا يتعلق فقط بزيادة الوقت المخصص للعائلة، بل بـ"المرونة الذهنية والنفسية التي يوفرها العمل من المنزل"، والتي تمنح الأزواج مساحة للتخطيط للأبوة والأمومة دون ضغوط الحضور اليومي للمكاتب.
أثر جائحة كورونا في أنماط الخصوبة
تُشير الدراسة إلى أن جائحة كورونا وفّرت تجربة واقعية لقياس أثر المرونة في العمل على الخصوبة. ففي الولايات المتحدة، ارتفع معدل المواليد عام 2021 بنسبة 1% بعد سنوات من التراجع، في زيادة غير متوقعة ارتبطت أكبر نسبها بالنساء من ذوات التعليم العالي اللاتي كنّ أكثر قدرة على أداء وظائفهن عن بُعد.
وفي النرويج، أظهرت دراسة منفصلة نُشرت في مجلة Labour Economics في ديسمبر 2025، زيادة مستمرة بنسبة 10% في معدل المواليد بعد تسعة أشهر من فرض أول إغلاق بسبب الجائحة.
ووفقًا للباحثين بيرنت براتسبرغ وسلمى فالثر، فإن ارتفاع الولادات كان واضحًا بين النساء اللاتي يعملن في “وظائف مرهقة” قليلة المرونة قبل الجائحة، مما يعزز فرضية أن المرونة في بيئة العمل تؤثر مباشرة في قرارات الإنجاب.
يرى الباحثون أن النتائج تسلط الضوء على جانب جديد في معالجة تراجع معدلات الخصوبة العالمية، حيث فشلت السياسات الحكومية المعتمدة على الحوافز المالية والإجازات المدفوعة في رفع مستويات الإنجاب.
ويستنتجون أن توسيع نظام العمل المرن سواء في القطاعين العام أو الخاص قد يشكل إجراءً أكثر فاعلية وأقل كلفة لتعزيز الخصوبة ودعم التوازن الأسري.
