السجائر الإلكترونية والخصوبة: الحقيقة وراء الأبخرة
يعتقد البعض أن السجائر الإلكترونية بديل أخف ضررًا من السجائر التقليدية، ولكن ماذا عن أثرها في خصوبة الرجال؟
رغم أن النيكوتين هو المادة الأساسية في السجائر التي تتسبب في التعوّد على السجائر وإدمانها، إلا أن تأثيره لم يتحدد بوضوح فيما يخص الخصوبة، فحتى في السجائر الإلكترونية الخالية من النيكوتين، ثبت بالفعل ضررها على خصوبة الرجال، بما قد يسهِم في انخفاض عدد الحيوانات المنوية.
فما العلاقة تفصيلا بين السجائر الإلكترونية وخصوبة الرجل؟ وهل يمكن أن تتحسّن جودة الحيوانات المنوية بعد الإقلاع عن التدخين؟
ما هو التدخين الإلكتروني؟
هو وسيلة للتدخين، بالاعتماد على السجائر الإلكترونية، بدلا من السجائر التقليدية، إذ تمكِّنك السجائر الإلكترونية من استنشاق النيكوتين في البخار بدلًا من الدخان، حيث يُسخِّن جهاز الـ"Vape" سائلاً مائيًا، يحتوي على النيكوتين والمنكهات ومكونات أخرى، بما يؤدي إلى إنشاء بخار ماءٍ، يستنشقه المستخدم.
ولعل ما يميز السجائر الإلكترونية عن التقليدية أنّها لا تُنتِج دخانًا ولا تحرق تبغًا، بما يعني أنّها لا تنتج القطران أو أول أكسيد الكربون، وهما من أكثر العناصر ضررًا في دخان التبغ أو السجائر التقليدية، كما أن هناك 7,000 مادة كيميائية في دخان التبغ، منها 250 مادة ضارة، و69 مادة مُسرطنة.
تأثير التدخين الإلكتروني على الذكورة
لا تخلو السجائر الإلكترونية من النيكوتين، وإضافةً إليه تحتوي مواد أخرى قد تلحِق ضررًا بخصوبة الرجال، وجودة الحيوانات المنوية وكذلك إنتاج هرمون التستوستيرون، كما يتضح من أثر كل مكون فيما يلي:
1. النيكوتين:
هو المادة الأساسية المُسبّبة للإدمان في كل من السجائر التقليدية والإلكترونية، وهو مادة قابضة للأوعية الدموية، بما يعني أنّه يقلّل تدفق الدم في جميع أنحاء الجسم، بما في ذلك الأعضاء التناسلية، كما قد يضرّ الخصوبة من خلال:
- تثبيط إنتاج هرمون التستوستيرون، ومِنْ ثمّ تقليل إنتاج الحيوانات المنوية.
- زيادة الإجهاد التأكسدي، الذي يمكن أن يؤدي إلى تلف المادة الوراثية للحيوانات المنوية وإضعاف حركتها وكذلك تشوهها.
2. المعادن الثقيلة: النيكل، الرصاص، الكادميوم
عادةً ما تحتوي السجائر الإلكترونية على كميات ضئيلة من المعادن الثقيلة، ومن المعروف أنّ هذه المعادن سامة للجهاز التناسلي، فقد تؤدي إلى:
- تلف الحيوانات المنوية، إذ ارتبط التعرّض للرصاص والكادميوم بانخفاض عدد الحيوانات المنوية، ومشكلات الحركة وتشوهات الحيوانات المنوية.
- اختلال توازن الهرمونات في الجسم بسبب التعرّض للمعادن الثقيلة، بما قد يفاقِم الآثار السلبية على جودة الحيوانات المنوية.
- تحفيز الإجهاد التأكسدي، بما يؤدي إلى ضعف جودة الحيوانات المنوية أيضًا.
اقرأ أيضًا:الجارديان: السجائر الإلكترونية تهدد صحة الأطفال بشكل غير قابل للإصلاح
3. بروبيلين جليكول والجلسرين النباتي
وهي المكونات الأساسية في معظم سوائل السجائر الإلكترونية، وهي المسؤولة عن إنتاج البخار. ورغم أنّها آمنة للابتلاع، إلا أنّ استنشاقها قد يكون مُضرًا من خلال المنتجات الثانوية، إذ عند درجات الحرارة المرتفعة، تتحلّل إلى مواد كيميائية ضارة، مثل الأكرولين، الذي يحفّز الإجهاد التأكسدي.
الدراسات الحديثة حول التدخين الإلكتروني والخصوبة
ربطت العديد من الدراسات بين تدخين السجائر الإلكترونية وضعف الخصوبة عند الرجال، فمثلاً بيّنت دراسة عام 2020 في دورية "Human Reproduction" أنَّ الرجال الذين يستخدمون السجائر الإلكتترونية، لديهم عدد أقل من الحيوانات المنوية، مقارنةً بغيرهم.
كما كشفت مراجعة منهجية عام 2020 في دورية "International Journal of Environmental Research and Public Health" عن أنّ المواد الضارة في السجائر الإلكترونية، يمكن أن تخلّ بالتوازن الهرموني، وشكل ووظيفة الأعضاء التناسلية.
كما وجدت المراجعة أدلة على أنّه حتى عندما تكون السجائر الإلكترونية خالية من النيكوتين، فإنّها تظلّ ضارة بالخصوبة.
وحسب مراجعة عام 2023 في دورية "Life"، فقد ارتبط التدخين الإلكتروني بـ:
- انخفاض عدد الحيوانات المنوية.
- انخفاض حركة الحيوانات المنوية.
- زيادة تشوّه الحيوانات المنوية.
- زيادة تكسّر المادة الوراثية للحيوانات المنوية.
- زيادة الإجهاد التأكسدي داخل الخصية.
- انخفاض مستويات هرمون التستوستيرون.
الفرق بين السجائر العادية والإلكترونية في التأثير على الإنجاب
قارنت دراسة عام 2025 في دورية "Scientific Reports" بين مُدخِّني السجائر التقليدية ومُدخّني السجائر الإلكترونية، ممن يخضعون لعمليات أطفال الأنابيب بين عامي 2022 و2024، وكانت النتائج:
- حقّق مدخنو السجائر الإلكترونية معدّل ولادات حيّة أعلى من مدخّني السجائر التقليدية.
- تمتّع مدخّنو السجائر الإلكترونية بحركة حيوانات منوية أفضل ومستويات برولاكتين أقل (هرمون يُسهِم ارتفاعه إلى مشكلات الخصوبة).
وخلصت الدراسة إلى أنّ السجائر الإلكترونية قد تكون أقل ضررًا من السجائر التقليدية فيما يخصّ حركة الحيوانات المنوية، ومعدل الولادة الحيّة في حالات التلقيح الصناعي، لكنّها ليست خالية من المخاطر الصحية.
هل تتحسّن جودة الحيوانات المنوية بعد الإقلاع عن التدخين؟
يمكن للإقلاع عن التدخين أن يحسِّن جودة الحيوانات المنوية ومِنْ ثمّ خصوبة الرجال، إذ أظهرت دراسة نشِرت عام 2022 في دورية "Springer Nature"، تحسّنًا ملحوظًا في كل من:
- حجم السائل المنوي.
- تركيز الحيوانات المنوية.
- العدد الكلي للحيوانات المنوية.
- حركة وشكل الحيوانات المنوية، لكن بلا دلالة إحصائية.
وذلك بعد 3 أشهر من الإقلاع عن التدخين، لذا فقد يكون الإقلاع عن التدخين مفيدًا في استعادة الخصوبة، خاصةً للرجال الذين يعانُون العُقم بالفعل أو انخفاض جودة الحيوانات المنوية.
اقرأ أيضًا:هل التبديل من السجائر إلى الفيب يحسّن الخصوبة ؟ دراسة تكشف
كيف تحافظ على خصوبتك إذا لم تستطع الإقلاع عن التدخين؟
إن لم تكُن قادرًا على الإقلاع عن تدخين السجائر الإلكترونية أو التقليدية، فحاول على الأقل أن تقلِّل عدد مرات التدخين، خاصةً إن كُنت تواجِه مشكلات في الإنجاب أو التحاليل تتضمّن انخفاضًا في جودة الحيوانات المنوية، وفيما يلي بعض النصائح لحماية الصحة الإنجابية من أضرار التدخين:
1. النظام الغذائي الصحي
يتضمّن النظام الغذائي الصحي، الذي يساعد على الحفاظ على جودة الحيوانات المنوية:
- تناول البروتين الخالي من الدهون، مثل الأسماك والدواجن، مع تجنّب اللحوم المُصنَّعة.
- زيادة تناول الفواكه والخضراوات في النظام الغذائي اليومي.
- تقليل تناول الدهون المشبعة وتناول الدهون الصحية بدلًا منها، مثل الأفوكادو وزيت الزيتون.
2. مكملات كو كيو 10
كو كيو 10 أحد مضادات الأكسدة التي ينتِجها الجسم طبيعيًا، والذي يمكن الحصول عليه عبر الطعام أو المكملات الغذائية، فهو مفيد للرجال الذين لديهم حيوانات منوية غير طبيعية، إذ يساعد على تحسين بِنية الحيوانات المنوية وحركتها، مما جعله من المكملات الغذائية المثالية للرجال الذين يعانُون ضعفًا في الحركة أو في تركيز الحيوانات المنوية.
3. الحفاظ على الوزن
عادةً ما يمتلك الرجال المصابون بالسمنة مستويات أقل من هرمون التستوستيرون، ومستويات أعلى من هرمون الاستروجين، كما أنّ السمنة قد تؤثر سلبًا في عدد الحيوانات المنوية، لذا يُنصَح بخسارة الوزن الزائد عبر النظام الغذائي الصحي وممارسة التمارين الرياضية لمدة 30 دقيقة يوميًا، خمسة أيام في الأسبوع.
4. حماية الخصيتين من الحرارة
تعمل الخصيتين بشكلٍ أفضل عند درجة حرارة أقل بدرجتين من بقية الجسم، لذا تجنّب قضاء وقت طويل في أحواض المياه الساخنة والساونا، كي لا تتأثّر الخصية ومعها إنتاج الحيوانات المنوية لديك.
