كيف تؤثر كلمات الأغاني على نفسية المستمعين؟ دراسة تكشف
كشفت دراسة علمية حديثة نُشرت في مجلة Psychology of Music أن كلمات الأغاني تملك تأثيرًا نفسيًا وسلوكيًا ملموسًا على المستمعين، يتجاوز كونها كلمات لحنية، إذ تؤثر على الأفكار والعواطف والسلوكيات بطرق يمكن قياسها علميًا.
وأشار الباحثون إلى أن الاستماع لأنواع مختلفة من الكلمات الغنائية يمكن أن ينعكس على تصرفات الأفراد، فالكلمات الإيجابية تشجع على السلوكيات الاجتماعية الإيجابية مثل الكرم والتعاطف، في حين أن الكلمات العدوانية ترتبط بنتائج سلبية مثل العدوانية أو التوجهات الخطرة.
تأثير الموسيقى على السلوك والمزاج
وأوضح فريق البحث بقيادة الأستاذ بابلو مارين ليبانا (Pablo Marín Liébana) من جامعة فالنسيا الإسبانية، أن الدراسة استندت إلى تحليل منهجي وبيانات ميتا تحليلية لـ82 دراسة علمية تناولت تأثير كلمات الأغاني، منها 34 تجربة خضعت فيها مجموعات من المستمعين لاختبارات تجريبية دقيقة.
وأظهرت النتائج أن كلمات الأغاني المفعمة بالقيم الإيجابية، مثل التعاون أو اللطف، حفزت المستمعين على سلوكيات اجتماعية إيجابية، بينما أدى الاستماع إلى كلمات عدوانية إلى زيادة الميل نحو التصرفات العدائية مثل ردود الفعل الغاضبة أو القيادة المتهورة.
أمّا على المستوى العاطفي، فقد كان التأثير الأقوى والأوضح، إذ تبيّن أن الكلمات الإيجابية ترفع مشاعر التعاطف وتقلل العدوانية، في حين أن الكلمات الحزينة تُخفض المزاج العام، بينما تثير الكلمات العدوانية التوتر والعصبية.
وأكّد الباحثون أن جميع المتغيرات التي تمت دراستها دعمت الفرضية القائلة إن كلمات الأغاني تؤثر باتجاه محتواها السردي، من دون أن تُظهر أي نتائج معاكسة، ما يعني أن مضمون الكلمات يمكن أن يوجّه المستمعين بصورة متوقعة.
وشدد مارين ليبانا على ضرورة إدراج التربية الموسيقية النقدية في التعليم، بحيث يتعلم الطلاب تحليل ما يسمعونه بدلاً من تلقيه بقبول مطلق، مؤكدًا أن تجاهل تأثير الأغاني يشكل خطورة تربوية، خصوصًا على فئة الشباب الذين تتشكل لديهم الهوية والقيم.
وأشار إلى أن كثيرين يعتقدون أن كلمات الأغاني لا تؤثر فيهم حفاظًا على الشعور بالاستقلالية، غير أن الأدلة أثبتت أن الأغاني تتفاعل مع العوامل الشخصية والاجتماعية لتؤثر على السلوك والموقف بنسب متفاوتة.
واختتم الباحث دعوته بضرورة إجراء مزيد من الدراسات المستقبلية لتحديد التأثيرات طويلة المدى للتعرض المتكرر لمضامين موسيقية مختلفة، مشيرًا إلى أن فهم العلاقة بين الموسيقى والمجتمع ضرورة تربوية وثقافية في عصر تتزايد فيه قوة التأثير الإعلامي للموسيقى.
