حواسيب عملاقة تكشف ما يحدث بالفعل بالقرب من الثقب الأسود
قدمت دراسة جديدة، قادها فريق من معهد فلاتيرون في الولايات المتحدة، محاكاة غير مسبوقة لسلوك المادة حول الثقوب السوداء النجمية، موضحة آلية تجمع الغازات والانبعاثات الطاقية عند هذه الحدود الكونية القاسية.
وأوضح الباحثون أن هذه المحاكاة فاقت تعقيد النماذج السابقة، إذ دمجت بيانات رصدية عن تدفقات المادة مع قياسات سرعة الدوران والمجالات المغناطيسية للثقب الأسود.
أسرار ما يحدث قرب الثقوب السوداء
وقالت عالمة الفيزياء الفلكية ليجونغ زانغ، من معهد فلاتيرون: «هذه هي المرة الأولى التي نستطيع فيها رؤية ما يحدث عندما تشمل المحاكاة بدقة العمليات الفيزيائية الأساسية لتراكم المادة حول الثقب الأسود».
وأضافت ليجونغ زانغ: «هذه الأنظمة غير خطية للغاية، وأي تبسيط مفرط يمكن أن يغير النتائج تمامًا».
وكشفت النتائج أن قرص الغازات حول ثقب أسود سريع الدوران يزداد كثافة باتجاه المركز، في حين يتم إطلاق دفعات غازية قوية موجهة بواسطة المجالات المغناطيسية.
كما بيّنت المحاكاة التي أجراها باحثو معهد فلاتيرون في الولايات المتحدة تكوّن قناة ضيقة تسحب المادة بسرعة مذهلة، مكونة شعاعًا من الإشعاع يمكن رصده فقط من زوايا معينة.
وأشار الفريق إلى الدور الحاسم للمجال المغناطيسي المحيط في توجيه تدفق المادة نحو أفق الحدث وإطلاقها مجددًا على شكل رياح ودفعات، مؤكدين أن الطريقة المستخدمة تمكن من محاكاة انتشار الفوتونات في الزمكان المنحني بدقة، وفق نظرية النسبية العامة لأينشتاين.
حركة الغازات والمجالات المغناطيسية حول الثقوب السوداء
وقال باحثو معهد فلاتيرون: «محاكاتنا هي الوحيدة حاليًا التي تعالج الإشعاع كما هو فعليًا في سياق النسبية العامة»، مشددين على أن هذا يسمح بفهم كيفية امتصاص الأقراص الكثيفة للإشعاع وإعادة إطلاقه عبر الرياح والدفعات.
ويخطط الفريق لتوسيع الدراسة لتشمل ثقوبًا سوداء فائقة الكتلة، مثل الثقب الأسود Sagittarius A* في مركز مجرتنا، كما يأملون أن تساعد هذه المحاكاة في تفسير الأجسام المكتشفة مؤخرًا والمعروفة باسم “النقاط الحمراء الصغيرة”، والتي تصدر إشعاعات أقل من المتوقع.
ونُشرت نتائج هذه الدراسة في مجلة The Astrophysical Journal، معتبرةً خطوة متقدمة لفهم الفيزياء المعقدة للثقوب السوداء وكيفية تفاعلها مع محيطها من المادة والطاقة.
