ألماس في الفضاء: جيمس ويب يرصد أغرب كوكب في سجل الاكتشافات
كشف فريق من علماء الفلك، باستخدام تلسكوب جيمس ويب الفضائي، عن كوكب خارجي غير مسبوق في خصائصه، يتمتع بغلاف جوي مدهش مكوَّن من سحب كثيفة من السخام وبلورات ألماسية، في اكتشاف أربك جميع التفسيرات العلمية المعروفة حتى الآن.
الكوكب، الذي يحمل اسم PSR J2322-2650b ويقارب حجمه حجم كوكب المشتري، لا يمتلك الغلاف الجوي التقليدي الشائع في كواكب مجموعتنا الشمسية، والذي يتكوّن عادة من الهيدروجين والهيليوم، كما يخلو من الجزيئات الأساسية المعتادة مثل الماء والميثان وثاني أكسيد الكربون.
وبدلًا من ذلك، تشير بيانات الرصد إلى أن غلافه الجوي يتكوّن أساسًا من الهيليوم والكربون، مع وجود سحب من السخام (هباب الفحم) في طبقاته العليا، تتحول في الأعماق إلى بلورات من الألماس بفعل الضغط والحرارة.
كوكب من الكربون والهيليوم
وقال بيتر غاو، العالم في مختبر كارنيغي لدراسة الأرض والكواكب وأحد المشاركين في الدراسة، إن النتائج كانت صادمة للفريق العلمي، موضحًا أن التركيبة المكتشفة «مختلفة تمامًا عمّا كان متوقعًا»، ولا تشبه أي غلاف جوي معروف حتى الآن.
وتزداد غرابة هذا الاكتشاف عند النظر إلى النجم المضيف للكوكب، إذ لا يدور PSR J2322-2650b حول نجم تقليدي شبيه بالشمس، بل حول نجم نيوتروني نابض، وهو بقايا نجم ضخم انفجر ، ويتمتع بكثافة هائلة ودوران سريع يطلق نبضات منتظمة من الإشعاع عالي الطاقة.
ورغم أن الكوكب اكتُشف لأول مرة عام 2017 عبر تلسكوبات راديوية، فإن تلسكوب جيمس ويب أتاح للعلماء فحص بيئته بدقة غير مسبوقة، من مسافة تقارب 750 سنة ضوئية. ولا يستطيع جيمس ويب رصد النجم النابض نفسه بسبب انبعاثه لأشعة غاما، إلا أن ذلك مكّن العلماء من دراسة الكوكب مباشرة دون تشويش ضوئي.
السبب وراء وجود الماس في سماء الكوكب
ويُعد موقع الكوكب أحد أكثر عناصر اللغز تعقيدًا، إذ يبعد نحو 1.6 مليون كيلومتر فقط عن نجمه، أي أقرب بنحو 100 مرة من بُعد الأرض عن الشمس. ويدور حوله دورة كاملة خلال 7.8 ساعات فقط، فيما أدت قوى الجاذبية الهائلة إلى تشويه شكله ليصبح أقرب إلى الليمونة.
ويرى الباحثون أن هذه الظروف تجعل تفسير نشأة الكوكب أمرًا بالغ الصعوبة. فوفقًا لمايكل تشانغ، الباحث الرئيسي في الدراسة بجامعة شيكاغو، فإن تركيبته الغنية بالكربون «تستبعد تقريبًا جميع آليات تكوّن الكواكب المعروفة»، ما يفتح الباب أمام فرضيات جديدة كليًا.
أما بشأن وجود الألماس في غلافه الجوي، فيقترح بعض العلماء أن الكوكب ربما برد بعد تشكّله، ما أدى إلى تبلور الكربون في داخله وصعوده نحو الطبقات العليا، إلا أن هذا التفسير لا يوضح سبب غياب عناصر أخرى مثل الأكسجين والنيتروجين.
ويؤكد العلماء أن هذا الاكتشاف يمثل لغزًا علميًا حقيقيًا، ويمنح الفلكيين فرصة نادرة لإعادة التفكير في كيفية تشكّل الكواكب وتطور أغلفتها الجوية في بيئات قصوى وغير مألوفة. ومع استمرار عمليات الرصد والدراسة، يأمل الباحثون أن يكشف هذا الكوكب الغامض عن أسرار جديدة قد تغيّر فهمنا لتنوع العوالم في الكون.
