عيون الرنة تفعل شيئًا مذهلاً عندما يأتي الشتاء (فيديو)
توصل علماء إلى اكتشاف بيولوجي لافت لدى غزال الرنّة، يتمثل في قدرة عينيه على تغيير لونهما تبعًا للفصول، في تكيف نادر يتيح له البقاء والرؤية في واحدة من أقسى البيئات على كوكب الأرض.
وأظهرت دراسات علمية أجراها باحثون من قسم الأحياء القطبية والبحرية بجامعة ترومسو في النرويج إلى أن عيون الرنّة تعكس ألوانًا مختلفة وفقًا لطبيعة الإضاءة في القطب الشمالي.
كيف تغيّر الرنّة لون عيونها للتكيف مع ظلام القطب الشمالي؟
في فصل الصيف، عندما تطول ساعات النهار وتكاد الشمس لا تغيب، تبدو عيون الرنّة بلون ذهبي مائل إلى التركواز، مع انعكاس يشبه اللمعان الأخضر المعروف في عيون القطط ليلًا.
لكن المشهد يتغير جذريًا مع حلول الشتاء، حيث تسود العتمة لفترات طويلة، فتتحول عيون الرنّة إلى لون أزرق داكن عميق.
ويؤكد العلماء أن هذا التحول ليس ظاهرة خيالية، بل تكيف طبيعي متطور يساعد الحيوان على التعامل مع الضوء الأزرق الخافت الذي يميز شفق القطب الشمالي، والذي قد يستمر أكثر من ثلث اليوم خلال الشتاء.
ويرجّح الباحثون أن هذا التغير يمنح الرنّة قدرة أفضل على التقاط الضوء الأزرق، ما يسمح بمروره عبر الشبكية أكثر من مرة، وبالتالي تحسين قدرة مستقبلات الضوء على رصد التفاصيل، مثل الأشنات التي يتغذى عليها أو الحيوانات المفترسة التي قد تترصده.
ونتيجة لذلك، تصبح الرؤية أكثر إشراقًا، وإن كانت أقل دقة، أشبه بالنظر عبر زجاج ضبابي.
ويكمن سر هذه الظاهرة في طبقة عاكسة داخل العين تُعرف باسم «التابيتوم لوسيدوم»، تقع خلف الشبكية وتساعد على تحسين الرؤية في الإضاءة المنخفضة. غير أن بنية هذه الطبقة لدى الرنّة فريدة من نوعها، إذ تتغير بنيتها تبعًا للفصل.
ويشبّه طبيب العيون روبرت فوسبوري من معهد طب العيون بجامعة كوليدج لندن الإنجليزية هذه الآلية بتخفيف ضغط الهواء في إطارات السيارات في أثناء القيادة على الجليد.
وأوضح فوسبري أن الرنّة تسمح بخروج بعض السوائل من هذه الطبقة العاكسة لتحسين الرؤية في ظروف الظلام الشديد.
لماذا تتبدل ألوان عيون الرنّة مع الفصول؟
وأظهرت دراسات أخرى على عيون رنّة نفقت في الصيف وأخرى نفقت في الشتاء أن التمدد المستمر لحدقة العين خلال فترات الظلام قد يؤثر في توازن السوائل داخل العين، ما يؤدي إلى تغييرات بنيوية طفيفة لكنها مؤثرة.
ورغم أن العلماء لم يتوصلوا بعد إلى الآلية الدقيقة التي تحفّز هذا التغير الموسمي أو المسارات الكيميائية الحيوية المسؤولة عنه، فإنهم يؤكدون أن التحول قابل للانعكاس مع تغيّر الفصول.
ويرجح الباحثون أن دراسة هذه الظاهرة خلال فصلي الربيع والخريف قد تساعد على فهم مراحل الانتقال التدريجي بين اللونين.
ويخلص العلماء إلى أن عيون الرنّة تمثل مثالًا جديدًا على براعة التكيف في الطبيعة، مع احتمال وجود حيوانات أخرى تعيش في بيئات منخفضة الإضاءة وتمتلك آليات مشابهة لم تُكتشف بعد.
