العثور على أعمق فوهة غازية باردة في القطب الشمالي
اكتشف علماء خلال بعثة بحثية قرب القطب الشمالي أعمق فوهة غازية باردة معروفة في القطب الشمالي، في اكتشاف علمي غير مسبوق كشف عن نظام بيئي نابض بالحياة على عمق هائل، متحديًا الفهم السائد لحدود الحياة في أعماق البحار.
تقع تلال فريا لهيدرات الغاز تحت حيد مولوِي قرب غرينلاند في القطب الشمالي، على عمق يناهز 12 ألف قدم (3640 مترًا)، لتُسجَّل كأعمق فوهة تسرب غازي بارد يتم رصدها حتى الآن.
كما رصد الباحثون شعلة غاز ميثان بارتفاع 10 آلاف قدم (3300 متر) تصاعدت عبر عمود الماء، في رقم قياسي جديد.
تفاصيل العثور على أعمق نقطة في القطب الشمالي
تشكل تلال فريا نوعًا من الفوهات الباردة الناتجة عن تسرب هيدرات الغاز، حيث تتجمع جزيئات الماء والغاز في بلورات صلبة تحت الضغط العالي والبرودة الشديدة.
وعلى عكس الفوهات الحرارية، تتميز هذه الفوهات بدرجات حرارة أقل وعمر أطول، مع انبعاث النفط والميثان بدلًا من السوائل الساخنة المرتبطة بالنشاط البركاني.
الباحثون الذين اكتشفوا تلك المنطقة علماء جيولوجيا في جامعة كا فوسكاري بإيطاليا، ويقولون إن هذا الاكتشاف، عند عمق يتجاوز بكثير الحد الأقصى المعروف سابقًا البالغ نحو 6500 قدم، “يُعيد رسم فهمنا لتكوّن هيدرات الغاز واستقرارها في أعماق البحار”.
نظام بيئي مزدهر دون ضوء الشمس
رغم غياب أشعة الشمس، تزدهر حول الفوهة مجتمعات كيميائية التغذية تعتمد على التفاعلات الكيميائية بدل التمثيل الضوئي.
وقد رُصدت كائنات مثل الديدان الأنبوبية والقواقع والبرمائيات الصغيرة، بعضها يرتبط وراثيًا بكائنات تعيش قرب الفوهات الحرارية.
ويؤكد العلماء أن هذا التشابه البيولوجي يحمل دلالات مهمة عند وضع خطط مستقبلية لحماية النظم البيئية العميقة في القطب الشمالي.
أظهرت تحاليل الغاز والنفط الخام أن أصول التربة تعود إلى عصر الميوسين، أي قبل 5 إلى 23 مليون سنة، فيما لا تزال التلال تتشكل وتنهار بمرور الزمن.
ووصفت الباحثة الرئيسية جولياّنا بانييري هذه التراكيب بأنها “ميزات جيولوجية حيّة تتفاعل مع التكتونيات وتدفق الحرارة والتغيرات البيئية”.
اكتشفت تلك المنطقة في مايو 2024، وظل العلماء يدرسونها بدقة طوال الأِهر الماضية، ونُشرت نتائج دراستهم قبل أيام قليلة في دورية Nature Communications.
الدراسة تعتبر المنطقة مختبرًا طبيعيًا فائق العمق لدراسة التفاعل بين الجيولوجيا والحياة في أحد أكثر أقاليم الأرض هشاشة وغموضًا.
