من صرخات المتعة إلى المخاطر الكامنة: هل تهدّد قطارات الملاهي صحتك؟
بينما تتسارع دقات قلبك وتشعر بمتعة هائلة مع انحدار قطار الملاهي الذي تركبه، تجد نفسك تصرخ تلقائيًا، وما ان تنتهي هذه التجربة المثيرة، تتوق لتكرارها مجددًا، حتى لو كانت تثير فيك شعور الخوف.
غير أن المتعة وحدها ليست كل ما تحصل عليه من ركوب قطارات الملاهي، فقد تحمل هذه التجارب خطرًا عميقًا على الدماغ، خصوصًا أن الرأس والرقبة تتمتعان بحرية حركة كاملة، بينما يبقى باقي الجسم متشبثًا بمكانه، ما قد يضغط على الدماغ ويؤثر فيه.
ولا يقتصر الأمر على الشعور بالغثيان أو الدوار بعد انتهاء الجولة، إذ أظهرت بعض التقارير تعرض بعض الأشخاص لسكتات دماغية نتيجة إصابات مرتبطة بركوب هذه القطارات، فهل يمكن أن تخفي المتعة في طياتها خطرًا حقيقيًا على صحتك؟
كيف تؤثّر قطارات الملاهي في صحة القلب؟
لا شك أنّ قطارات الملاهي (الأفعوانية) تزيد ضربات القلب بمعدّلات عالية، فقد أظهرت دراسة ألمانية نُشرت في مجلة الجمعية الطبية الأمريكية عام 2007، أنّ معدل ضربات القلب لدى راكبي قطارات الملاهي ارتفاع إلى أكثر من 155 نبضة في الدقيقة.
ولكن المثير للدهشة أنّه سُجّل أعلى معدلات ضربات القلب في أثناء الصعود البطيء إلى قمة الهبوط الأول، ما يدلّ على الدور الرئيس للخوف والترقّب في رفع معدل ضربات القلب.
صحيح أنّ ارتفاع معدل ضربات القلب ليس خطيرًا على الشباب الأصحّاء، لكنّه قد يؤدي إلى نوبة قلبية لمن يعانُون أمراض القلب بالفعل.
تأثير قطارات الملاهي في الدماغ
ليس القلب هو المتأثّر فقط بركوب قطارات الملاهي، بل الدماغ أيضًا، نعم يستمتع الناس بالمواقف المخيفة، طالما أنّهم ليسوا في خطر حقيقي، كما في مشاهدة أفلام الرعب، ولكن الأمر مختلف بعض الشيء مع قطارات الملاهي.
فمع انطلاق القطار والمرء على متنه، تتحفّز استجابة القتال أو الهروب لديه، مما يؤدي إلى إطلاق مزيج من الهرمونات في مجرى الدم، مثل الأدرينالين والدوبامين والكورتيزول.
هذه الهرمونات تحفّز النشوة الطبيعية، وتمنحك دفعة من الطاقة، تجعلك تشعر بمزيدٍ من الحيوية، وربّما ترغب في الصراخ بأعلى صوتك أيضًا.
كيف تتأثر الرأس والرقبة بالتوقف المفاجئ لقطارات الملاهي؟
صُمّمت أحزمة قطارات الملاهي لإبقاء الرُكّاب في أماكنهم، ومنعهم من السقوط خلال الرحلة، ولكن لا يزال الرأس والرقبة قادرين على التحرك بحرية.
ويمكن للبدايات السريعة والتوقفات المفاجئة خلال الحركة، أن تسبّب فرط تمدّد للرقبة وفرط ثني لمفاصلها، وهذه الحركات المرتعشة، يمكن أن تُحدِث إصابات في الرقبة.
بل وفي حالات نادرة يمكن أن تؤدي حركات الرقبة غير الموزونة تلك إلى تمزّق الشريان العنقي الدماغي، ومِنْ ثمّ الإصابة بسكتة دماغية.
والخطورة أنّه يصعب تشخيص هذا النوع من السكتة الدماغية، لأنّ الشكاوى الرئيسة -الصداع وآلام الرقبة- ترتبط بالعديد من المشكلات الأخرى.
اقرأ أيضًا: السكتة الدماغية: اكتشف أسبابها وكيف تقي نفسك منها بالتغذية؟
هل يمكن أن تسبّب قطارات الملاهي سكتة دماغية؟
يغادر معظم الناس قطارات الملاهي من دون أن يُصابوا بأذى حقيقي. ربّما يشعر بعض الناس بغثيان خفيف أو يروا ومضات أو نجومًا، ولكن ثمّة من قد يعاني أمورًا أسوأ من دون أن يعرف.
وحسب دراسة عام 2013 في مجلة "Clinical Pediatrics"، فإنّه بين عامي 1990 و2010، كان لا بد من علاج حوالي 92,885 طفلا من الإصابات التي أُصيبوا بها في أثناء ركوب قطارات الملاهي، وكانت أجزاء الجسم الأكثر إصابة هي الرأس والرقبة، والتي شكّلت 28% من الإصابات.
ولكن في العموم فإنّ الإصابات الناجمة عن ركوب قطار الملاهي يمكن أن تحدث في أي عُمر، فالرأس والرقبة تهتزّان خلال حركة قطار الملاهي، مما قد يؤدي إلى إتلاف الأوعية الدموية في الدماغ والرقبة.
إصابات قطارات الملاهي المُسبّبة للسكتة الدماغية
ثمّة أربعة أنواع رئيسة لإصابات قطارات الملاهي المُسبّبة للسكتة الدماغية، تضمّ وفقًا لدراسة عام 2017 في مجلة "Children":
- تمزّق الشريان الفقري: تتمزّق بطانة واحد أو أكثر من الشرايين الفقرية في الرقبة، مما يؤدي إلى تكوين جلطة دموية تقطع تدفق الدم إلى الدماغ.
- جلطة في الشريان السباتي الداخلي: وهو وعاء دموي رئيس في الرقبة يزوّد الدماغ بالدم.
- نزيف تحت العنكبوتية: يتسرب الدم من وعاء دموي تالف إلى الفراغ الموجود بين الدماغ والأنسجة التي تغطيه، ويمكن أن يؤدي الضغط الناجم عن تسرب الدم إلى إتلاف الأوعية الدموية الأخرى، ما يؤدي إلى سكتة دماغية.
- تمزّق الشريان السباتي الداخلي: بما يعيق تدفق الدم إلى الدماغ أو يسبّب نزيفًا تحت العنكبوتية.
علامات السكتة الدماغية بعد ركوب قطار الملاهي
تضمّ العلامات الشائعة للسكتة الدماغية بعد ركوب قطار الملاهي، سواء عند البالغين أو الأطفال:
- خدر أو ضعف في الوجه أو الذراع أو الساق، غالبًا في جانب واحد من الجسم.
- الارتباك.
- الكلام غير الواضح.
- صعوبة فهم الكلام.
- صعوبة في الرؤية في إحدى العينين أو كلتيهما.
- صعوبة التوازن أو المشي.
- الدوخة.
- صداع مفاجئ وشديد.
ونادرًا ما تظهر أعراض السكتة الدماغية في أثناء ركوب قطار الملاهي أو بعده مباشرةً، بل تميل إلى التطوّر تدريجيًا على مدار بضع ساعات إلى أيام، وفي بعض الحالات، قد لا تحدث السكتة الدماغية إلّا بعد أيام من الإصابة في أثناء ركوب قطار الملاهي.
هل يجب الحذر من ركوب قطارات الملاهي؟
الحقيقة أنّ إصابات قطارات الملاهي نادرة نسبيًا، وفقًا لدراسة عام 2017 في مجلة "Journal of Neurotrauma"، ولم يتمكن الباحثون بعد من تحديد كيفية تأثير ركوب قطارات الملاهي في الدماغ على وجه الدقة.
ولكن هذا لا يعني أنّ الدماغ في مأمن من الضرر، لذلك يجب استشارة الطبيب على الفور حال المعاناة من أي علامة للسكتة الدماغية، كما يجب توخي الحذر بالنسبة لمن يعانُون أمراض القلب بالفعل، لأنّ قطارات الملاهي تزيد وتيرة ضربات القلب بأكثر مما تتخيّل.
