دراسة تكشف كيف تؤثر الجمعة السوداء على الدماغ وسلوك المستهلك؟
أوضح باحثون من جامعتي ويسترن سيدني وملبورن في دراسة حديثة، أن ما يحدث في موسم تخفيضات الجمعة السوداء لا يرتبط بالعروض الكبيرة فقط، بل هو عملية نفسية معقدة، تهدف إلى التأثير على طريقة عمل الدماغ واتخاذ القرار الشرائي.
وأوضحت الدراسة أن يوم الجمعة السوداء، الذي يُروّج له كفرصة للتوفير واقتناص العروض، ليس مجرد يوم للتسوق، بل تجربة تسويقية مُخطط لها بعناية تهدف إلى دفع المستهلك لاتخاذ قرارات شراء سريعة وغير مدروسة.
عندما يقرر الإنسان شراء منتج ما، يعمل الدماغ على موازنة المعلومات المتاحة ما بين الحاجة الفعلية والسعر والمواصفات، لكن هذه العملية الطبيعية تتغير عندما يكون الفرد تحت ضغط الوقت أو المنافسة.
وبحسب الدراسة، يتراجع الحد الأدنى من المعلومات التي يحتاجها الدماغ لاتخاذ القرار، فيميل الشخص إلى الشراء بسرعة دون تحليل كافٍ.
ويحدث هذا بشكل متكرر في أجواء الجمعة السوداء، حيث يستخدم المسوقون أساليب مثل العد التنازلي للوقت أو التنبيهات الخاصة بـ"العروض المحدودة"، لإجبار الدماغ على اتخاذ قرارات أسرع وأقل عقلانية.
تشير الدراسة المنشورة في مجلة The Conversation، إلى أن الشعور بالندرة هو أحد أقوى المحركات النفسية في التسوق، وحين يرى المستهلك رسائل مثل "باقي 3 قطع فقط" أو "10 أشخاص يشاهدون هذا المنتج"، ينشأ لديه إحساس بالمنافسة، ما يدفعه إلى الشراء خوفًا من ضياع الفرصة.
ويقول الباحثون إن الدماغ في تلك اللحظات يُعيد تقييم المنتج، فيمنحه قيمة أعلى لمجرد أنه يبدو نادرًا أو مطلوبًا من الآخرين.
كيف نتخذ قرارات أقل تسرعًا؟
عندما نتخذ قرارات سريعة، يعتمد الدماغ على مؤشرات ظاهرية مثل تقييمات الآخرين وعدد المشترين، بدلاً من البيانات الفعلية كمدة صلاحية المنتج أو ضمانه.
هذا التبديل في آلية التفكير يؤدي إلى ما يُعرف بـ"مقايضة السرعة بالدقة"، حيث تكون السرعة في القرار على حساب جودة الاختيار.
ويؤدي هذا الأسلوب إلى الإنفاق الزائد، إذ تميل العروض الزائفة والضغوط النفسية إلى تعطيل التفكير النقدي، فبدلاً من أن يسأل المستهلك نفسه "هل أحتاج هذا المنتج فعلاً؟"، يصبح سؤاله الأبرز "هل سيتبقى إن لم أشتريه الآن؟".
وقد قدّم الباحثون بعض الاستراتيجيات العلمية التي تساعد في اتخاذ قرارات أكثر وعيًا خلال موسم التخفيضات:
- التحضير المسبق: وضع قائمة واضحة بالاحتياجات الحقيقية قبل بدء العروض.
- تحديد ميزانية صارمة: تذكير النفس بالحد الأقصى للإنفاق لتجنّب الشراء العاطفي.
- إبطاء القرار: التريّث لعدة دقائق قبل الضغط على زر الشراء، مما يمنح الدماغ فرصة لإعادة التفكير.
- تقييم القيمة الفعلية: طرح السؤال الأهم "هل كنت سأشتريه بنفس الحماس لو لم يكن في العرض؟".
