الأنمي الذي توقّع الحرب الرقمية الحديثة قبل ظهور الإنترنت (فيديو)
احتفل عشّاق الأنمي هذا الأسبوع بمرور 30 عامًا على إصدار أيقونة الخيال العلمي اليابانية Ghost in the Shell، العمل الذي لم يكن مجرد إنتاج فني متقدم، بل حمل رؤية استباقية دقيقة لمستقبل الأمن السيبراني وهجمات القرصنة المدعومة من الحكومات، قبل أن يظهر الإنترنت بالشكل الحديث الذي نعرفه اليوم.
تدور أحداث العمل في عام 2030 حول قرصان غامض يُلقب بـ"صانع الدمى"، يتمتع بالقدرة على اختراق الأدمغة السيبرانية للبشر والتلاعب بذكرياتهم.
ومع تقدم الأحداث، يكتشف المشاهد أن هذا القرصان ما هو إلا مشروع حكومي خرج عن السيطرة، ما يعكس اليوم ما نعرفه في عالم التقنية بهجمات مدعومة من الدول والتهديدات المتقدمة المستمرة (APT).
عندما صدرت المانغا لأول مرة عام 1989، كان الإنترنت لا يزال في مراحل نشأته، ومع ذلك طرح المؤلف أفكارًا متقدمة تشمل القرصنة الموجهة، والتلاعب بالهوية الرقمية، واستخدام ذكاء اصطناعي خارج السيطرة لتنفيذ عمليات تجسس واسعة النطاق.
وتجسدت هذه المفاهيم بوضوح في شخصية "صانع الدمى"، الذي يمثل النسخة المبكرة لقراصنة اليوم العاملين ضمن مؤسسات حكومية، وهو التصور الذي أصبح واقعًا مع تصاعد نشاط وحدات التجسس الرقمي حول العالم.
كيف تنبأ Ghost in the Shell بتهديدات الأمن السيبراني؟
في مشهد محوري من Ghost in the Shell، يشرح مسؤول في القسم السادس للأمن العام أنهم لاحقوا صانع الدمى طويلاً وابتكروا جدارًا دفاعيًا خاصًا بعد تحليل "سلوكه ونمط شيفرته".
والمفاجأة أن هذا الوصف يتطابق تقريبًا مع آليات الحماية الحديثة مثل التوقيعات الرقمية وتحليل السلوك والخصائص المعروفة بـ"الهيوريستكس"، والتي تعتمد عليها الشركات المختصة لإيقاف البرمجيات الخبيثة.
ويعرض العمل تكتيكات شائعة اليوم، مثل اختراق شبكات كبيرة لتتبع هدف واحد، تمامًا كما تفعل الوكالات الاستخباراتية التي تتسلل إلى أنظمة ضخمة للحصول على معلومة واحدة.
ويظهر كذلك سيناريو استخدام شخص عادي عن غير قصد كأداة للهجوم، وهو ما يشبه اختراق أجهزة طرفية لتكون محطات عبور تخفي أثر المهاجم الحقيقي.
مفاهيم سبقت عصر الإنترنت
ويضيف الأنمي نظرة مستقبلية لافتة حول العنف الرقمي الأسري؛ فالعامل الذي يتجسس على زوجته باستخدام برنامج حصل عليه من "مبرمج مجهول" قدّم أول مثال شبه واقعي لما نعرفه اليوم ببرامج التجسس المنزلية أو Stalkerware.
ومع تطور الحبكة، نكتشف أن ذكريات الرجل مزيفة بالكامل، وأن صانع الدمى تلاعب بوعيه ليستخدمه كجسر للوصول إلى مسؤولين حكوميين، وهي فكرة تشبه تكتيكات الهجمات المعقدة التي تستعمل أجهزة مخترَقة لاختراق أهداف أكبر.
ورغم أن العمل ينتقل لاحقًا إلى مستويات خيالية، مثل قدرة الذكاء الاصطناعي على التحكم بالبشر وطلبه "اللجوء السياسي"، فإن عمقه الفكري حول العلاقة بين الوعي البشري والآلة، وخطورة الاعتماد المفرط على الاتصال الشبكي، لا يزال محور نقاشات تقنية حقيقية حتى اليوم.
يمثل Ghost in the Shell أكثر من عمل فني؛ إنه قراءة مبكرة لمستقبل أمن المعلومات، وإثبات أن الخيال أحيانًا يسبق الواقع بخطوات واسعة.
