القمر يبتعد عن الأرض ببطء.. دراسة تكشف أسرار الانفصال الكوني
كشفت دراسة علمية حديثة نشرتها مجلة العلوم الفيزيائية والتطبيقات، أن ابتعاد القمر المستمر عن الأرض ليس ناجمًا فقط عن ظاهرة المد والجزر، كما كان يُعتقد لعقود، بل يرتبط أيضًا بعوامل أكثر تعقيدًا تشمل تصادمات كوكبية قديمة وانكماش باطن الأرض نتيجة تبريدها التدريجي.
أسباب تحرك القمر ببطء
وأوضحت الدراسة أن القمر يبتعد عن الأرض بمعدل 3.8 سنتيمتر سنويًا، وهي حركة طفيفة لكنها ذات دلالات كونية عميقة تكشف تفاعلات دقيقة بين دوران الأرض ومدار القمر.
ورغم أن التفسير التقليدي يُرجع الظاهرة إلى احتكاك المد والجزر الذي ينقل طاقة دوران الأرض إلى القمر، إلا أن الباحثين يشيرون إلى أن الاصطدامات القديمة مع كواكب مصغّرة ربما غيّرت من سرعة مدار القمر، ما ساهم في دفعه تدريجيًا إلى الخارج.
وتُرجّح الدراسة أن النشاط البركاني الهائل الذي شهدته الأرض قبل مليارات السنين أطلق كميات كبيرة من الحطام إلى الفضاء، التحم بعضها مع القمر، مما زاد من كتلته وطاقة دورانه في مسار يشبه "تأثير كرة الثلج" البطيء، حيث تتراكم الطاقة تدريجيًا لتدفع القمر بعيدًا عن جاذبية الأرض.
كما يلعب الهيكل الداخلي للأرض دورًا محوريًا في هذه الظاهرة فمع تبريد نواة الكوكب وانكماشها، يقل القصور الذاتي الدوراني للأرض، ما يؤدي إلى تسارع طفيف في دورانها. هذا التسارع، وفق الباحثين، يُنقل جزئيًا إلى مدار القمر، مما يرفع من سرعته المدارية ويدفعه إلى مسافة أكبر.
وأظهرت قياسات المعهد الوطني للمعايير والتكنولوجيا تغيرات فعلية في سرعة دوران الأرض تتفق مع هذا النموذج العلمي. حتى الزلازل الكبرى مثل زلزال اليابان عام 2011 تسببت في تغييرات دقيقة في محور الأرض ودورانها، ما يبرهن على مدى ترابط العمليات الجيولوجية الداخلية مع الحركات السماوية.
ويخلص الباحثون إلى أن هذه النتائج لا تكشف فقط عن "حركة هروب القمر"، بل تقدم أيضًا رؤية أوسع حول تطور الأنظمة الكوكبية في الكون، إذ قد تمر كواكب وأقمار أخرى بعمليات مشابهة، ما يجعل قصة الأرض والقمر نموذجًا مصغرًا لفهم ديناميكية الكون.
