دراسة تكشف: سبعة أدوية شائعة تُخلّ بتوازن ميكروبيوم الأمعاء لسنوات
يُعد ميكروبيوم الأمعاء، وهو مجتمع ضخم يضم تريليونات من البكتيريا والفطريات والميكروبات، من أهم عناصر صحة الإنسان. فهو مسؤول عن دعم الهضم والمناعة وتنظيم المزاج، كما أن أي اضطراب فيه يرتبط بعدد كبير من الأمراض المزمنة مثل داء الأمعاء الالتهابي والسمنة والسكري وأمراض القلب.
ورغم أن تأثير المضادات الحيوية في تدمير البكتيريا النافعة معروف منذ عقود، إلا أن الدراسة الجديدة التي أجراها باحثون من معهد علم الجينوم التابع لمركز الجينوم الإستوني بجامعة تارتو بإستونيا، أثبتت أن فئات دوائية أخرى تُحدث اضطرابات مشابهة، بعضها يستمر لسنوات بعد التوقف عن العلاج.
أدوية تُغيّر توازن الأمعاء
اعتمد الباحثون على بيانات 2509 مشاركين من مجموعة ميكروبيوم الأمعاء الإستونية التابعة للبنك الحيوي الوطني، حيث خضع المتطوعون لتحليل تسلسل الميتاجينوم في عينات البراز والدم ومسحات الفم، وتمت متابعة 328 منهم على مدى 4.4 سنوات.
من بين 186 دواءً تم تحليلها، أثّر 167 دواءً على ميكروبيوم الأمعاء، بينما أظهر 78 دواءً آثارًا طويلة الأمد على تركيب الميكروبات المعوية.
وشملت أبرز الأدوية التي أحدثت تغييرات ملحوظة في الميكروبيوم:
المضادات الحيوية
مضادات الاكتئاب
مضادات الذهان
حاصرات بيتا
البيغوانيدات (مثل الميتفورمين)
مثبطات مضخة البروتون (PPIs)
البنزوديازيبينات
وأكدت الدراسة أن البنزوديازيبينات، المستخدمة في علاج القلق واضطرابات النوم، كانت صاحبة أقوى تأثير سلبي على الميكروبيوم مقارنة بالفئات الأخرى.

وذكرت الدكتورة إلين أورغ، الباحثة المشاركة في الدراسة من جامعة تارتو، أن “حتى استخدام الأدوية في الماضي قد يترك أثرًا طويل المدى على الميكروبيوم، وأن اختلاف التأثير بين الأدوية داخل نفس الفئة يمكن أن يؤثر على قرارات الأطباء العلاجية مستقبلًا”.
أوضحت الدراسة أن ألبرازولام (زاناكس) كان له تأثير أوسع بكثير على توازن البكتيريا مقارنةً بـ ديازيبام (فاليوم)، رغم انتمائهما إلى نفس الفئة الدوائية. ويُشير هذا إلى ضرورة مراجعة الأطباء لتأثيرات الأدوية على الميكروبيوم عند اختيار العلاج المناسب، خاصةً في الحالات المزمنة.
كيف تؤثر الأدوية على الميكروبيوم؟
تعمل الأدوية بآليات مختلفة في التأثير على الميكروبيوم. فبينما تقتل المضادات الحيوية البكتيريا النافعة والممرضة على حد سواء، تؤثر فئات أخرى على البيئة الداخلية للأمعاء بشكل غير مباشر:
مضادات الاكتئاب والبنزوديازيبينات قد تُبطئ حركة الأمعاء، مما يُغير من نمو البكتيريا.
مثبطات مضخة البروتون تُقلل حموضة المعدة، فتسمح للبكتيريا الضارة بالوصول إلى الأمعاء.
حاصرات بيتا قد تُغيّر تدفق الدم ووظائف الأمعاء الدقيقة، مؤثرةً على توازن الميكروبات.
كما يقول الدكتور باباك فيروزي، أخصائي أمراض الجهاز الهضمي في كاليفورنيا، إن "النتيجة الأكثر إثارة للدهشة هي عدد فئات الأدوية التي يبدو أنها تؤثر على الميكروبيوم"، محذرًا من الاستخدام طويل الأمد لبعض هذه العلاجات.
اقرأ أيضا: هل فقدت المضادات الحيوية فعاليتها ضد الأمراض؟.. دراسة تكشف نتائج صادمة
وينصح الخبراء باتباع نظام غذائي غني بالألياف ومنخفض الدهون لتغذية البكتيريا النافعة، مع تقليل اللحوم الحمراء والأطعمة المصنعة. كما يُوصى بمراجعة الطبيب دوريًا لتقييم الحاجة إلى الاستمرار في الأدوية المزمنة مثل مثبطات مضخة البروتون أو المهدئات، ومحاولة تقليلها تدريجيًا إن أمكن.
ويُشير فيروزي إلى أن “الاهتمام بصحة الأمعاء يُعد جزءًا من الوقاية المستقبلية، تمامًا مثل العناية بالقلب أو الدماغ، لأن ميكروبيوم الأمعاء هو مركز توازن الجسم بأكمله”.
