إنجاز غير مسبوق: ذكاء غوغل الاصطناعي يتفوّق على العلماء في اكتشاف دواء جديد
أعادت شركة "غوغل" Google تعريف حدود الذكاء الاصطناعي العلمي، بعد أن أثبت نظامها الجديد المعروف باسم AI Co-scientist قدرته على توليد فرضيات علمية قابلة للاختبار، والتوصل إلى اكتشافات مذهلة في وقت قياسي.
وبحسب دراستين نُشرتا في مجلتي Advanced Science وCell، نجح النظام في تحديد أدوية جديدة فعّالة ضد تليّف الكبد المزمن، كما تمكن من حل آلية جينية معقدة في البكتيريا استغرقت من العلماء أكثر من عقد من التجارب لفهمها.
ويعتمد هذا النظام على نموذج اللغة الكبير Gemini 2.0، ويعمل بطريقة “العالم المساعد”، أي من خلال تفاعل مباشر بين الباحثين والذكاء الاصطناعي.
ويتكون من عدة وكلاء يعملون بشكل تكاملي؛ أحدهم لتوليد الفرضيات، وآخر لمراجعتها نقديًا، وثالث لترتيبها حسب الأولوية بناءً على قوة الأدلة، مما يجعله أشبه بفريق بحثي رقمي متعدد التخصصات.
تفاصيل اكتشاف دواء لتليف الكبد
في الدراسة الأولى، تعاون باحثون من جامعة ستانفورد مع "غوغل" لتكليف الذكاء الاصطناعي بتحديد أهداف دوائية جديدة لعلاج تليّف الكبد، أحد أكثر أمراض الكبد تعقيدًا.
و بعد تحليل آلاف الأوراق العلمية، اقترح النظام ثلاث فئات من المركبات الجينية يمكن أن توقف عملية التليف، من بينها مثبطات HDAC وBRD4 وDNMT1.
وعند اختبار هذه المقترحات في مختبرات تعتمد على "الأورجانويد" (نماذج مصغرة من أنسجة الكبد البشرية)، حققت مثبطات HDAC وBRD4 نتائج لافتة، بينما فشلت مثبطات DNMT1 بسبب سميتها العالية.
واللافت أن أحد الأدوية التي اقترحها النظام، وهو Vorinostat المعتمد سابقًا لعلاج السرطان، أظهر فاعلية كبيرة في الحد من التليف وتعزيز تجدد خلايا الكبد، رغم أنه لم يُدرس سابقًا بعمق في هذا السياق.
البروفيسور غاري بيلتز من كلية الطب بجامعة ستانفورد، أعرب عن دهشته من قدرة النظام على اقتراح دواء لم يتناوله سوى عدد محدود من الأبحاث السابقة قائلاً: "لقد تصفحت أكثر من 180 ألف ورقة بحثية، ولم أجد سوى دراستين تناولتا هذا الدواء في سياق تليّف الكبد."
تطبيقات الذكاء الاصطناعي في علم الوراثة
أما الدراسة الثانية، التي أُجريت في Imperial College London ونُشرت في مجلة Cell، فقد كانت اختبارًا لقدرة النظام على التفكير العلمي المعقد. طُلب منه تفسير كيفية انتقال عناصر جينية متحركة تُعرف باسم cf-PICIs بين أنواع مختلفة من البكتيريا، وهي ظاهرة أربكت العلماء لأكثر من عشر سنوات.
اقرأ أيضًا: دراسة تكشف: درجات جودة النظام الغذائي تخفض خطر الإصابة بمرض الكبد الدهني
وبناءً على بيانات منشورة قبل الاكتشاف الفعلي، طوّر النظام خمس فرضيات، وجاءت الأولى مطابقة تقريبًا لما توصّل إليه الباحثون لاحقًا بعد أعوام من التجارب، وهي أن هذه العناصر تسرق "ذيول" فيروسات البكتيريا (الفاجات) لتكوين جزيئات هجينة قادرة على إصابة أنواع متعددة.
هذا التوصل السريع أكد قدرة النظام على الوصول إلى استنتاجات علمية دقيقة خلال أيام، دون تحيز أو افتراضات مسبقة.
ورغم هذه النجاحات، يشير العلماء إلى أن النظام لا يغني عن الخبرة البشرية، إذ يبقى دور الباحث ضروريًا لتقييم جودة الفرضيات وتحديد أولويات الاختبار. ومع ذلك، يرى بيلتز أن هذا النوع من الذكاء الاصطناعي "سيُحدث ثورة في مجال الاكتشافات البيولوجية والدوائية خلال السنوات المقبلة".
