المتحف المصري الكبير.. أضخم مشروع ثقافي في القرن الـ21 يروي قصة 7000 عام من التاريخ
تتجه أنظار العالم، اليوم السبت، الموافق 1 نوفمبر 2025، نحو مصر، حيث تُفتتح رسميًا تحفتها المعمارية والثقافية الجديدة: "المتحف المصري الكبير".
ويُعد هذا الحدث أكبر افتتاح ثقافي في القرن الحادي والعشرين، إذ تستقبل مصر وفودًا رفيعة المستوى من أكثر من 40 دولة، تضم ملوكًا ورؤساء جمهوريات وحكومات وشخصيات بارزة من العالمين الثقافي والسياسي، في احتفالية يُنتظر أن تُبهر العالم كما فعل موكب المومياوات الملكية في عام 2021، بل على نطاق أوسع وأضخم.
تفاصيل افتتاح المتحف المصري الكبير
يأتي الافتتاح تتويجًا لعقدين من العمل المتواصل، ورؤية وطنية أرادتها مصر، لتجعل من المتحف المصري الكبير بوابةً حضاريةً دائمة تربط الماضي بالحاضر، وتقدّم الحضارة الفرعونية بأسلوب عرض متحفي غير مسبوق، يعتمد على التكنولوجيا والتجربة التفاعلية.
اقرأ أيضًا: التفاصيل الكاملة عن استعدادات مصر لافتتاح المتحف المصري الكبير
وقد كشف المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء المصري، محمد الحمصاني، أن حفل الافتتاح سيشهد مشاركة غير مسبوقة من قادة وزعماء العالم، موضحًا أن الدعوات الرسمية وُجّهت إلى أكثر من 60 دولة، فيما أكدت 40 دولة على الأقل حضورها الفعلي حتى مساء الثلاثاء 28 أكتوبر.
ومن أبرز القادة المتوقع مشاركتهم:
أبرز القادة والرؤساء المشاركين في افتتاح المتحف المصري الكبير:
الملك فيليب السادس ملك إسبانيا.
الملكة ليتيثيا ملكة إسبانيا.
رئيس وزراء إسبانيا بيدرو سانشيز.
الرئيس القبرصي نيكوس خريستوذوليذس.
ملك هولندا ڤيليم ألكسندر.
رئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني.
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير.
مبعوث الرئيس الصيني وزير الثقافة والسياحة سون يي لي ممثلًا للرئيس شي جين بينج.
الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
ممثل أمير الكويت الشيخ أحمد العبدالله رئيس مجلس الوزراء.
بجانب عدد من الرؤساء والقادة، بينهم الرئيس اللبناني، الرئيس التونسي، رئيس جزر القمر، رئيس وزراء صربيا، رئيس سنغافورة، ملك بلجيكا، ملك هولندا.
ويترأس الحفل الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الذي شدّد في اجتماعاته الأخيرة على أن يكون الافتتاح "حدثًا يعكس ريادة مصر الثقافية عالمياً وصورتها الحديثة كدولة تجمع بين الأصالة والتطور".
وتُشرف الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية على تنظيم الحفل بالتعاون مع وزارتي السياحة والثقافة، حيث سيُقدَّم عرض أوركسترالي ضخم بقيادة المايسترو ناير ناجي بمشاركة 120 عازفًا من 79 دولة في رسالة فنية تعبّر عن التناغم والسلام.
ويشارك الموسيقار هشام نزيه بمقطوعات حصرية مستوحاة من موسيقى الحضارة المصرية القديمة، فيما يُقدَّم عرض الألعاب النارية والليزر من تصميم المهندس أحمد عصام، الذي استورد أحدث المعدات من أوروبا خصيصًا للحدث بعد عشرة أيام من التجارب المكثّفة.
اقرأ أيضًا: المتحف المصري الكبير يفتح أبوابه أمام الزوار في نوفمبر المقبل
ومن أبرز المفاجآت المنتظرة في الحفل، مشاركة الفنانة شريهان بعد غياب طويل، في فقرة رمزية بعنوان "ليلة بين التاريخ والمستقبل"، إلى جانب مشاركة نخبة من نجوم الغناء المصري والعربي.
معلومات عن المتحف المصري الكبير
يمتد المتحف المصري الكبير على مساحة تبلغ نصف مليون متر مربع، ويقع على هضبة مشرفة تطل على أهرامات الجيزة، بحيث يستطيع الزائر رؤية الأهرامات من شرفة بانورامية داخلية.
وتبدأ رحلة الزائر من البهو العظيم الذي يستقبله فيه تمثال الملك رمسيس الثاني المصنوع من الغرانيت الوردي، بارتفاع 11.3 متر ووزن 83 طناً، يجاوره عمود الملك مرنبتاح المزين بنقوش تحكي انتصاراته العسكرية، ثم يتجه الزائر عبر الدرج العظيم الذي يضم 59 قطعة أثرية ضخمة من مختلف العصور. ويضم المتحف أكثر من 100 ألف قطعة أثرية تمثّل شتى عصور مصر القديمة.
وأبرزها مجموعة الملك توت عنخ آمون التي تُعرض كاملة لأول مرة منذ اكتشاف المقبرة على يد هوارد كارتر عام 1922.

وتشمل القاعة الخاصة بالفرعون الذهبي 5398 قطعة من الذهب والعاج والخشب المرصّع بالأحجار الكريمة، بينها القناع الذهبي الشهير، والكرسي الملكي، والعجلات الحربية الست، وختم الملك، والدرع الجلدي النادر، إضافة إلى عرض خاص لـ"أجنة توت" اللتين عُثر عليهما داخل المقبرة وحُفظتا أكثر من 80 عامًا في كلية الطب.
وفي الساحة الخارجية، تتربع المسلة المعلقة للملك رمسيس الثاني، وهي الأولى من نوعها في العالم التي تُرفع فوق قاعدة شفافة لتُظهر خرطوش الملك أسفلها، في مشهد بصري فريد.
كما يضم المجمع متحف مراكب خوفو المستقل بجوار المبنى الرئيسي، حيث يُعرض مركب الشمس الأول الذي اكتُشف بجوار الهرم الأكبر عام 1954، ويُعرض بطريقة تسمح برؤيته من جميع الزوايا، بينما يُخصَّص قسم آخر لمتابعة عملية ترميم المركب الثاني أمام الجمهور.
ويضم المتحف 12 قاعة عرض رئيسية بمساحة 18 ألف متر مربع، وقاعات عرض مؤقتة على مساحة 1700 متر.
ويضم معامل ترميم تُعد الأكبر في الشرق الأوسط على مساحة 22 ألف متر مربع، تشمل مختبرات للبردي والمنسوجات والمعادن والخشب والعضويات القديمة.
كما يحتوي المتحف على متحف للطفل بمساحة 5000 م²، يقدم تفاعلاً تعليمياً يعتمد على تقنيات الواقع المعزز (AR) والواقع الافتراضي (VR).
إلى جانب ذلك، يوجد مركز للمؤتمرات الدولية ومكتبة متخصصة في علم المصريات، وصالات للعروض المسرحية والفنية، ومركز للفنون والحرف اليدوية لدعم الصناعات الثقافية.
وحرصت الدولة المصرية على تطوير منطقة الرماية ومحيط المتحف بشكل شامل قبل الافتتاح، حيث شملت الأعمال رفع كفاءة محاور المريوطية والمنصورية وطريق الفيوم والطريق الدائري حتى مطار سفنكس، مع زراعة آلاف الأشجار والنخيل وإنشاء ممرات مخصصة للمشاة والدراجات.
كما تم توحيد ألوان واجهات المباني المحيطة بالمتحف وتحسين الرؤية البصرية بالتعاون مع جامعة عين شمس، إلى جانب تثبيت لوحات دعائية تحمل صور ملوك مصر القدماء وشعار الهوية البصرية الجديدة للقاهرة والجيزة.
وفي محافظة القاهرة، نُصبت شاشات عرض ضخمة في ميادين عبد المنعم رياض ورمسيس وصلاح سالم لبث مواد ترويجية عن المتحف، بينما وُضعت لوحات دعائية على 100 حافلة تابعة لهيئة النقل العام، إلى جانب تجهيز العروض الكرنفالية بشوارع العاصمة.
ويتوقع الخبراء أن يكون افتتاح المتحف المصري الكبير منعطفاً تاريخياً في نمو السياحة المصرية.
فوفقًا لتقديرات وكالة فيتش الدولية، سيستقطب المتحف ما لا يقل عن 5 ملايين زائر سنويًا، مما يرفع عائدات السياحة إلى 19 مليار دولار بحلول عام 2029.
كما أطلقت الحكومة مبادرة تمويلية بقيمة 50 مليار جنيه مصري لرفع الطاقة الاستيعابية للفنادق، تتحمل فيها الدولة فارق الفائدة لتشجيع المستثمرين على تطوير منشآتهم استعداداً للموسم السياحي الجديد.
تكلفة المتحف المصري الكبير
وأكد عالم الآثار المصري الدكتور زاهي حواس أن المتحف المصري الكبير يمثل أحد أعظم المشاريع الحضارية في تاريخ مصر الحديثة، موضحًا أن تكلفة إنشائه بلغت نحو 2 مليار دولار، إلا أنه يتوقع استرداد هذه التكلفة خلال عامين فقط بفضل العائد السياحي الضخم الذي سيحققه بعد افتتاحه الرسمي.
وخلال تصريحات تليفزيونية، أوضح حواس أن افتتاح المتحف في الرابع من نوفمبر سيشهد حضورًا جماهيريًا واسعًا، مشيرًا إلى أن “الطوابير هتكون قدام المتحف من أول يوم، لأن العالم كله مستني يشوف أعظم متحف أثري في التاريخ”.
وأضاف أن المشروع لا يمثل فقط صرحًا أثريًا ضخمًا، بل يعكس كذلك “قوة الهوية المصرية الحديثة”، مؤكدًا أن انتعاش السياحة الناتج عن المتحف سيعود بالنفع على جميع فئات المجتمع، قائلاً: "مفيش مواطن في مصر مش بيستفيد من السياحة، لأنها شريان الاقتصاد الوطني."
وأشار حواس إلى أن المتحف خلق حالة من الوعي الثقافي والاهتمام بالحضارة المصرية بين المواطنين، معتبرًا أن الافتتاح المرتقب “أعاد للفراعنة مجدهم في عيون المصريين والعالم”.
وفي سياق حديثه، شدد على ضرورة تدريب العاملين بالقطاعين السياحي والأثري ليكونوا على مستوى الحدث، مؤكدًا أن السلوكيات غير اللائقة مع الزائرين كانت في السابق تمثل نقطة ضعف يجب تجاوزها. كما دعا إلى استغلال وسائل التواصل الاجتماعي والذكاء الاصطناعي في الترويج للسياحة المصرية بشكل عصري وجذاب.
وكشف حواس أنه منذ توليه مسؤولية الآثار في عام 2002، لاحظ أن تطوير العنصر البشري لا يقل أهمية عن ترميم القطع الأثرية نفسها، موضحًا أنه حينها رفع رواتب العاملين وقدم مكافآت شهرية لتحفيزهم، مما انعكس إيجابًا على أدائهم وحبهم لعملهم.
وختم حديثه بالتأكيد على أن المتحف المصري الكبير لن يكون مجرد مكان لعرض القطع الأثرية، بل “رسالة خالدة عن عبقرية المصري القديم، وقدرة المصري المعاصر على البناء والعطاء”.
ويصف الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، المتحف المصري الكبير بأنه "نقطة التقاء بين التاريخ والتكنولوجيا"، إذ يُقدّم تجربة تفاعلية متكاملة تعتمد على الإضاءة الذكية والعروض الرقمية ثلاثية الأبعاد (3D Mapping)، مما يجعل الزائر يعيش تجربة زمنية تمتد عبر العصور.
ويضيف أن المتحف لن يكون مجرد مكان للعرض، بل مركز بحثي عالمي لعلم المصريات، حيث تم التعاون مع جامعات دولية لتأسيس برامج دراسات متخصصة، ما يجعله قبلة للباحثين من مختلف الدول.
أسعار تذاكر المتحف المصري الكبير
أعلنت وزارة السياحة والآثار عن قائمة أسعار تذاكر دخول المتحف المصري الكبير، والتي تم تحديدها وفق فئات متنوعة للمصريين والعرب والأجانب، وذلك في إطار خطة الوزارة لتحقيق عائد اقتصادي يضمن استدامة تشغيل المتحف ودعمه كأكبر صرح ثقافي وسياحي في العالم.
أسعار التذاكر للمصريين
حددت الوزارة سعر تذكرة الدخول للزائر المصري البالغ بـ 150 جنيهًا، بينما تم تحديد 75 جنيهًا فقط للطلاب المصريين بعد تقديم بطاقة قيد جامعي أو مدرسي سارية.
كما خصصت الوزارة نفس السعر وهو 75 جنيهًا لكبار السن من المصريين ممن تجاوزوا سن الستين، في لفتة تقدير لهذه الفئة المجتمعية.
أسعار التذاكر للعرب
أما بالنسبة للزوار العرب غير المصريين، فقد تم تحديد سعر التذكرة بـ300 جنيه مصري، فيما حددت الوزارة 150 جنيهًا للطلاب العرب سواء المقيمين في مصر أو خارجها، بشرط تقديم إثبات دراسي من دولة عربية.
كما يمكن للأطفال العرب من سن 6 إلى 12 عامًا الدخول مقابل 150 جنيهًا، بينما الأطفال دون السادسة يدخلون مجانًا.
أسعار التذاكر للأجانب
وحددت وزارة السياحة سعر تذكرة الدخول للزائر الأجنبي بـ 600 جنيه مصري، في حين يحصل الطلاب الأجانب على تذكرة مخفضة بقيمة 300 جنيه عند تقديم إثبات دراسة ساري.
أما كبار السن من الأجانب، فلا تشملهم أي تخفيضات خاصة، بينما الأطفال من 6 إلى 12 عامًا يدفعون 300 جنيه، والأطفال دون السادسة يتمتعون بدخول مجاني.
وأكدت الوزارة أن نظام التسعير الجديد يراعي تحقيق التوازن بين تمكين الزوار من مختلف الفئات من زيارة المتحف، وبين دعم الموارد المالية اللازمة للحفاظ على استدامة الصرح العالمي، مشيرة إلى أن الأسعار تم تحديدها بعد دراسة دقيقة للأسعار العالمية لمتاحف مماثلة في الخارج.
ويمثل افتتاح المتحف المصري الكبير ذروة مسار طويل من الجهود المصرية لإحياء التراث الإنساني وربطه بالحاضر. فهو ليس مجرد مبنى أثري، بل رمز لهوية مصر الحديثة التي تمزج بين الجذور القديمة وروح التجديد.
اقرأ أيضًا: «الأكبر في العالم».. ترقب عالمي لحفل افتتاح المتحف المصري الكبير
أسعار العملات التذكارية للمتحف المصرى الكبير
واحتفالًا بافتتاح المتحف، أعلنت وزارة المالية عن إصدار مجموعة من العملات التذكارية المصنوعة من الذهب والفضة، وذلك بموجب قرار من مجلس الوزراء الذي خوّل الوزير إصدار هذه العملات بفئات تبدأ من جنيه واحد وحتى 100 جنيه، مع الالتزام بمواصفات دقيقة، خاصة للعملات الفضية المصنوعة من فضة عيار 720 وبهامش خطأ لا يتجاوز 0.5%، لضمان أعلى معايير الدقة والجودة.

يمكن للراغبين في اقتناء هذه العملات التوجه إلى مقر مصلحة الخزانة العامة وسك العملة بمنطقة الدراسة في القاهرة، أمام نادي اتحاد الشرطة الرياضي، خلال أيام الأحد إلى الخميس من الساعة 9 صباحًا حتى 2:30 ظهرًا.
ويُسمح بالدفع فقط عن طريق بطاقات الفيزا، دون التعامل النقدي.
وحددت وزارة المالية أسعار العملات التذكارية الفضية كما يلي:
فئة 1 جنيه: 2580 جنيهًا
فئة 5 جنيهات: 3010 جنيهات
فئة 10 جنيهات: 3440 جنيهًا
فئة 25 جنيهًا: 4042 جنيهًا
فئة 50 جنيهًا: 4300 جنيه
فئة 100 جنيه: 5160 جنيهًا
دعوة احتفالية المتحف المصري الكبير
ومع لحظة افتتاح المتحف المصري الكبير، أكبر متحف في العالم مخصص لحضارة واحدة، كشفت وزارة السياحة والآثار عن الدعوة الرسمية للاحتفال المنتظر، والتي جاءت بتصميم فني فريد يعكس عراقة مصر وتاريخها العريق.
تصميم الدعوة استُوحي من التابوت الذهبي للملك توت عنخ آمون، أحد أهم مقتنيات المتحف، لتتحول الدعوة إلى قطعة فنية فاخرة تحمل روح الحضارة المصرية القديمة، وتجسد ما تمتاز به من جمال ودقة وإبداع ظل يُلهم العالم عبر العصور.
وتم تنفيذ الدعوة بأيادٍ مصرية خالصة داخل شركة كنوز مصر للنماذج الأثرية، تحت إشراف المجلس الأعلى للآثار، لتكون أكثر من مجرد بطاقة دعوة، إذ اعتبرها القائمون عليها هدية تذكارية تاريخية توثق لحظة فريدة من ذاكرة الوطن.
وأكد وزير السياحة والآثار أن تصميم الدعوة يعكس فلسفة المتحف المصري الكبير نفسه، فهو ليس مجرد صرح لعرض الكنوز القديمة، بل جسر حضاري يربط بين الماضي والمستقبل، مضيفًا أن الافتتاح المرتقب سيكون حدثًا عالميًا استثنائيًا يشهد عليه التاريخ ويحتفي به العالم.
ويعكس المشروع رؤية القيادة المصرية في جعل الثقافة محركًا للتنمية، ومصدرًا دائمًا للقوة الناعمة التي تعيد إلى مصر مكانتها في مقدمة المشهد الحضاري العالمي.
