فروق دقيقة بين أدمغة الرجال والنساء في رحلات الفضاء تكشفها دراسة جديدة
كشفت دراسة علمية حديثة من جامعة فلوريدا عن وجود فروق واضحة بين الجنسين في تأثير رحلات الفضاء على كلٍّ من الدماغ والعين لدى رواد الفضاء، حيث أظهرت النتائج أن الرجال يعانون تغيرات أكبر في شكل العين مقارنة بالنساء، في حين أن الفروق الدماغية بين الجنسين بدت طفيفة لكنها ذات أهمية طبية في سياق مهام الفضاء الطويلة.
قاد الدراسة الباحثة ريتشيل سيدلر، أستاذة علم وظائف الأعضاء التطبيقية ومديرة معهد أستريوس للفضاء التابع للجامعة، حيث جمعت فريقًا بحثيًا متعدد التخصصات لتحليل بيانات طبية دقيقة لعدد من رواد الفضاء بهدف فهم العلاقة بين الجنس والعمر ومؤشرات كتلة الجسم من جهة، والتغيرات البنيوية في الدماغ والعين بعد السفر إلى الفضاء من جهة أخرى.
تأثير رحلات الفضاء على العين والدماغ
أظهرت النتائج أن أكثر التغيرات اتساقًا في العين بين أفراد الطواقم كانت ظاهرة تسطح المقلة، وهي إحدى أبرز علامات متلازمة الأعصاب البصرية المرتبطة برحلات الفضاء. تحدث هذه الظاهرة عندما ينضغط الجزء الخلفي من كرة العين إلى الداخل بشكل طفيف، ما يؤدي إلى اضطرابات في الرؤية يمكن أن تُشكّل خطرًا على مهام الفضاء الطويلة مثل الرحلات إلى المريخ.
وأوضحت سيدلر أن هذه التغيرات ظهرت بمعدل أكبر بين الرجال مقارنة بالنساء، مشيرة إلى أن هذه الظاهرة ستكون محورًا رئيسيًا لمراقبة صحة العين في الفضاء خلال المهمات المستقبلية.
وفي المقابل، أظهرت القياسات أن النساء يشهدن انخفاضًا أكبر في كمية السوائل المحيطة بالمنطقة العليا من الدماغ مقارنة بالرجال، بينما لم يظهر ارتباط واضح بين هذه التحولات العصبية وتغيرات العين، ما يشير إلى أن كلًّا من الدماغ والعين يتأثران بآليات مختلفة خلال الإقامة الطويلة في بيئة الجاذبية الصغرى.
الاختلافات فسيولوجية بين الجنسين في رحلات الفضاء
تُعد هذه الدراسة من أوائل الأبحاث التي تتعمق في الاختلافات الفسيولوجية بين الجنسين خلال رحلات الفضاء، في ظل محدودية عدد رائدات الفضاء تاريخيًا. ورغم أن النساء شكّلن نحو ربع العينة فقط، فإن حجم البيانات الكبير أتاح للباحثين استخلاص نتائج ذات دلالات علمية واضحة.
وأكدت سيدلر أن الفريق استخدم منظومة التحليل الفائق HiPerGator من جامعة فلوريدا لمعالجة كميات ضخمة من بيانات المسح العصبي بسرعة عالية، ما ساعد على التوصل إلى هذه الاستنتاجات. وتُعد هذه النتائج خطوة مهمة نحو تطوير إجراءات وقائية لحماية رؤية رواد الفضاء وصحتهم العصبية خلال المهمات المستقبلية إلى القمر والمريخ.
