دراسة: التعرض للضوء ليلاً يزيد خطر أمراض القلب بنسبة تصل إلى 56%
حذّرت دراسة دولية واسعة النطاق من أن التعرض للضوء ليلاً - حتى ولو كان خافتًا - قد يُضاعف خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية لدى البالغين، خصوصًا من تجاوزوا سن الخمسين.
قاد الدراسة الدكتور دانيال ويندريد، من معهد فليندرز للأبحاث الصحية والطبية في جنوب أستراليا، ونُشرت نتائجها ضمن أبحاث البنك الحيوي البريطاني (UK Biobank)، الذي يُعدّ من أضخم الدراسات السريرية طويلة المدى في العالم.
وقال ويندريد في تقريره: "بالإضافة إلى التدابير الوقائية المعروفة، مثل النظام الغذائي والنشاط البدني، قد يكون تجنّب الضوء ليلاً خطوة بسيطة ومفيدة للحد من مخاطر أمراض القلب."
أضرار التعرض للضوء ليلاً
شملت الدراسة 88,905 مشاركًا بمتوسط عمر 62.4 عامًا، بينهم 56.9% من النساء. تم تتبّع المشاركين منذ عام 2013 حتى نوفمبر 2022، مع تحليل بيانات لأكثر من 700,000 سنة متابعة شخصية.
ارتدى جميع المشاركين أجهزة خاصة لقياس مستويات التعرض للضوء على المعصم لمدة أسبوع واحد، جمعت خلالها أكثر من 13 مليون ساعة من البيانات. بعد ذلك، صنّف الباحثون المشاركين إلى أربع مجموعات وفقًا لشدة الضوء الذي تعرضوا له ليلاً:
من 0 إلى 50 بالمئة: أدنى مستويات التعرض للضوء.
من 91 إلى 100 بالمئة: أعلى المستويات، أي “الليالي الأكثر سطوعًا”.
وبعد ضبط جميع عوامل الخطر التقليدية — مثل التدخين، والنشاط البدني، واستهلاك الكحول، والنظام الغذائي، وجودة النوم، والوضع الاقتصادي، والوراثة تبيّن أن المجموعة الأكثر تعرضًا للضوء ليلاً كانت أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية بشكل ملحوظ.

أظهرت النتائج أن التعرض المفرط للضوء الليلي ارتبط بما يلي:
زيادة خطر الإصابة بأمراض الشريان التاجي بنسبة 32% (نسبة الخطر 1.32).
زيادة خطر الإصابة باحتشاء عضلة القلب بنسبة 47% (نسبة الخطر 1.47).
زيادة خطر قصور القلب بنسبة 56% (نسبة الخطر 1.56).
ارتفاع خطر الرجفان الأذيني بنسبة 32% (نسبة الخطر 1.32).
زيادة خطر السكتة الدماغية بنسبة 28% (نسبة الخطر 1.28).
وأوضح الباحثون أن هذه الزيادات تُعتبر مستقلة عن قلة النوم أو نوعية النوم السيئة، مما يعني أن الضوء نفسه قد يكون عامل خطر بيولوجي مباشر.
كيف يؤثر الضوء على القلب؟
يعتقد العلماء أن التعرض للضوء ليلاً يُربك الساعة البيولوجية للجسم ويؤثر في الهرمونات المنظمة للإيقاع اليومي، مثل الميلاتونين والأنسولين والببتيد الشبيه بالجلوكاجون-1 (GLP-1)، وهي مواد تلعب دورًا في تنظيم ضغط الدم والتمثيل الغذائي.
اقرأ أيضا: الأمراض القلبية المبكرة: كيف تبدأ صحة قلبك بالتدهور قبل سن الـ 25؟
وأشار الفريق إلى أن نتائجهم تتوافق مع دراسات مخبرية سابقة أظهرت أن الضوء الاصطناعي ليلًا يمكن أن يُحدث تغيرات في مستويات السكر والدهون ويُضعف تنظيم الأوعية الدموية، ما يُمهّد لظهور أمراض القلب بمرور الوقت.
دعا الدكتور ويندريد وزملاؤه إلى إدخال مفهوم "النظافة الضوئية الليلية" ضمن استراتيجيات الوقاية من أمراض القلب، مثل الحد من استخدام الشاشات قبل النوم، وإطفاء الأضواء البيضاء والزرقاء في غرف النوم، والاكتفاء بإضاءة خافتة ودافئة عند الضرورة.
ويختم الفريق البحثي توصيته قائلاً: "في عالمنا الذي لا ينام أبدًا، أصبح من الضروري الاعتراف بأن الضوء الاصطناعي ليلاً ليس مجرد مصدر إزعاج، بل عامل خطر صحي ينبغي التعامل معه بجدية."
