في نسختها التاسعة بالرياض: "مبادرة مستقبل الاستثمار" ترسم معالم الاقتصاد العالمي
انطلقت فعاليات النسخة التاسعة من "مبادرة مستقبل الاستثمار" السعودية، تلك المناسبة التي تجمع قادة المال والأعمال والسياسية من أكثر من 90 دولة، حيث تُعقد نسختها التاسعة على مدار 4 أيام، تمتد من 27 إلى 30 أكتوبر الجاري، في مركز الملك عبدالعزيز الدولي للمؤتمرات، تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز.
يشارك في نسخة المبادرة الحالية رؤساء 20 دولة، وأكثر من 600 متحدث من كبار المستثمرين والخبراء العالميين، وقد جمعنا هنا أبرز ما تريد معرفته عن المبادرة، وتفاصيل النسخة التاسعة منها.
مبادرة مستقبل الاستثمار FII
مبادرة مستقبل الاستثمار FII، هي مبادرة أطلقها صندوق الاستثمارات العامة السعودي عام 2017، كحدث سنوي يجمع المستثمرين للبحث في أكثر الحلول العالمية الواعدة.
ووفقًا للموقع الرسمي لمعهد المبادرة، فإن الهدف هو الوصول إلى مستقبل أكثر إشراقًا للبشرية، وجمع أذكى العقول والحلول الواعدة لخدمة الإنسانية، لخلق حاضر هادف ومستقبل واعد.
ومنذ أن انطلقت المبادرة في 2017، ساهمت في إبرام صفقات تجاوزت الـ200 مليار دولار، ووفرت أكثر من نصف مليون وظيفة في قطاعات مهمة، تشمل الطاقة المتجددة، والذكاء الاصطناعي، والخدمات اللوجستية.
وقد ساعدت المبادرة في تأسيس عشرات الشركات التي تعمل في قطاعات مختلفة، وساهمت في رفع نسبة الأنشطة غير النفطية في الاقتصاد الوطني إلى أكثر من 50% عام 2024، مقارنةً بـ42% عند انطلاق رؤية 2030.
وتشير أرقام الهيئة العامة للإحصاء، إلى أن حجم الاستثمارات في الأصول الثابتة بالمملكة وصل إلى نحو 1.3 تريليون ريال عام 2024، بعد أن كان 931 مليار ريال في عام 2017، كما أن نسبة الاستثمارات إلى الناتج المحلي الإجمالي ارتفعت لتصل إلى 28% في العام ذاته، مما يوضح حجم الجهود المبذولة -سواء على مستوى المبادرة أو غيرها- لتقليل الاعتماد على الأصول النفطية.
وتركز مبادرة مستقبل الاستثمار على 4 مجالات، هي: الرعاية الصحية، والتعليم، والذكاء الاصطناعي والروبوتات، والاستدامة.
اقرأ أيضًا: تفاصيل صفقة استحواذ على "إلكترونيك آرتس" بمشاركة صندوق الاستثمارات
النسخة التاسعة من مبادرة مستقبل الاستثمار
يشارك في نسخة هذا العام أكثر من 8 آلاف شخص، يتوزعون على نحو 250 جلسة نقاشية، تبحث في موضوعات واسعة تتعلق بمستقبل الابتكار، والذكاء الاصطناعي، والتحولات الجيوسياسية، وقضايا الاستدامة.
ومن المنتظر أن يُخصص اليوم الثالث تحديدًا من المبادرة، والذي سيعنون بـ"يوم الاستثمار"، لبحث فرص ضخ استثمارات كبرى بقيمة تتجاوز الـ100 تريليون دولار من خلال صناديق عالمية، مع الإعلان عن أكثر من 40 صفقة جديدة.
وقد أكد ريتشارد أتياس، الرئيس التنفيذي لمؤسسة "مبادرة مستقبل الاستثمار"، أن الزخم الذي تحققه النسخة الحالية يعكس انتقال السعودية من موقع الباحث عن الاستثمارات إلى موقع الجاذب والموجه لها، مشيرًا إلى أن المملكة أصبحت مركزًا رئيسيًا لصياغة السياسات الاقتصادية المستقبلية، بفضل ما تمتلكه من بنية تحتية استثمارية متطورة.
ولم تعد المبادرة مقتصرة على جذب رؤوس الأموال فحسب، بل أصبحت مختبرًا للأفكار التي تعيد رسم ملامح الاقتصاد العالمي، فقد كشفت المؤسسة عام 2022 عن "إطار شامل للحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات ESG"؛ يهدف إلى تعزيز العدالة الاقتصادية ودعم الأسواق الناشئة، في خطوة وُصفت بأنها محاولة لإعادة تعريف مفهوم الاستثمار المسؤول خارج نطاق العالم المتقدم.
ويقول أتياس إن المنهجية الجديدة، التي شارك في وضعها عدد من قادة القطاع المالي، من بينهم ياسر الرميان رئيس مجلس إدارة المؤسسة، ولاري فينك الرئيس التنفيذي لشركة "بلاك روك"، يمكن أن تفتح الباب أمام استثمارات تتجاوز قيمتها 20 تريليون دولار، وتخلق ملايين الوظائف في الدول النامية، فيما يرى أن النظام الحالي للحوكمة يظلم الاقتصادات الصاعدة، لذا تسعى المؤسسة إلى صياغة معايير أكثر شمولاً وإنصافًا، تتيح فرصًا متكافئة للجميع.
اقرأ أيضًا: تفاصيل النسخة التاسعة من مبادرة مستقبل الاستثمار في الرياض
التوجه نحو التنمية المستدامة
ووفقًا لتقديرات "بلومبيرغ"، فإن الاستثمارات الموجهة نحو مبادئ الحوكمة البيئية والاجتماعية ستصل إلى 52 تريليون دولار بحلول نهاية 2025، من هذه الاستثمارات، يُتوقَّع أن يوجه 10% إلى الأسواق الناشئة، ما يبرز الدور المحوري الذي يمكن أن تلعبه السعودية ومؤسسة FII في توجيه رؤوس الأموال نحو التنمية المستدامة.
كما يسلط المؤتمر الضوء على الذكاء الاصطناعي باعتباره "القوة الصاعدة في الاقتصاد الجديد"، إذ يحضر رؤساء شركات التكنولوجيا الكبرى مثل مايكروسوفت، وإنفيديا، وجوجل، وألفابت (الشركة الأم لجوجل)، إلى جانب شركات ناشئة مؤثرة في مجالات الروبوتات والبيانات والطاقة.
كما سيتم خلال الحدث إطلاق النسخة الرابعة من تقرير "Priority Compass"، الذي يرصد الاتجاهات الاستثمارية العالمية وأولويات التنمية في العقد القادم.
اقرأ أيضا: مبادرة مستقبل الاستثمار 2025.. مناقشة الابتكار وسط تحديات عالمية
ويأتي هذا الحراك في وقتٍ تجاوزت فيه أصول صندوق الاستثمارات العامة السعودي 1.15 تريليون دولار في أغسطس 2025، بعد أن كانت لا تتجاوز 150 مليار دولار قبل 10 سنوات فقط، محققًا عوائد سنوية بلغت 7.2%.
