هل تُساعد اللحوم الخالية من الدهون فعلاً على بناء العضلات أسرع؟ دراسة تجيب
كشفت دراسة جديدة أجراها باحثون من جامعة إلينوي في أوربانا شامبين (University of Illinois Urbana-Champaign) ونُشرت في المجلة الأمريكية للتغذية السريرية (American Journal of Clinical Nutrition)، أن تناول اللحوم الخالية من الدهون بعد التمارين الرياضية يُحفّز نمو العضلات أكثر من اللحوم الدهنية، في نتيجة وُصفت بأنها “مفاجئة” حتى بالنسبة للعلماء.
شارك في الدراسة 16 متطوعًا من البالغين النشطين بدنيًا، أدّوا سلسلة من تمارين المقاومة التي شملت ضغط الساقين وتمديدها، أعقبها تناول كل مشارك إحدى وجبتين تجريبيتين بعد التمرين مباشرة:
- برغر خالٍ من الدهون مصنوع من لحم خنزير قليل الدهن.
- برغر غني بالدهون لقياس الفروق في استجابة الجسم للبروتين تبعًا لمحتوى الدهون في الوجبة.
تأثير الدهون على نمو العضلات
قام الباحثون بجمع عينات من الدم والأنسجة العضلية قبل تناول الوجبات وبعد مرور خمس ساعات، بهدف قياس معدل امتصاص الأحماض الأمينية وسرعة دمجها في عملية تخليق البروتين العضلي. وبعد فترة من الراحة والتعافي، أعاد 14 مشاركًا تنفيذ التجربة مرة أخرى للتأكد من دقة واستقرار النتائج.
أظهرت نتائج التحاليل أن تناول اللحم الخالي من الدهون أسفر عن زيادة ملحوظة في تركيز الأحماض الأمينية في الدم، وهي المكوّنات الأساسية المسؤولة عن بناء وإصلاح الأنسجة العضلية.
وفي المقابل، تبيّن أن اللحم الغني بالدهون حدّ من هذه الاستجابة البيولوجية، إذ جاء تأثيره قريبًا من تأثير المشروب الكربوهيدراتي الذي يخلو تمامًا من البروتين.
وسجّلت اللحوم الخالية من الدهون معدل تخليق بروتين عضلي أعلى بنسبة 47% مقارنة باللحوم الدهنية، إذ بلغت نسبة التركيب البروتيني 0.106% مقابل 0.072%.
اقرأ أيضا: ماذا يحدث لصحة الرجال عند استبدال اللحوم بالبقوليات؟ دراسة تجيب
وقال البروفسور نيكولاس بيرد، رئيس فريق البحث، إن الفارق "يدعو للدهشة"، مؤكدًا أن النتائج "تكشف أن جميع اللحوم عالية الجودة ليست متساوية في قدرتها على دعم نمو العضلات".
وأضاف بيرد أن الزيادة الطفيفة في الأحماض الأمينية الناتجة عن تناول اللحم الخالي من الدهون قد تكون الشرارة الأساسية التي تُحفّز بناء العضلات، مشيرًا إلى أن التحضير الدقيق للحوم وطريقة طحنها في التجربة ربما أثرت في سرعة امتصاص العناصر الغذائية.
العلاقة بين التغذية والتمرين
أوضح الباحثون أن وجود كميات عالية من الدهون في الوجبة يُبطئ عملية الهضم والامتصاص، مما يحدّ من وصول الأحماض الأمينية بسرعة إلى الألياف العضلية بعد التمارين، وهي الفترة التي يحتاج فيها الجسم إلى البروتين لإصلاح الأنسجة وبناء عضلات جديدة.
كما لفت بيرد إلى أن "النتائج لا تعني أن اللحوم الدهنية ضارة في المطلق"، بل إنها "أقل فعالية عندما تكون الهدف هو استعادة العضلات بعد التمارين المكثفة".
وأضاف أن تناول أطعمة كاملة أخرى مثل البيض أو السلمون يمكن أن يقدم فائدة مشابهة، رغم أنها لا ترفع مستويات الأحماض الأمينية في الدم بنفس القدر.
ورغم أن النظام الغذائي يلعب دورًا مهمًا في نمو العضلات، شدد بيرد على أن التمارين المقاومة تظل العامل الأهم في تحفيز التكيف العضلي، قائلاً: "يمكن للطعام أن يساعد، لكنه لا يُحدث الفارق بمفرده. التدريب المنتظم هو العنصر الحاسم في بناء القوة العضلية".
بهذه النتائج، تفتح الدراسة الباب أمام فهم أعمق لتأثير محتوى الدهون في الوجبات الغنية بالبروتين على قدرة الجسم على الاستفادة المثلى من التمارين، في خطوة قد تُغيّر الطريقة التي يُخطّط بها الرياضيون وجباتهم بعد التدريب.
