تقرير "سلامة النقل الأمريكية": خلل هندسي وراء كارثة الغواصة تيتان
كشف المجلس الوطني لسلامة النقل الأمريكي (NTSB) في تقريره النهائي عن تفاصيل مأساة غواصة “تيتان” التي انفجرت في يونيو 2023 أثناء رحلتها إلى حطام سفينة تيتانيك في شمال الأطلسي، مما أسفر عن مصرع خمسة أشخاص بينهم الرئيس التنفيذي لشركة “أوشن جيت”، ستوكتون راش.
وأشار التقرير إلى أن الخلل الهندسي في تصميم الغواصة هو السبب الأساسي للكارثة، موضحًا أن “تيتان” كانت تحتوي على هيكل ضغط مصنوع من ألياف الكربون المركّبة المعيبة التي لم تستوفِ معايير القوة والمتانة المطلوبة لتحمل الضغط الهائل في أعماق المحيط.
وأضاف التقرير أن الشركة فشلت في إجراء اختبارات كافية لقياس حدود مقاومة الهيكل أو التحقق من سلامته قبل تشغيله تجاريًا.
سبب انفجار الغواصة تيتان
وأوضح المحققون أن “أوشن جيت” كانت تدرك وجود مخاطر محتملة لكنها تجاهلت معايير السلامة المتعارف عليها في الصناعة، مما سمح بتشغيل الغواصة “بطريقة غير آمنة تمامًا”.
كما أشار التقرير إلى أن اتباع بروتوكولات الطوارئ القياسية كان يمكن أن يساهم في العثور على الحطام في وقت أسرع، وربما تقليل الخسائر البشرية والمادية.
اقرأ أيضا: العثور على حطام غواصة تيتان مع بقايا بشرية
تتطابق هذه النتائج مع تقرير سابق لخفر السواحل الأمريكي صدر في أغسطس 2024، ووصف الانفجار الداخلي بأنه “حادث كان يمكن تجنّبه بالكامل”، مؤكدًا أن ممارسات “أوشن جيت” اتسمت بـ“عيوب خطيرة في السلامة” وتباينات كبيرة بين البروتوكولات الرسمية والإجراءات الفعلية.
وبحسب التقرير، فقد كانت الغواصة تبحر نحو موقع حطام تيتانيك قبل أن تُفقد تمامًا صباح 18 يونيو 2023 بعد ساعتين من الغوص. وعلى الرغم من إطلاق عملية بحث دولية ضخمة استمرت أيامًا قبالة سواحل كندا، اتضح لاحقًا أن الغواصة انفجرت داخليًا فور فقدان الاتصال، مما أدى إلى مقتل جميع من على متنها على الفور.
ضحايا انفجار الغواصة تيتان
من بين الضحايا، إلى جانب الرئيس التنفيذي راش، كان المستكشف الفرنسي بول هنري نارجوليه المعروف بلقب “السيد تيتانيك”، والمغامر البريطاني هاميش هاردينغ، ورجل الأعمال الباكستاني شاهزاده داود وابنه سليمان داود.
كما سلط التقرير الضوء على ثقافة الإهمال داخل الشركة، مشيرًا إلى شهادة أحد الفنيين الذي استقال بعد أن أبدى مخاوفه بشأن وصف الركاب بـ"المتخصصين في المهام"، وهو ما اعتبره تضليلًا متعمدًا لتفادي القيود التنظيمية.
ونقل التقرير عن الرئيس التنفيذي قوله المثير للجدل: "إذا أصبح خفر السواحل مشكلة، فسأشتري لنفسي عضوًا في الكونغرس لأحل الأمر."
وبعد الكارثة، أغلقت “أوشن جيت” أبوابها نهائيًا في يوليو 2023، وسط دعاوى قضائية متزايدة ضدها ودعوات لتشديد الرقابة على الرحلات الخاصة إلى أعماق البحار.
وأوصى المجلس الوطني لسلامة النقل بتشكيل لجنة علمية متخصصة لدراسة المركبات ذات الضغط العالي المستخدمة في الأبحاث والاستكشاف، ووضع لوائح جديدة أكثر صرامة لضمان سلامة الغواصات المأهولة في المستقبل.
ويختتم التقرير بالتحذير: “حادثة تيتان ليست مجرد خطأ تقني، بل درس مؤلم في عواقب تجاهل العلم والسلامة من أجل الشهرة والربح.”
