خبراء يحذرون: الحياة المزدحمة قد تزيد من خطر الإصابة بالخرف
يعتبر الخبراء أن الحياة المزدحمة لم تعد مجرد عامل يؤثر على جودة الحياة اليومية، بل أصبحت أيضًا عاملاً رئيسيًا في زيادة خطر الإصابة بالخرف.
في تقرير جديد نُشر في مجلة "ذا لانسيت" الطبية، تم تحديد "الفقر الزمني" كتهديد غير معترف به في الوقاية من المرض المسبب لفقدان الذاكرة، الذي أصبح في بريطانيا أكبر مسبب للوفاة.
التقرير يشير إلى أن الأشخاص من خلفيات اجتماعية واقتصادية منخفضة يعانون من نقص الوقت مقارنة بالأشخاص الذين لديهم وضع مالي أفضل، مما يعرضهم لخطر أكبر للإصابة بالخرف.
كيف يؤثر الفقر الزمني على خطر الإصابة بالخرف؟
تعرف الباحثون الفقر الزمني بأنه حالة من عدم وجود وقت كافٍ للنوم المريح، أو العمل لساعات طويلة وغير اجتماعية، أو الاعتماد على الشاشات لفترات طويلة، وهو ما يؤثر على الساعة البيولوجية للجسم، المعروفة بـ"إيقاع الساعة البيولوجية" أو "الساعة اليومية".
هؤلاء الأشخاص الذين يواجهون ضغوطًا مستمرة بسبب الوقت يجدون أنفسهم عاجزين عن تخصيص وقت للراحة أو التأمل، مما يؤدي إلى شعور مستمر بالإرهاق العاطفي والضغط النفسي. هذا الضغط المستمر يمكن أن يسهم في تعطيل النوم، مما يؤدي إلى زيادة خطر الخرف.
اقرأ أيضًا: دراسة تكشف ارتباط بين الأمراض الجلدية والاضطرابات النفسية لدى مرضى الذهان
هل الحياة المزدحمة تزيد من خطر الإصابة بالخرف؟
يؤكد التقرير على أن توزيع الوقت بين الأفراد غير متساوٍ، حيث يواجه مقدمو الرعاية، والعاملون في وظائف ذات أجور منخفضة، خاصة أولئك الذين يعملون في ورديات، والطبقات المهمشة، أكبر ضغوط زمنية، مما يزيد من تفاقم عدم المساواة الصحية القائمة.
هذه الفروق في توزيع الوقت تؤدي إلى مزيد من التحديات الصحية للمجتمعات التي تعاني من ضعف الموارد والفرص.
يكتب الباحثون في تقريرهم: "الوقت هو عامل اجتماعي غير معترف به لصحة الدماغ، وقد يكون بنفس أهمية التعليم أو الدخل في تحديد خطر الإصابة بالخرف.
في ثقافات العصر الرقمي التي تدفعنا لتحقيق الإنتاجية والمرونة، أصبح الوقت شيئًا مُحسنًا، مجزأً، ومُحولًا إلى سلعة.
ورغم التقدم التكنولوجي الذي يعد بالكفاءة والمرونة، يعاني العديد من الأفراد من شعور مزمن بالفقر الزمني، مع مساحة قليلة من الوقت للاستراحة أو العناية الذاتية."
وفقًا لجمعية الزهايمر، يُعتقد أن حوالي 40% من حالات الخرف قد تكون قابلة للوقاية.
أظهرت الدراسات أن الحفاظ على نشاط عقلي من خلال تعلم مهارات جديدة أو اللغات، والمشاركة في الأنشطة الاجتماعية، وممارسة الرياضة بشكل يومي، وتناول نظام غذائي غني بمضادات الأكسدة، يمكن أن يساعد في تقليل خطر الإصابة بالخرف.
من ناحية أخرى، أثبتت الدراسات أن السمنة تزيد من خطر الإصابة بالخرف، كما أنها قد تؤدي إلى التدهور المعرفي.
أحد الأسباب التي تسهم في زيادة الفقر الزمني هو العمل لساعات طويلة أو غير اجتماعية، مما يقلل من وقت الراحة والنوم. هذه العوامل لا تساهم فقط في زيادة التوتر والإرهاق، ولكنها تؤثر أيضًا على صحة الدماغ بشكل كبير.
أحد الأمثلة على ذلك هو الاعتماد على الشاشات لفترات طويلة التي تؤثر على الإيقاع البيولوجي للجسم، مما يسبب اضطرابًا في النوم ويزيد من خطر الإصابة بالخرف.
اقرأ أيضًا: هل فقدت المضادات الحيوية فعاليتها ضد الأمراض؟.. دراسة تكشف نتائج صادمة
يشير التقرير إلى أن الأشخاص الذين يعملون في وظائف ذات أجور منخفضة، وخاصة أولئك الذين يعملون في ورديات أو يعملون ساعات طويلة، يواجهون أكبر الضغوط الزمنية.
وبينما يعد ضمان توفير وقت للراحة والنوم أمرًا صعبًا، إلا أن تقليل هذه الضغوط الزمنية من خلال استراتيجيات مثل تخصيص وقت للتأمل أو الرياضة يمكن أن يساعد في تقليل مخاطر الإصابة بالخرف.
هل تقلل الرياضة من الإصابة بالخرف؟
أكد بعض العلماء أن التمارين عالية الكثافة (HITT) قد تكون أفضل من تمارين الكارديو التقليدية في الحد من خطر الإصابة بالخرف.
تنطوي هذه التمارين على فترات قصيرة من النشاط المكثف، مثل تمارين البيربي، والسباقات السريعة على جهاز المشي، والسباقات السريعة على الدراجة، تليها فترات تعافي تسمح للقلب بالهدوء.
ومع ذلك، يُنصح بتجنب ممارسة هذه التمارين قبل النوم، حيث أثبتت الدراسات أنها تؤثر على جودة النوم، مما يزيد من خطر الإصابة بالخرف.
يشير الباحثون إلى أن الفقر الزمني يمكن أن يكون له تأثيرات سلبية على صحة الدماغ على المدى الطويل.
الضغط المستمر والعوامل التي تتسبب في عدم وجود وقت كافٍ للاسترخاء يمكن أن تؤدي إلى استنفاد الذهن والجسم، مما يسهم في زيادة خطر الإصابة بالخرف في المستقبل.
