إنجاز علمي جديد: توثيق 45% من طيور المملكة في محمية الأمير محمد بن سلمان
كشفت محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية عن أول قائمة مرجعية شاملة لأنواع الطيور، تضم 242 نوعًا، أي ما يعادل 45% من إجمالي الطيور المسجلة في المملكة، من بينها تسجيلات نادرة للكناري السوري داخل السعودية.
ويأتي هذا الإنجاز ثمرة أربع سنوات من المسوحات متعددة المواسم، بهدف وضع خط أساس علمي لرصد التنوع الطيري في المحمية، التي تمتد على مساحة 24,500 كم² وتضم 15 نظامًا بيئيًا متنوعًا، من الحرات البركانية إلى سواحل البحر الأحمر.
وتوضح المحمية: "لماذا نقوم بذلك؟ لأن حماية الطيور تبدأ بفهم أماكن عيشها وأنماط تحرّكها.. وليس ذلك أمرًا هيّنًا في محمية بحجم دولة صغيرة 24,500 كم² تضم 15 نظامًا بيئيًا متميزًا تمتد من الحرات البركانية الوعرة حتى ساحل البحر الأحمر. التضاريس صعبة، وشبكة الطرق محدودة، والظروف الجوية قاسية. كما أن الدراسات تتطلب جهدًا ميدانيًا كثيفًا؛ فتمييز جارح محلِّق على ارتفاع 150 مترًا، أو التفريق بين طيور الدُّخَل المتشابهة شكلًا وسط غطاء نباتي كثيف، يحتاج إلى مهارة استثنائية."
اقرأ أيضاً انطلاق فعاليات منتدى المحميات الطبيعية "حِمى" بالرياض
تقنيات دقيقة لرصد الطيور وتحديد الأنواع
بالتعاون مع خبراء جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، استخدم الفريق البحثي التصوير الجوي والسجلات البيئية السابقة لتحديد المواقع الواعدة، مثل الأراضي الرطبة والمناطق ذات الغطاء النباتي والأودية الرئيسة.
تبدأ المسوحات عند الفجر، حين تكون الطيور في ذروة نشاطها، ويُسجِّل الباحثون الأنواع المرئية والمسموعة، فيما تُجرى مسوحات ليلية لرصد أنواع مثل البوم والسبد (Nightjars).
ولرصد الأنواع المصنفة، استخدم الفريق الشباك الخفية، وهي شبكات دقيقة شبه غير مرئية تُعدّ وسيلة آمنة وفعّالة للإمساك بالطيور.
تُسجَّل بيانات دقيقة تشمل القياسات الجسدية، وتُؤخذ عينات من الحمض النووي على هيئة ريشة لتحليلها وتحديد الأنواع الفرعية.
وقد أكّدت هذه التقنية مؤخرًا تكاثر هازجة القصب في مناطق المانغروف داخل المحمية، ما يوسّع نطاقها شمالًا على امتداد البحر الأحمر.
ويقول علي الفقيه، مدير التنوع الحيوي والبحث في المحمية: "الطيور مؤشرات أساسية لصحة النُّظم البيئية، وفهم أدوارها في البيئة يبدأ بملاحظتها. في الصباح الباكر، تغادر الطيور أماكن مبيتها بحثًا عن مواقع التغذية، وباستخدام المناظير والكاميرات، نفحص كل نوعٍ من الطيور، ونرصد خصائص تكيفه المتخصصة المرتبطة بغذائه. فعلى سبيل المثال، يمتلك آكل النحل الأخضر العربي منقارًا حادًا مدبَّبًا مُصمَّمًا لاصطياد الحشرات الطائرة في الجو".
"نُميّز الطيور من خلال ألوانها وأشكالها وسلوكها، ونُوثِّق معلوماتٍ أساسية تشمل إحداثيات نظام تحديد المواقع (GPS)، وأنواع البيئة، وعدد الأفراد المرصودين".
ما هي الطيور المهددة في السعودية؟
من بين الأنواع المسجّلة، هناك 44 نوعًا ذات أولوية في الصون، منها نسر الأسمر، الصقر الأسحم، صقر الشاهين، النعار السوري، والعقاب الأسود، وجميعها مهددة إقليميًا بالانقراض.
كما سُجِّلت أنواع خارج نطاقاتها المعروفة مثل الهازجة القبرصية، دخلة شجر الزيتون، الأبلق الكردي، جشنة ريتشاردية، والحجل الشائع، ما يعكس أهمية المحمية في رصد التنوع الطيري النادر.
وتقول المحمية: "نحن فخورون بمشاركة هذه البيانات مع المجتمع العلمي العالمي، إسهامًا في الجهود الدولية لحماية الأنواع المهاجرة التي لا تعترف بالحدود"، "وإن كنتم في المحمية وشاهدتم أحد هذه الأنواع أو ربما نوعًا غير مُدرج في القائمة يسعدنا تواصلكم".
ويختم علي الفقيه بتوصية شخصية: "مراقبة الطيور من أكثر التجارب بهجةً وسكينة. إن الإصغاء إلى تغريدها وتأمّل ألوان ريشها الزاهية يدعوانا إلى التأمل والامتنان لكوننا جزءًا من هذا العالم الرائع".
