دراسة تكشف أثر الذكاء الاصطناعي والطب على دقة التشخيص
أثار بحث نُشر مؤخرًا في دورية Lancet Gastroenterology & Hepatology جدلاً واسعًا بعد أن كشف أن إدخال أنظمة الذكاء الاصطناعي في مجال التنظير الطبي قد يترك آثارًا غير متوقعة على أداء الأطباء.
فقد أظهرت النتائج أن الأطباء الذين تعرّفوا إلى أدوات مساعدة بالذكاء الاصطناعي خلال عمليات تنظير القولون، سجلوا انخفاضًا في قدرتهم على اكتشاف السلائل بعد إيقاف هذه الأدوات.
الذكاء الاصطناعي والطب.. نتائج صادمة
شملت الدراسة 1443 مريضًا خضعوا لتنظير القولون مع وبدون الاستعانة بالذكاء الاصطناعي. وخلال فترة استخدام التقنية، تمكن الأطباء من رصد مشكلات بمعدل 28.4%، لكن بعد سحب الأداة تراجع المعدل إلى 22.4%، أي بانخفاض نسبته 20%.
الدكتور مارتشين رومانتشيك، طبيب الجهاز الهضمي في مركز H-T الطبي بمدينة تيتشي في بولندا، وصف النتائج بالمفاجئة. وأوضح أن الأطباء ربما أصبحوا يعتمدون على إشارات بصرية يوفرها النظام مثل المربعات الخضراء التي تحدد مناطق الاشتباه وهو ما جعـلهم أقل تركيزًا عند غياب تلك المؤشرات.
مخاطر الاعتماد على الذكاء الاصطناعي
يشبه الباحث هذه الظاهرة بما سماه "تأثير خرائط غوغل"، حيث يعتمد السائقون اليوم على الأجهزة لتحديد الطرق بدلًا من تطوير مهاراتهم الخاصة في الملاحة. واستشهد بتجارب سابقة في قطاع الطيران، مثل حادثة طائرة "إير فرانس" عام 2009 حين أودى الاعتماد المفرط على الطيار الآلي بحياة 228 شخصًا، بعد أن فشل الطاقم في التعامل يدويًا مع تعطل النظام.
اقرأ أيضاً دراسة تكشف خطورة استشارات الذكاء الاصطناعي الطبية
هذه المخاوف لا تقتصر على الطب أو الطيران، بل تمتد إلى مختلف المجالات. فبينما تتوقع مؤسسات مثل Goldman Sachs أن يرفع الذكاء الاصطناعي إنتاجية القوى العاملة بنسبة 25%، فإن دراسات أخرى منها أبحاث مشتركة لجامعة Carnegie Mellon وMicrosoft تحذر من تآكل القدرات النقدية لدى العاملين بفعل الإفراط في الاعتماد على التقنية.
وفي ختام الدراسة، يؤكد رومانتشيك أن الهدف ليس إقصاء الذكاء الاصطناعي من غرف العمليات، بل فهم آثاره الجانبية وتطوير طرق تدريبية تحافظ على المهارات الطبية الجوهرية. وكما تقول الدكتورة لين وو من كلية وارتون بجامعة بنسلفانيا: "ينبغي أن نُحسن استخدام التقنية دون أن نفقد قدرتنا على السيطرة إذا ما تعطلت".
