استراتيجيات ذكية لإدارة الوقت: كيف تنجح في عملك دون أن تخسر زواجك؟
تحدث الكثير من الخلافات بين الزوجين، بسبب الانشغال المفرِط بالعمل، بما يُشعِر أحدهما بالإهمال أو أنّه مُهمّش في العلاقة، خاصةً إذا كان أحد الزوجين ذا طموحٍ كبير، أو يتطلّع إلى تحقيق إنجازات مهنية كبيرة.
لكن من قال بأنّ تلك الإنجازات المهنية يجب أن تكون على حساب العلاقة الزوجية؟
في الحقيقة من الممكن إدارة الوقت بين الحياة الزوجية والمهنية، دون أن يطغى العمل على أي منهما، وذلك لتعزيز الحب في العلاقة الزوجية، مع الحفاظ على النموّ المهني المطلوب.
أهمية إدارة الوقت بين الحياة الزوجية والمهنية
يُعدّ تحقيق التوازن بين الحياة الزوجية والمهنية أمرًا ضروريًا لسعادة كلا الزوجَين؛ إذ إنّ التوازن بين الحياة والعمل، يمكن أن يقلّل التوتر والاحتراق النفسي، كما يعزّز الرضا الزوجي، والرفاهية العاطفية والجسدية، حسب بحثٍ نشر عام 2012 في دورية "Journal of Vocational Behavior".
ولعل النجاح في الزواج، يتجاوز مجرد الإنجاز الشخصي أو النجاح المهني، إذ يعد الزواج رحلة مشتركة؛ يجب أن يشعر فيها كلا الزوجين بالرضا في حياتهما الشخصية، ومِنْ ثمّ ينبغي ألّا يطغى النجاح المهني على العلاقة الزوجية، فالتوازن هنا هو المطلوب لتقوية العلاقة بين الزوجين.
كيف يؤثر النجاح المهني على العلاقة الزوجية؟
قد يؤثر النجاح المهني سلبًا أو إيجابًا على العلاقة الزوجية، لكن قد يؤدّي النجاح المهني ذاته في بعض الأحيان إلى انهيار العلاقة، وذلك بسبب بعض السمات الفردية، والتي منها على سبيل المثال:
1. الطموح:
لا شكّ أنّ الطموح يغذّي السعي الدؤوب لتحقيق الأهداف المهنية، كما يجعلك تحقّق نجاحات استثنائية في كثير من الأحيان.
وحسب بحثٍ نشر عام 2021 في دورية "Journal of Vocational Behavior"، فإنَّ العلاقة الرومانسية، يمكن أن تدعم تحقيق الأهداف المهنية، خاصةً إذا كانت أهداف الزوجين مشتركة.
اقرأ أيضًا: العمل من البيت: هل هو تحدٍ للعلاقات الزوجية أم فرصة للتقارب؟
ومع ذلك، عندما يؤدي الطموح إلى إعطاء الأولوية للعمل على حساب العلاقة الزوجية، فقد تشعر الزوجة بالتهميش أو الإهمال، بل عدم التقدير، ما قد يخلق صدعًا في العلاقة يصعب إصلاحه.
2. الكمالية:
بعض الناس يتصفون بصفات كمالية، بمعنى أنّهم يسعون إلى الكمال في كل شيء يفعلونه، وهذا قد يؤدي في كثير من الأحيان إلى أداء متفوق ونتائج عالية الجودة، ومع ذلك فإنّ تطبيق نفس المعايير الصارمة على العلاقة الزوجية، قد يخلق جوًا متوترًا.
فقد تشعر الزوجة بعدم قدرتها على تلبية التوقعات العالية للزوج، ما يؤدي إلى إحباطها، وربّما تضعف العلاقة عمّا كانت عليه؛ إذ لا بُدّ من الفصل في التعامل مع العمل ومع الزوجة.
وحسب بحث نشر عام 2001 في دورية "Current Psychology"، فإنّ سلوكيات الشخص الكماليّ مرتبطة بسلوكيات ضارّة للفرد داخل العلاقة الرومانسية، يمكن أن تؤدي في النهاية إلى تدمير تلك العلاقة.
3. إدمان العمل:
بالتأكيد يستحق التفاني في الحياة المهنية الثناء الكثير، لكنّه يمكن أن يضرّ علاقتك بزوجتك بشدّة، خاصةً إذا تحوّل الأمر إلى إدمان للعمل.
فالتركيز المستمر على العمل، غالبًا ما يترك وقتًا قليلًا للزوجة، ما يؤدّي إلى استيائها وشعورها بالإهمال، وهو أمر شائع في أسباب الخلافات الزوجية، نظرًا لإحساس الزوجة بالوحدة العميقة والحُزن، لأنّ الزوج مشغول دائمًا بعمله.
تحدّيات إدارة الوقت بين الحياة الزوجية والمهنية
حتى لو لم يكُن أحد الزوجين بهذه السمات الفردية، فإنّ هناك بعض التحديات التي قد تقف حجر عثرة أمام تحقيق التوازن بين الحياة المهنية والزوجية، والتي منها على سبيل المثال:
1. حواجز التواصل:
التواصل الواضح والمفتوح هو أساس أي زواج قوي، ومع ذلك فإنّ التواصل بين بعض الأزواج، لا يكون واضحًا، بل قد يخشى أحد الزوجين مناقشة آماله أو مخاوفه بشأن الحياة المهنية والأهداف الشخصية مع شريكه، بما قد يؤدي إلى وقوع خلافٍ بينهما.
لذا يجب العمل على إيجاد أرضية مشتركة بين الزوجين، بالتواصل الواضح بينهما، وتعبير كل منهما عن آماله ومخاوفه، للوصول إلى حلول تتوافق مع كل منهما، والأهم بألّا يطغى العمل على الحياة الزوجية.
2. الضغط المالي:
بالتأكيد الضغط المالي أحد أكبر العقبات أمام تحقيق التوازن بين الحياة الزوجية والمهنية، خاصةً مع الحاجة إلى الاستقرار والنمو المهني، أو انعدام الأمن الوظيفي، أو انخفاض الدخل، ومِنْ ثمّ قد يتطلّب التعامل مع هذا التحدّي، إنشاء خطة مالية منظّمة، وتحديد أهدافٍ مشتركة، مع إجراء بعض التعديلات بشأن بنود الإنفاق، بما يساعد على تحقيق التوازن بين العمل والحياة الزوجية، دون أن تتعرّض لضائقة مالية.
3. إدارة الوقت:
من الصعب إدارة الوقت وتحقيق التوازن المطلوب، مع كثرة أعباء العمل، أو الرغبة في تحقيق إنجازات مهنية كبيرة، ومع ذلك يجب أن يكون هناك توازن بين أوقات العمل، والأوقات التي تقضيها مع زوجتك، وذلك بتحديد أولويات واضحة، والمرونة مع الجداول الزمنية لك ولزوجتك، وأحيانًا رفض المطالب الخارجية للعمل لحماية وقتكم معًا.
استراتيجيات لتحقيق التوازن بين الحياة الزوجية والعمل
قد يكون من الصعب ترتيب الأولويات في الحياة الزوجية، خاصةً مع كثرة عدد ساعات العمل، لكن يجب ألّا يطغى طرف على الآخر، مع إيلاء الاهتمام الكافي لكل من حياتك المهنية وحياتك الزوجية، وعدم إهمال أي منهما، وفيما يلي بعض الاستراتيجيات التي تساعد على إدارة الوقت بين الحياة الزوجية والمهنية:
1. ترتيب جدولكما اليومي معًا:
بالنسبة للأزواج الذين يحاولون تحقيق التوازن بين العمل والحياة في الزواج، فإنّ تنسيق الجداول اليومية بينهما أمر ضروري؛ إذ يمكنكما مناقشة التزامات بعضكما، حتى يتسنّى لكما العثور على أوقات فراغ مشتركة، وهذا يساعد في التخطيط جيدًا لقضاء وقتٍ ممتع معًا، كما يقلّل من الخلافات المحتملة بين الزوجين، والتي قد تنجم عن إعطاء الأولوية للعمل على الحياة الزوجية.
اقرأ أيضًا: الخلافات الزوجية المتكررة.. 7 أسباب أساسية وحلول عمليّة
2. وضع حدود مع العمل:
ليس الأمر مقتصرًا على بعض التغييرات في الحياة الزوجية فحسب، بل يجب وضع حدود عمل صارمة، بتحديد أوقات محددة، تتوقف فيها عن استقبال المكالمات ورسائل البريد الإلكتروني المُتعلّقة بالعمل مؤقتًا، خاصةً في أثناء المناسبات الخاصة أو الوجبات العائلية، فهذا يضمن التركيز الكامل بين الزوجين في أثناء الوقت الذي يقضيانه معًا بعيدًا عن صخب العمل.
3. التواصل المفتوح بشأن ضغوط العمل:
يجب أن يكون هناك نوع من التواصل المفتوح بشأن ضغوطات العمل بين الزوجين، بالإضافة إلى توفير الدعم المتبادل الذي يحتاج إليه الزوجين.
فمن خلال مناقشة ما يُسبّب لك التوتر في العمل، يمكنك طلب الدعم من زوجتك، وربّما تقدّم لك حلولًا أو وجهات نظر لم تفكر فيها، بما يخفّف العبء النفسي عليك، كما يعزّز العلاقة بينكما أيضًا.
4. تخصيص وقت ممتع بينكما:
كشف بحثٌ نشر عام 2022 في دورية "Contemporary Family Therapy"، أنَّ الزوجين اللذين يقضيان أوقاتًا أطول في التحدث كل منهما مع الآخر، لديهم رضا أعلى بكثير عن علاقتهما، كما يريان سمات أكثر إيجابية في زواجهما، وأن الأزواج في هذه الحالة يختبرون إحساسًا أكبر بالتقارب والرغبة في العلاقة الحميمة.
لذا في محاولة الحفاظ على التوازن بين الحياة الزوجية والمهنية، من الضروري تخصيص أوقاتٍ محددة لكما فقط، سواء كان عشاءً بالخارج مثلًا أو نزهة مسائية هادئة، فمثل هذه اللحظات ضرورية لإعادة التواصل مع زوجتك، وتعزيز العلاقة بينكما، بعيدًا عن ضغوط العمل.
اقرأ أيضًا: العلاقة الزوجية في عصر التكنولوجيا: تواصل أذكى أم فجوة أعمق؟
5. أهمية الدعم المتبادل في تحقيق التوازن:
يُعدّ الدعم المتبادل بين الزوجين من أهم الأمور في الحفاظ على التوازن بين الحياة الزوجية والمهنية؛ إذ يمكنكما الاحتفال بنجاحات بعضكما، حتى لو كانت بسيطة، أو أن تقدّم لك زوجتك التشجيع المطلوب خلال الأوقات الصعبة التي تمرّ بها في عملك، فهذا الدعم لا يعزّز الروح المعنوية لديكما فحسب، بل يُعزّز أيضًا العلاقة بينكما والشعور بالرضا.
6. أبقِ حياتك المهنية منفصلة:
يتطلّب تحقيق النجاح المهني والعائلي، إبقاء الحياة المهنية منفصلة تمامًا في الأوقات الأُسرية، لذا حاوِل حل مشكلات العمل قبل عودتك إلى المنزل، وتجنّب مناقشة الضغوطات المرتبطة بالعمل في أثناء وقت العائلة، للحفاظ على بيئة منزلية هادئة، وحياة زوجية أكثر استقرارًا.
