حرب باردة في وادي السيليكون: كيف استدرجت Meta كبار مطوري الذكاء الاصطناعي بعروض مالية ضخمة؟
في الآونة الأخيرة، وصل التنافس في مجال الذكاء الاصطناعي إلى أشده، وأصبحت كل الشركات التقنية -تقريبًا- تتسابق للاعتماد عليه قدر الإمكان، لكن اللافت هذه الأيام، أن الشركات العملاقة حولت دفة السباق، إذ أصبحت تتسابق لاجتذاب ألمع العقول من منافسيها المباشرين، لتشتعل الحرب الباردة في وادي السيليكون.
الذكاء الاصطناعي ومنافسة الشركات
شركة "ميتا Meta" على سبيل المثال، أغرت الكثير من العقول اللامعة في "أوبن إيه آي OpenAI" واستطاعت الظفر بخدماتهم؛ ما جعل "سام ألتمان" يخرج للعلن، ويعبر عن انزعاجه مما يفعله "مارك زوكربيرغ" وشركته، التي تتخطى قيمتها السوقية التريليون والـ 800 مليار دولار؛ الرقم الذي تقف أمامه OpenAI عاجزةً، حيث تقدر قيمتها اليوم بحوالي 300 مليار دولار، وهو رقم كبير ولكنه يبدو ضئيلًا مقارنة بميتا، بالرغم من كونه رقمًا مبهرًا بالنسبة لشركة تأسست في 2015.
فما تفاصيل هذه الحرب الباردة بين مارك زوكربيرغ (ميتا) وسام ألتمان(OpenAI)؟
سام ألتمان يشتكي للصحافة!
يقول الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI، إن ميتا تتبع استراتيجية واضحة ومباشرة للظفر بخدمات موظفيه، وهذه الاستراتيجية على حد وصفه هي بعرض مبالغ مالية ضخمة لا تقاوم.
ففي بودكاست ظهر فيه ألتمان إلى جانب شقيقه، صرح بأن ميتا بدأت بتقديم "عروض عملاقة لعدد كبير من أعضاء الفريق"؛ بعضها يشمل مكافآت توقيع تصل إلى 100 مليون دولار.
اقرأ ايضًا: بعد تصريح إيلون ماسك.. هل يعود تطبيق Vine بفكرة جديدة تعتمد على الذكاء الاصطناعي؟
مدير الأبحاث في OpenAI، "مارك تشن"، عبّر هو الآخر عن استيائه مما يحدث قائلًا: "أشعر وكأن أحدهم اقتحم منزلنا وسرق شيئًا منا"، لكن رُغم كل ذلك، ما زالت الشركة تراهن على الولاء كقيمة محورية، حيث كتب تشن للموظفين الذين لم تُغرهم الماليات: "أرجو أن تثقوا بأننا لم نقف مكتوفي الأيدي"، مُشيرًا إلى أن OpenAI بدأت بالفعل بمراجعة هيكل التعويضات المالية.
وفي السياق ذاته، قال سام ألتمان، مُشيدًا بالموظفين الحاليين: "أنا سعيد لأن الأفضل منا لم تُغرِه هذه العروض حتى الآن"، وأضاف: "جهود ميتا في الذكاء الاصطناعي لم تكن بالقدر الذي يأملونه. يجب أن يكونوا سباقين في الابتكار".
أبرز العقول التي انضمت إلى ميتا
ضمت قائمة الأسماء التي انتقلت من OpenAI إلى ميتا عددًا من الموظفين البارزين، من بينهم:
- "تراپيت بانسال Trapit Bansal"، المشارك في تطوير نماذج المنطق o-series من ChatGPT.
- "شوشاو بي Shuchao Bi"، الذي ساهم في تطوير وضع الصوت لنموذج GPT-4o.
- "هونغيو رين Hongyu Ren"، المسؤول السابق عن مرحلة ما بعد التدريب.
- "جيا هوي يو Jiahui Yu"، الذي قاد فريق الرؤية الحاسوبية Computer Vision.
- "شينغجيا زاو Shengjia Zhao"، المتخصص في البيانات الاصطناعية.
ويصف ألتمان تحركات ميتا لضم هؤلاء المبدعين بأنها "غير مريحة أخلاقيًا"، وذلك وفقًا لرسائل داخلية اطلعت عليها مجلة WIRED، والمثير في الأمر أن ألتمان -حسب وصفه أيضًا- قد "فقد العد" (نسي عدد المرات)، لكثرة محاولات ميتا التي تحاول تعيين موظفي OpenAI في مناصب رفيعة المستوى.
الأكثر إثارة في هذه الحرب الباردة برمتها، حتى هذه اللحظة، أن أسهم ميتا شهدت ارتفاعًا قياسيًا بوصول قيمة السهم إلى 738.09 دولار يوم الاثنين المنصرم، أي بزيادة قدرها 23% منذ بداية العام، وهو ما أكسب مارك زوكربيرغ أكثر من 26 مليار دولار في يومٍ واحد فقط!
زوكربيرغ يستهدف جميع المنافسين
بالانتقال للطرف الآخر، وفي مذكرة داخلية أطلعت عليها شبكة CNBC، كتب مارك زوكربيرغ: "الطريق نحو الذكاء الفائق أصبح مرئيًا. أعتقد أننا على أعتاب عصر جديد للبشرية".
وقد عيّن مؤخرًا ألكسندر وانغ، المؤسس السابق لشركة Scale AI، ليقود الفريق بصفته "رئيس الذكاء الاصطناعي"، إلى جانب نات فريدمان، الرئيس التنفيذي السابق لـGitHub.
اقرأ أيضًا: النساء أكثر تهذيبًا من الرجال.. دراسة تكشف مفاجآت في سلوك البشر مع الذكاء الاصطناعي
ويضم الفريق الجديد مهندسين سابقين من Google وDeepMind وAnthropic، من بينهم جاك راي وپِي سون، اللذان شاركا في تطوير نماذج Gemini، فيما ساهم آخرون مثل بي وزاو في مشاريع بارزة داخل OpenAI مثل GPT-4o.
زوكربيرغ يراهن على 3 عناصر أساسية في عصر الذكاء الاصطناعي، وهي قوة الحوسبة، والانتشار العالمي، وثقافة الشركة الجريئة، وقد تعهد بأن تواصل ميتا العمل على مسارٍ موازٍ لتطوير نماذج ذكاء اصطناعي مفتوحة المصدر، بهدف تحقيق "ذكاء اصطناعي فائق للجميع" حسب وصفه.
صراع ميتا على الكفاءات يجعل أسعارهم فلكية!
رُغم هذه الحماسة، يقول أندرو بوسورث، المدير التقني في ميتا، لـCNBC: "ما يجري حاليًا هو مستوى غير مسبوق من التنافس على الكفاءات"، مشيرًا إلى أن السوق بدأ يضع أسعارًا فلكية للمواهب النادرة.
لكن هذا التفاوت قد يخلق توترًا داخل ميتا نفسها، فبعض الموظفين عبّروا عن قلقهم من أن الإفراط في ملاحقة الأسماء الكبيرة قد ينعكس سلبًا إذا ظهرت خلافات في الرؤية، أو تعثرت المشاريع.
صحيح أن ميتا اكتسبت زخمًا من خلال مبادراتها مفتوحة المصدر مثل LLaMA، لكنها لا تزال بعيدة عن الأثر الذي أحدثه ChatGPT.
جدير بالذكر أن ميتا لا تحاول استقطاب العقول اللامعة في مجال الذكاء الاصطناعي فحسب، بل تستحوذ على الشركات نفسها إن لزم الأمر، وعلى سبيل المثال، حاولت ميتا الاستحواذ على شركة Safe Superintelligence، التي أسسها إليا سوتسكيفر، الشريك المؤسس لـ OpenAI، لكن المحاولة باءت بالفشل، مما جعلها تنتقل إلى تجنيد موجة جديدة من المواهب.
