حدث كوني نادر.. ثقب أسود يبتلع نجمًا ويكشف سرًا علميًا غامضًا (فيديو)
رصد علماء الفلك وميضًا ضوئيًا مفاجئًا من مجرة تبعد نحو 450 مليون سنة ضوئية عن الأرض، رجّحوا أنه ناتج عن ابتلاع ثقب أسود لنجم عابر مرّ بالقرب منه.
ورغم أن ابتلاع النجوم من قِبل الثقوب السوداء ليس أمرًا نادر الحدوث، إلا أن خصوصية هذا الحدث تكمن في طبيعة الثقب الأسود ذاته، إذ تشير البيانات إلى أنه ينتمي إلى فئة نادرة تُعرف باسم الثقوب السوداء متوسطة الكتلة، وهي فئة يصعب رصدها وتشكل لغزًا طويل الأمد في علم الفلك، لأنها تملأ الفجوة بين الثقوب السوداء النجمية وفائقة الكتلة.
عادةً ما تُصنّف الثقوب السوداء إلى نوعين: الأول هو الثقوب السوداء النجمية، التي تنشأ من انهيار نجم ضخم وتبلغ كتلتها حتى 100 ضعف كتلة الشمس. والثاني هو الثقوب السوداء فائقة الكتلة، الموجودة في مراكز المجرات وتفوق كتلتها الشمس بملايين أو حتى مليارات المرات. وبين هذين النوعين، توجد فئة متوسطة لم تُرصد إلا نادرًا، ما يجعل كل اكتشاف من هذا النوع محطّ أنظار المجتمع العلمي.
لماذا يصعب رصد الثقوب السوداء المتوسطة؟
التحدي العلمي الرئيسي يكمن في فهم كيفية تشكل الثقوب السوداء فائقة الكتلة، وهل تنمو تدريجيًا من ثقوب نجمية صغيرة، أم أن لها أصلًا آخر؟ المنطق الفلكي يفترض وجود عدد كبير من الأجسام التي تمثّل المرحلة الانتقالية بين النوعين، أي ثقوب متوسطة الكتلة، لكن الواقع أن العلماء لم يعثروا إلا على عدد قليل جدًا منها، ما يضع فرضية النمو التدريجي تحت التساؤل.
الرصد الأخير، الذي قاده الباحث يي-تشي تشانغ من جامعة تسينغ هوا الوطنية في تايوان، قد يكون نافذة جديدة لفهم هذه الفجوة الكونية.
فقد رصد الفريق ومضة ضوئية غير اعتيادية ناجمة على الأرجح عن ثقب أسود متوسط الكتلة تتراوح كتلته بين 1000 و10,000 ضعف كتلة الشمس. وتشير البيانات إلى أن الجسم استيقظ فجأة من حالة خمول وابتلع جزءًا من مادة نجمية كانت تمر بالقرب منه.
اقرأ أيضًا: العلماء يعيدون تصنيع روائح الفضاء الغريبة في شكل عطور تقنية
هل يبتلع الثقب الأسود النجوم بشكل متكرر؟
حتى الآن، لا يزال الغموض يلف طبيعة الحدث. فالعلماء لا يعرفون ما إذا كان هذا الابتلاع لمرة واحدة، أم أن هناك نجمًا في مدار حول الثقب الأسود، يتعرّض إلى "لدغات دورية" في كل اقتراب.
هذا الاحتمال الأخير سيجعل الحدث أكثر قيمة، لأنه يعني وجود نموذج تكراري يمكن رصده وتحليله مستقبلاً.
وتبقى الأسئلة العلمية الكبرى مفتوحة: كيف تنمو الثقوب السوداء؟ وأين تختبئ الأجسام المتوسطة في هذا الكون الواسع؟ ما رُصد في هذه المجرة البعيدة قد لا يكون سوى بداية لفصل جديد من فهم بنية الكون الخفية، حيث تواصل الثقوب السوداء، على اختلاف أنواعها، كتابة ألغاز الفيزياء الكونية.
