كيف تتطور نكهة اللحم المشوي على النار؟ دراسة تتابع التغير لحظة بلحظة
كشفت دراسة علمية حديثة عن تفاصيل دقيقة لتغير نكهة لحم الخروف أثناء الشواء، موضحة كيف تتبدل مركبات الطعم والروائح مع مرور الوقت على النار، وذلك باستخدام تقنيات تحليلية متقدمة تعتمد على الذكاء الاصطناعي وأجهزة الاستشعار الإلكترونية.
وأجرت الدراسة، التي نُشرت في المجلة الدولية لعلم الطهي وعلوم الأغذية، بكلية علوم وهندسة الأغذية في جامعة بوهاي الصينية، حيث استخدم الباحثون أدوات تحليل تشمل "الأنف الإلكتروني" و"اللسان الإلكتروني"، إلى جانب تقنيات مثل تحليل الفراغ الغازي، والكروماتوغرافيا الغازية، ومطيافية حركة الأيونات.
كيفية تسوية اللحم المشوي؟
وأظهرت نتائج الدراسة أن عملية الشواء تؤدي تدريجيًا إلى انخفاض محتوى الرطوبة في اللحم، مقابل زيادة تركيز البروتينات نتيجة تبخر السوائل، في حين تتناقص نسبة الدهون بفعل التفكك الحراري.
اقرأ أيضًا: لحوم المستقبل: باحثون كوريون يخطون خطوة هائلة نحو لحوم نباتية بمذاق اللحم
كما لوحظ انخفاض ملحوظ في الرقم الهيدروجيني (pH) خلال الدقائق الأولى من الطهي، ما يؤثر على التفاعلات الكيميائية التي تُنتج النكهات.
وتمكّنت الأجهزة الإلكترونية المستخدمة في الدراسة من تمييز كل مرحلة من مراحل الشواء بدقة، حيث جرى التعرف على 83 مركبًا عطريًا طيارًا، بينها 29 مركبًا أساسيًا تشكل الهيكل النكهوي الرئيسي للحم المشوي.
وفي بداية الشواء، رُصد مركب إيثيل أكريليت كمؤشر على اللحم النيء، وعند الدقيقة الثالثة، ظهرت مركبات مثل الإيثانول و1-بيوتانول.
ومع مرور الوقت، وخصوصًا عند الدقيقة التاسعة، تصاعدت مركبات أكثر تعقيدًا مثل إيثيل بيرازين وأوكتينال.
أما الذروة فكانت في الدقيقة الثانية عشرة بظهور مركبات غنية مثل 2-ميثيل بروبانال وتراي ميثيل بيرازين، التي تمنح اللحم نكهته العميقة المميزة.
وخلصت الدراسة إلى أن عملية الشواء ليست مجرد طهي تقليدي، بل تحوّل كيميائي معقّد تتغير فيه بنية النكهات لحظة بلحظة.
اقرأ أيضًا: ما كمية اللحم المسموح بتناولها يوميًا؟.. خبيرة تغذية تكشف
واعتبرت أن كل قضمة من اللحم المشوي تحمل داخلها قصة علمية كاملة، تبدأ من النية وتنتهي بمذاق متكامل يُمكن تتبعه وتحليله بدقة علمية.
طرق التسوية الصحية للحوم المشوية
وفي سياق متصل، ينصح خبراء التغذية باعتماد طرق تسوية صحية للحوم المشوية، تضمن الحفاظ على النكهة دون الإضرار بالصحة، خصوصًا مع ارتفاع درجات الحرارة التي قد تنتج مركبات ضارة إذا لم يتم التحكم بها بدقة.
ومن أبرز التوصيات:
- الطهي على حرارة متوسطة بدلًا من اللهب المباشر، لتقليل احتراق الدهون، ومنع تكوّن مركبات مثل الأمينات الحلقية غير المتجانسة (HCAs)، والهيدروكربونات العطرية متعددة الحلقات (PAHs) المرتبطة بمخاطر صحية.
- تتبيل اللحم قبل الشواء باستخدام أعشاب طبيعية كالروزماري، والثوم، والليمون، ما يُساعد على تقليل أكسدة الدهون، ويمنح نكهة صحية وطبيعية.
- إزالة الدهون الظاهرة قبل الطهي، لتقليل قطرات الشحم التي تسقط على الفحم وتُحدث دخانًا كثيفًا محمّلًا بمواد ضارة.
- عدم الإفراط في التسوية، إذ تُفضل درجة "متوسطة النضج" (Medium) أو "متوسطة جيدًا" (Medium-Well)، لتجنّب الجفاف وتكسّر البروتينات المفرط.
اقرأ أيضًا: "ريجيم اللحم".. إشباع أطول وكربوهيدرات أقل لكن احذر!
- الاعتماد على شوايات الغاز أو الأفران الحرارية الحديثة التي تُقلل من التلامس المباشر مع النار، وتوفّر توزيعًا متوازنًا للحرارة دون الحاجة للفحم والدخان.
وتُشير الأبحاث إلى أن اللحم المشوي يمكن أن يكون خيارًا صحيًا إذا ما تم تحضيره بتقنيات واعية، تُراعي الجودة الغذائية وتحافظ على القيمة البروتينية من دون الإخلال بالسلامة.
