"الدون" المستثمر.. كيف يحوّل كريستيانو رونالدو المجد الكروي إلى إمبراطورية اقتصادية؟
عاش طفولة صعبة، إذ فقد والده في سن مبكرة، وكان والده محاربًا سابقًا، ورغم غياب الحوار بينهما، ظل يشعر بأن إنجازاته هي امتداد لرعاية والده له من السماء.
بدأ مسيرته من الصفر، حيث عمل في نادي محلي كمسؤول عن تجهيزات الفريق، قبل أن ينضم إلى فرق شبابية مرموقة، متحديًا ظروفًا صحية صعبة.
شغفه بكرة القدم كان عارمًا، إلى درجة أنه كان يهرب من المنزل حاملاً كرته ليمارس اللعب، مفضلاً إياه على الطعام أو الدراسة، ومع مرور الوقت، تحول هذا العشق إلى مسيرة استثنائية، حصد خلالها ألقابًا عالمية، وتوّج بجوائز مرموقة، محققًا أرقامًا قياسية جعلته أسطورة في مجاله، لكن مجده لم يقتصر على المستطيل الأخضر، فبفضل رؤيته الاستثمارية الذكية، بات من بين أعلى الرياضيين دخلًا في العالم.
إنه أسطورة البرتغال وقائد فريق نادي النصر السعودي كريستيانو رونالدو، "الدون"، هذا النجم الذي جمع بين الموهبة الفذة والذكاء المالي، ليصنع إمبراطورية رياضية واقتصادية متكاملة، فدعونا نتعمق في إنجازاته وأعماله ومسيرته المهنية.
كيف ينفق كريستيانو رونالدو أمواله؟
يتصدّر الأسطورة كريستيانو رونالدو، 40 عامًا، قائمة أعلى نجوم كرة القدم أجرًا، بإجمالي 164مليون جنيه إسترليني سنويًا، وفقًا لصحيفة dailymail البريطانية، التي بيّنت أوجه إنفاق رونالدو لراتبه خلال مسيرته الاحترافية مع فريق النصر السعودي، الذي انضم إليه خلال شتاء عام 2023، في صفقة انتقال حر قادمًا من مانشستر يونايتد الإنجليزي.
تقول الصحيفة إن رونالدو أنفق في فترة من الفترات نحو 250 ألف جنيه إسترليني شهريًا، نظير الإقامة في أحد الفنادق الفخمة بالعاصمة السعودية الرياض، كما اشترى طائرة خاصة مقابل 61 مليونًا خلال وقت سابق، ويخت وساعة يد بقيمة 1.4 مليون جنيه إسترليني، في حين أنه يحصل على 49 مليون جنيه إسترليني أخرى، نظير مشاريع له خارج الملعب.
رونالدو: أسلوب حياة باذخ
سلّطت الصحيفة الضوء على ما وصفته بـ"أسلوب حياة اللاعب الباذخ، واستثماراته في وسائل النقل الفاخرة والعقارات والساعات المرصعة بالألماس"، وقالت: "أمضى رونالدو الأشهر القليلة الأولى من إقامته بالرياض في فندق فور سيزونز الفخم، وقرر وعائلته أخيرًا الاستقرار في عام 2024 من خلال شراء قصر في منطقة سكنية راقية في المحمدية".
واستثمر رونالدو، في عام 2021، في عقار على الريفييرا البرتغالية، بهدف بناء قصر بحجم مستشفى في كوينتا دا مارينيا، لكن المشروع تأخر عن الموعد المحدد بأكثر من عامين.
ومن المقرر أن يضم قصر كريستيانو حمام سباحة زجاجي عملاق مع ممر تحت الماء، وغرفة نوم رئيسية تبلغ مساحتها 1000 قدم مربع، كجزء مما يُعتقد أنه أغلى مشروع تطوير عقاري في البرتغال.
ويعتقد أيضًا أن رونالدو اشترى فيلا للعطلات بقيمة 1.4 مليون إسترليني في لا ريسينا، تضم ملعبًا للغولف وناديًا ريفيًا بين ماربيا وإستيبونا، وذلك بعيدًا عن صخب المدينة، بحسب الصحيفة.
إمبراطورية رونالدو العقارية
يعتبر البرتغالي كريستيانو رونالدو من النجوم المهووسين بشراء العقارات، إذ يمتلك إمبراطورية عقارية تضم قصورًا في عدد من دول وقارات العالم المختلفة، وقد اشترى "الدون" قبل عامين فيلا تبلغ مساحتها 30 ألف متر مربع في جزيرة جميرا باي في دبي، تحتوي على 6 غرف نوم ومدخل خاص للشاطىء، وصالة عرض لسبع سيارات وسبا ومسبح يطل على وسط مدينة دبي.
وقبل ذلك، باع رونالدو قصرًا كان يمتلكه في برج ترامب بالولايات المتحدة الأمريكية في نيويورك في فبراير 2022، وبالطريقة نفسها، تخلى عن فيلا امتلكها في شمال البرتغال ببيعها لبيبي زميله السابق في منتخب البرتغال وريال مدريد.
وكان رونالدو قد اشترى في عام 2018 "بنتا هاوس" في العاصمة البرتغالية لشبونة، بقيمه 6 ملايين جنيه إسترليني، يضم صالة ألعاب رياضية، و3 غرف نوم كبيرة، ويطل على المناظر الخلابة في العاصمة.
كما أن رونالدو لديه قصر في فونشال مسقط رأسه بقيمة 7 ملايين جنيه إسترليني اشتراه في عام 2015، ويضم 7 طوابق، يعتقد أن 3 منها تحت الأرض، وكذلك يحتوي على حمامي سباحة وملعب كرة قدم داخلي.
وهناك قصر آخر في مدينة مانشستر، ويبلغ سعر هذا المنزل المكون من 7 غرف نوم نحو 4.9 مليون جنيه إسترليني.
وفي أبريل 2023، وبمبلغ 4.8 مليون جنيه إسترليني، قرر رونالدو عرض قصره في لا فينكا بمدريد للإيجار، نظير 8800 جنيه إسترليني شهريًا، ويمكن للمستأجر أن يستمتع في قصر رونالدو بحمامات سباحة داخلية وخارجية، وصالة ألعاب رياضية حديثة وملعب كرة قدم و7 غرف نوم.
ويمتلك أسطورة البرتغال وقائد النصر السعودي فيلا للعطلات بقيمة مليون و400 ألف جنيه إسترليني في ماربيا، اشتراها عام 2019، وتضم 4 غرف نوم ومسبح، وتطل على البحر الأبيض المتوسط، وأخيرًا يمتلك رونالدو قصرًا فخمًا داخل المملكة العربية السعودية.
رونالدو والإنتاج السينمائي
في أبريل 2025، أعلن كريستيانو رونالدو، عن انطلاق مشروع استثماري جديد يضعه في دائرة الإنتاج السينمائي، ليبدأ فصلاً جديدًا في مسيرته بعيدًا عن المستطيل الأخضر، بالتعاون مع المخرج السينمائي الشهير ماثيو فون، حيث سيعملان معًا على إنتاج فيلم جديد.
ويهدف الثنائي إلى إطلاق علامة تجارية جديدة في عالم السينما تحت اسم "UR MARV"، وهو استوديو أفلام مستقل يركز على احتضان التكنولوجيا المبتكرة، ليكشف رونالدو عن حبه للأفلام بجانب نجاحاته الرياضية.
استثمار رونالدو في الصحة
في أكتوبر 2023، أعلنت شركة "بايونيك Bioniq"، التي توفر المكملات الغذائية المخصصة بناءً على بيانات المؤشرات الحيوية للدم، أن كريستيانو رونالدو قد استثمر في الشركة، مما رفع إجمالي قيمة الشركة إلى 82 مليون دولار، كما سيشارك رونالدو أيضًا في الابتكارات المستقبلية للعلامة التجارية ومنتجات الشركة.
وتجمع الشركة بين التحليل المتقدم للمؤشرات الحيوية للدم والبيانات الصحية التي يتم تقديمها ذاتيًا، وتنتج مكملات غذائية مخصصة بنسبة 100%، مصممة لتلبية الاحتياجات الصحية الفردية، وتباع منتجات Bioniq في أكثر من 70 دولة، وقد نمت قاعدة مستخدميها بأكثر من 5 أضعاف في عام 2024.
وقد صرح رونالدو حينها قائلاً: "إن دعم Bioniq يتجاوز كونه مجرد فرصة استثمارية، إنه يتعلق بالتوافق مع رؤية مشتركة للصحة والأداء وإطالة العمر. أنا شخصيًا أستخدم منتجاتهم منذ ثلاث سنوات تقريبًا، وأعتقد أن لديهم القدرة على تغيير طريقة العناية بأجسامنا ومساعدة الناس على الوصول إلى قمة أدائهم والحفاظ عليه لفترة أطول".
حلم رونالدو بامتلاك الأندية
عبّر كريستيانو رونالدو، في مقابلة مع قناة "كانال 11" التلفزيونية البرتغالية، عن حلمه بامتلاك عدة أندية بعد اعتزاله، قائلا: "إذا كان بإمكاني أن أصبح مالكًا للنادي، فلماذا أكون مدربًا أو مديرًا رياضيًا أو رئيسًا تنفيذيًا؟.. هذا هو حلمي، وأنا متأكد من أنني سأحققه.. أتمنى ليس فقط أن أمتلك ناديًا واحدًا، بل عدة أندية".
ومن خلال الاستثمار في نادٍ لكرة القدم، سيتبع رونالدو بذلك خطى لاعبين مثل النجم البرازيلي السابق رونالدو نازاريو، الذي يمتلك حصة أغلبية في "ريال بلد الوليد" الإسباني، وقائد منتخب إنجلترا السابق ديفيد بيكهام، وهو المالك المشارك لـ"إنتر ميامي".
رونالدو والاستثمار المتنوع
لا يتوقف نشاط النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو، داخل حدود ملاعب كرة القدم، لكنه يتجه يومًا بعد يوم لتوسيع دائرة استثماراته التجارية، إذ يجيد توظيف أمواله، في مجموعة من الشركات الكبرى، فقبل 10 أعوام، عقد رونالدو، شراكة مع مجموعة فنادق "بيستانا" لتدشين العلامة التجارية لفنادق "بيستانا سي آر سيفت لايف ستايل Pestana CR7 Lifestyle Hotels"، وتقع هذه الفنادق في نيويورك ومدريد ولشبونة ومراكش وفونشال، بحسب موقع بيستانا.
وتشمل أحدث استثمارات رونالدو، الاستحواذ على مركز "لشبونة راكت سنتر Lisboa Racket Center"، وهو نادي للتنس والبادل في لشبونة، كما اشترى حصة 10% في شركة صناعة الخزف البرتغالية "فيستا أليغري أتلانتس Vista Alegre Atlantis" في 2024، بعد عام من انضمامه إلى مجموعة من المستثمرين لشراء شركة إعلامية تمتلك "كوريو دا مانها Correio da Manha"، إحدى الصحف اليومية الأكثر قراءة في البرتغال.
علامة CR7 التجارية
استثمر "الدون" كذلك بشكل كبير في صناعة الأزياء، إذ تصنّع علامته التجارية الخاصة CR7 مجموعة متنوعة من المنتجات، مثل الملابس والإكسسوارات والأحذية والعطور والنظارات، كما يمتلك رونالدو شركة تصنّع الملابس الداخلية للجنسين، بالإضافة إلى ذلك فقد طوّر عطر Eden Perfume كريستيانو رونالدو بالشراكة مع شركة بريطانية لإنتاج العطور.
طائرات رونالدو الخاصة
يمتلك النجم كريستيانو رونالدو كذلك، العديد من الطائرات الخاصة، فقد اشترى مؤخرًا طائرة "جلف ستريم G650" بقيمة 73 مليون دولار، وهي واحدة من أسرع الطائرات الخاصة في العالم، والتي تتميز بتصميم داخلي فاخر يتسع لـ19 راكبًا.
وبالرغم من أنه لا يؤجر هذه الطائرة الجديدة، إلا أن رونالدو يؤجر طائراته الخاصة الأخرى، بما في ذلك "بومباردييه جلوبال إكسبريس 6500"، بحوالي ثلاثة آلاف يورو في الساعة.
موعد اعتزال رونالدو
لا يزال كريستيانو رونالدو، يواصل ممارسة كرة القدم، مع بلوغه سن الأربعين، في فبراير الماضي، حيث يطمح نحو تحقيق حلمه بالوصول إلى الهدف رقم 1000 في مسيرته الكروية، فيما يتوقع أن يواصل النجم البرتغالي رحلته حتى نهائيات كأس العالم 2026، والتي تقام في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك.
الأسطورة البرتغالية في عالم كرة القدم لم يعط أي إشارة إلى الموعد الذي يخطط فيه للاعتزال، حيث يواصل تمثيل بلاده، وقال في مقابلته مع "كانال 11": "ما زلت أحب التدرب، الأمر ليس كما كنت في العشرين من عمري، لكني ما زلت أشعر بالشغف.. يقول أصدقائي إنه ليس لديك حياة على الإطلاق. هذا صحيح، لكني أحب ذلك، وأعلم أنه سينتهي خلال سنة أو سنتين أو ثلاثة أعوام. لا أعرف. أنا لا أهتم بذلك أيضًا".
لقد جلبت مسيرة كريستيانو الكروية ثروة غير مسبوقة، ولا تزال مشاريعه التجارية في نمو، بفضل استثماراته في شركات متعددة، كما يتمتع "الدون" بسمعة طيبة في تنويع دخله وبناء محفظة استثمارية ضخمة، ومع اقترابه من نهاية مسيرته الكروية، تتوسع اهتماماته التجارية باستمرار.
