كيف صنعت التايكوندو من أوليفيا سميث أغلى مهاجمة في العالم؟
جذبت أوليفيا سميث، مهاجمة نادي أرسنال الإنجليزي، أنظار الصحافة العالمية بعد أن أصبحت رسميًا أغلى لاعبة في تاريخ كرة القدم النسائية، عقب انتقالها من ليفربول إلى أرسنال في صفقة ضخمة أُعلن عنها في 17 يوليو 2025، متخطية الرقم القياسي السابق الذي سجلته الأمريكية ناعومي غيرما، المنتقلة إلى تشيلسي مقابل 883 ألف جنيه إسترليني.
تنحدر سميث من أصول جامايكية وتشيلية وبيروفية، رغم جنسيتها الكندية، ما منحها خلفية ثقافية متنوعة انعكست في شخصيتها الرياضية، وقد أصبحت أول لاعبة في التاريخ تتجاوز قيمة انتقالها حاجز المليون جنيه إسترليني، لتكسر بذلك الهيمنة الرقمية على سقف تعاقدات كرة القدم للسيدات.
اقرأ أيضًا: لماذا لا تزال كرة القدم النسائية أقل تقييمًا؟.. دراسة تجيب
يروي ماركو ميلانوفيتش، مدرب فريق تورنتو إف سي الكندي، أول مشهد شاهده فيها قبل 11 عامًا، قائلًا: "رأيت فتاة صغيرة ذات شعر مجعد ترسل تمريرة قطرية مثالية، رغم أن طولها بالكاد كان يصل إلى خصري"، وقتها كانت أوليفيا في العاشرة من عمرها فقط، لكنها أبهرت جميع المدربين بموهبتها الطبيعية وقدرتها على قراءة الملعب.
أما مارك كريكوريان، المدرب السابق لفريق جامعة ولاية فلوريدا، فقد وصفها بقوله: "حين انضمت إلى أحد المعسكرات التدريبية، قلت فورًا إنها قد تكون أكثر لاعبة موهوبة نضمها على الإطلاق".
ومن بين أوائل من اكتشفها أيضًا، جوي لومباردي، الذي كان يعمل حينها كشافًا في منتخب كندا، ورآها لأول مرة في 2016 تركض على الجناح الأيمن وتتجاوز منافسات يكبرنها بعامين بقدمها اليسرى المذهلة.
أوليفيا سميث والتايكوندو سر التألق في الملاعب
ورغم أن مسيرتها الاحترافية ارتبطت بكرة القدم، إلا أن بداية أوليفيا كانت مع التايكوندو، الذي مارسته في طفولتها كوسيلة للدفاع عن النفس، وتُرجع سميث الفضل لهذه الرياضة في بناء قوتها الجسدية، وتحسين توازنها وانسيابيتها، ما انعكس مباشرة على أدائها الكروي.
ومع التقدم في مسيرتها، أصبحت تتمتع برشاقة بدنية وقدرة كبيرة على التحكم في المساحات الضيقة، وتحويلها إلى مسرح دائم للحركة. كما تتقن اللعب في أكثر من مركز، سواء كجناح أو كلاعبة رقم 10، وهو ما جعلها هدفًا مثاليًا لأندية القمة في أوروبا.
ما يميّز سميث، بحسب مدربيها، ليس فقط موهبتها الفطرية، بل روحها القتالية والتزامها الشديد بالتدريبات، يروي ميلانوفيتش أنها كانت تتدرب حتى مع الأولاد في فرق الناشئين، وتطلب دائمًا المزيد من الحصص التدريبية. لدرجة أن المدربين اضطروا أحيانًا لإيقافها خوفًا من الإفراط في المجهود.
اقرأ أيضًا: فيفا يشيد بتطور وإزدهار كرة القدم النسائية في السعودية
وكانت سميث، منذ سن السادسة، تُشيد بأنها تملك القدرة على اللعب مع فئات عمرية أكبر منها، وهو ما جعل الأندية التي مرّت بها تدرك مبكرًا أنها مشروع نجمة استثنائية.
ولم تكن أوليفيا فقط لاعبة موهوبة، بل عاشقة لكرة القدم بجميع تفاصيلها. كانت تُدوّن مهارات الظاهرة رونالدو والأسطورة بيليه، وتعيد مشاهدة مقاطعهم، وترسم ملامح حلمها في مذكراتها: أن ترتدي قميص منتخب كندا، تفوز بالكرة الذهبية، وتُصبح أسطورة.
ويقول عنها كريكوريان: "ما يميزها أكثر من المهارة، هو قدرتها على رفع مستوى زميلاتها في الفريق... إنها لاعبة جماعية استثنائية".
واليوم، تتوّج أوليفيا سميث مسيرتها المبكرة بهذا الانتقال التاريخي إلى أرسنال، لكنها، كما تؤكد كل الشهادات المحيطة بها، لا تنوي التوقف هنا. فالموهبة وحدها لا تصنع أسطورة، بل الشغف، والالتزام، والرغبة في التطور... وكلها تجتمع في أوليفيا.
